اتفاق "الشراكة عبر الهادئ" ينهض من كبوته في مواجهة ترامب
11 دولة توقع اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ إثر سنة من انسحاب الولايات المتحدة منه، فيما يوجه موقفاً قوياً في وجه المساعي الحمائية.
ينهض اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ من كبوته بعد أن اعتبر في حكم الميت، إثر سنة من انسحاب الولايات المتحدة منه، لتوقعه، غدا الخميس، في تشيلي 11 دولة من أمريكا وآسيا، فيما يوجه موقفاً قوياً في وجه المساعي الحمائية.
روجت واشنطن في عهد الرئيس باراك أوباما للاتفاق ووُقع في 2016 بعد سنوات من المفاوضات شملت 12 بلدا مطلاً على المحيط الهادئ هي الولايات المتحدة وأستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام.
لكن وقبل دخوله حيز التنفيذ، أعلن الرئيس دونالد ترامب الانسحاب منه مهددا الاتفاق الذي كان يطمح ليشمل دولاً تمثل 40% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي وقرابة 25% من التجارة العالمية.
ويتذكر مسؤول الوفد التشيلي فيليب لوبيانديا أنه بعد قرار ترامب الصادم "عبر الجميع على الفور عن التزام قوي جداً بشأن ضرورة توجيه إشارة سياسية للعالم وللولايات المتحدة بأن الاتفاق جيد، وأننا لن نبقى بالتالي مكتوفي الأيدي".
وبعد سنة، سيتم في سانتياجو في تشيلي توقيع الاتفاق الذي بات يسمى الشراكة العالمية والتقدمية عبر المحيط الهادئ متضمنا تقريباً كافة بنود النص الأصلي ما عدا 20 بنداً متصلة بالملكية الفكرية فرضتها واشنطن. وتقول تشيلي إن الفصل المتعلق بالملكية الفكرية "أكثر توازناً" في الاتفاق الجديد.
ضد الحمائية
ويمثل التوقيع موقفاً معارضاً للنزعة الحمائية السائدة بعد إعلان ترامب عزمه فرض رسوم جمركية باهظة على الصلب والألومنيوم، الأمر الذي يهدد باندلاع حرب تجارية.
وقال لوبيانديا: "هذا يعيد بعض الثقة إلى القدرات الإقليمية أو قدرة دول مختلفة على التقدم في إبرام اتفاقات مهمة".
مع ذلك، يصعب تجاهل الضربة القوية التي مثلها انسحاب واشنطن إذ لم يعد الاتفاق يشمل سوى 15 إلى 18% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، لكن أجناسيو بارتساجي، أستاذ إدارة الأعمال في جامعة أوروجواي، يقول إنه "لا يمكن مع ذلك الاستخفاف بالاتفاق. إنه الاتفاق الأكثر عصرية الذي وقع على المستوى العالمي قاطبة".
وأضاف: "ليس هناك اتفاق تجاري يشمل مثل هذا العدد من الدول ويتضمن 30 فصلاً تتناول مسائل على هذه الدرجة من المعاصرة في التجارة العالمية".
أعدت واشنطن الاتفاق بصفته وسيلة لمواجهة تنامي نفوذ الصين في التجارة العالمية لكن ترامب هاجمه بحجة إنه يهدد مصالح العمال الأمريكيين.
ولكن في نهاية يناير/ كانون الثاني، عاد وألمح إلى احتمال عودة بلاده، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب التوصل "إلى اتفاق أفضل بكثير" بدلا من الاتفاق الجديد الذي وصفه بأنه "فظيع".
وقال بارتساجي إن مستشاري ترامب "توصلوا شيئاً فشيئاً إلى