بدء العد التنازلي.. ماذا يعني إقامة COP30 في البرازيل؟
تحمل استضافة البرازيل لـCOP30 معنى كبيراً؛ خاصة بعد خروج اتفاقات ريو دي جانير المحورية الثلاث هناك.
يبدأ العد التنازلي لانطلاق الدورة الثلاثين من مؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية (COP30)، والذي ينطلق في مدينة بيليم بالبرازيل بين يومي 10 إلى 21 نوفمبر/تشرين الثاني للعام 2025. ينطلق المؤتمر على أطراف غابات الأمازون، رئة العالم، وفي نفس الدولة التي استضافت قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، وشهدت ميلاد 3 اتفاقيات محورية في العمل البيئي بشكل عام: "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي" (UNFCCC)، "اتفاقية التنوع البيولوجي" (CBD)، و"اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر" (UNCCD). والآن بعد مرور نحو 33 عامًا، تستضيف الأراضي البرازيلية COP30. وهذا يمكن اعتباره احتفالا بمرور 30 دورة للمؤتمر الذي خرجت الاتفاقية التي يقوم عليها هناك في البرازيل.

وتقول "غوى النكت"، المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حوار لها مع «العين الإخبارية»: "ورغم التحديات، للبرازيل إرث دبلوماسي فريد منذ قمة ريو 1992، ما يمنحها قدرة على قيادة المفاوضات في زمن الانقسامات العالمية". وهذا من شأنه أن يُعطي رمزية عالمية كبيرة للمكان الذي خرج باتفاقيات صارمة لدعم البيئة. وكان اختيار البرازيل لمدينة بيليم لإقامة المؤتمر موفقًا؛ فبحسب "النكت": "اختيار بيليم، على أطراف الأمازون، يرمز إلى الترابط بين المناخ والطبيعة والتنمية والعدالة، ويضع الفئات الأكثر هشاشة في صدارة الاهتمام".
دعم الغابات؟
تضم البرازيل مساحات شاسعة من غابات الأمازون، ويعتمد الاقتصاد البرازيلي بصورة كبيرة على موارد الغابات. وهناك أهمية خاصة بالصحة أيضًا تتعلق بالغابات، توضحها "ميلينا سيرجيفا"، مسؤولة الاتصال لشؤون أمريكا اللاتينية، لـ"العين الإخبارية": "الأمازون ليس مجرد مكان يواجه أزمة - بل يُمكن أن يكون أيضًا نموذجًا لكيفية تغيير المسار. إن حماية هذه الغابة المطيرة واستعادتها يمكن أن تُظهر للعالم معنى التحول من الأنظمة المدمرة إلى أنظمة تضع الصحة والمناخ والعدالة في المقام الأول".
عند النظر إلى موقعها على الخريطة، نجدها في الجنوب العالمي المتأثرة بشدة؛ نتيجة الاحتباس الحراري، ما يضع الغابات في صدارة التأثيرات الضارة للتغيرات المناخية مثل حالات اندلاع الحرائق، والتي وصلت ذروتها في عام 2024 متسببة في احتراق نحو 30.86 مليون هكتار، بزيادة تُقدر بـ 79% مقارنة بعام 2023. يُذكر أنّ عام 2024 -بحسب "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" (WMO)- كان الأعلى في درجات الحرارة على الإطلاق؛ إذ بلغ متوسط درجات الحرارة العالمية إلى 1.55 درجة مئوية، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
لذلك، تعتزم رئاسة COP30 على إطلاق "مرفق الغابات الاستوائية إلى الأبد" (Tropical Forest Forever Facility)، والذي يضع هدفًا طموحًا يهدف إلى جمع نحو 125 مليار دولار، لدعم الغابات، من خلال استثمار لتوجيه الربح للدول النامية التي تحافظ على غاباتها. لكن آليات الصندوق ليست واضحة بعد، ومن المقرر مناقشتها خلال COP30.
من جانبه، يرى "خالد سليمان"، الباحث البيئي أنّه على الرغم من أنّ سيادة البرازيل للمؤتمر هذا العام له دلالة؛ خاصة أنها تضم مساحات شاسعة من الأمازون التي تساهم بصورة كبيرة في التقاط وتخزين الكربون، لكن بحسب تصريحاته لـ"العين الإخبارية": "لا ننس أيضًا البرازيل اليوم تواجه مشاكل كبيرة اليوم، مشاكل اقتصادية ومشاكل زراعية، وهناك لا ندري الآن سياسة الحكومة الحالية، فهل هذه السيادة تضع حد للتدهور البيئي الحاصل؟ وهل تمنع الشركات الخاصة في الاستثمار في غابات الأمازون؟ ما زلنا ننتظر سياسة الحكومة الحالية، لكن الحكومة السابقة والرئيس السابق للبرازيل، كان له دور سلبي جدًا وكان يسمح للشركات أن تستثمر وتزيل الغابات من أجل الصناعات ومن أجل التحطيت وما إلى آخره، فكل السياسات السابقة أدت إلى فقدان كبير للتنوع البيولوجي في البرازيل".
مع ذلك، هناك الكثير من الآمال المعلقة على الغابات خاصة؛ ربما لرمزية البرازيل المشهورة بغابات الأمازون البديعة، لذلك تتجه الأنظار إلى المخرجات المتعلقة بالغابات تحديدًا. وفي هذا الصدد، تقول "النكت" للعين الإخبارية: "من أبرز المخرجات المنتظرة وقف إزالة الغابات واستعادة المتدهور منها بحلول 2030".
التمويل إلى الواجهة
خرج "الهدف الجماعي الكمي الجديد" (NCQG) عن COP29 في باكو بأذربيجان، والذي هدف إلى تعبئة نحو 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول العام 2035، لدعم البلدان النامية على أن تُوفر الدول المتقدمة ما لا يقل عن 300 مليار دولار سنويًا. لم يلق هذا الهدف قبولًا واسعًا؛ خاصة وأنّ التمويل المناخي في زيادة مستمرة مع تفاقم آثار التغيرات المناخية التي تعاني منها -بصورة خاصة- الدول النامية والبلدان الأقل نموًا، وبالفعل كانت هناك الكثير من الآمال المنعقدة على COP29 للخروج بهدف جماعي كمي جديد يستوعب الاحتياج المالي لدعم العمل المناخي؛ خاصة وأنّ هذا الهدف من المقرر أن يحل محل الهدف البالغ 100 مليار دولار، والذي صدر عن COP15 في كوبنهاغن عام 2009. لذلك، هناك العديد من الجدالات حول قضية التمويل التي تنتظر المفاوضون في بيليم.
التكيف المناخي
ما زالت قضية التكيف المناخي من أبرز القضايا محل الخلاف في مفاوضات المناخ؛ خاصة وأنّ التكيف يحتاج إلى تمويل كبير، وتزداد فجوة التكيف عامًا بعد عام، وتزداد صعوبة تحقيق تقدم ملموس في "الهدف العالمي للتكيف" (GGA)، والذي يشغل المادة 7 من اتفاق باريس، وترجع صعوبة تحقيق تقدم في التكيف المناخي إلى التمويل المناخي والموارد اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية؛ إذ تمتلك الدول المتقدمة الموارد والقدرات والتكنولوجيا وكذلك التمويل، لكنها لا تريد أن تتحمل كلفة تكيف الدول النامية والأقل نموًا بسهولة؛ علمًا بأنّ الدول المتقدمة هي المسؤولة تاريخيًا عن انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في الاحترار العالمي الذي يعاني منه البشر اليوم، وتتأثر بشدة الدول النامية والبلدان الأقل نموًا. من جانبها، ترى "النكت" أنّ هناك ضرورة للتوصل إلى اتفاق واضح بشأن الهدف العالمي للتكيف في COP30.
المساهمات المحددة وطنيًا
يُمثل العام 2025 أحد الأعوام المحورية؛ إذ تقول "غوى النكت" لـ"العين الإخبارية": "ويعد عام 2025 محطة مفصلية إذ يتعين على الدول تحديث مساهماتها الوطنية للحد من الانبعاثات، بينما تسجل الانبعاثات مستويات قياسية، ما يزيد الضغط لضمان استجابة فعالة". وفيما يتعلق بالمساهمات المحددة وطنيًا (NDCs)؛ فهذه هي الجولة الثانية لكي تُسلم كل دولة من دول الأطراف مساهماتها المحددة وطنيًا، لكن ما الذي حدث؟ حتى نهاية سبتمبر/أيلول، لم تُسلم سوى 64 دولة خطتها. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ المساهمات المحددة وطنيًا تمثل خطة عمل وطنية لكل دولة من دول الأطراف بهدف خفض الانبعاثات وتحقيق هدف عدم تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية بحلول العام 2030.
خروج الولايات المتحدة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عزمه خروج الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاق باريس قبل بدء ولايته، الأمر الذي أثار سخط الناشطين البيئيين حول العالم؛ خاصة أنّ الولايات المتحدة الأمريكية من الدول المسؤولة تاريخيًا عن انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسببت في الاحتباس الحراري. مع ذلك، ظل الإصرار الأمريكي قائمًا، وهنا تبرز حالة من الجدل بشأن خط سير المفاوضات في بيليم؛ إذ من المقرر أن تخرج الولايات المتحدة بشكل نهائي مع بداية 2026، وبالفعل أعلن البيت الأبيض، قبل انطلاق المؤتمر بأيام قليلة، عن عدم عزم الولايات المتحدة على إرسال ممثلين رفيعي المستوى لبيليم لحضور COP30. وهذه إشارة على إصرار رئاسة ترمب للخروج من الاتفاقية، ما يضع المفاوضات المناخية في مأزق؛ فإحدى الدول المسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات الدفيئة، ما زالت تتنصل من المسؤولية، خاصة فيما يتعلق بالتمويل المناخي، والذي عادةً تدور المفاوضات على أنه إلزامي للدول المتقدمة على رأسهم الولايات المتحدة.
بينما يقترب COP30، ما زال مكان انعقاد COP31 مجهولًا حتى الآن؛ إذ تتصاعد الخلافات بين أستراليا وتركيا في هذا الصدد، لكن من المقرر أن يتم حسم هذه القضية أيضًا خلال COP30 إذا لم تُحسم قبل ذلك.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA== جزيرة ام اند امز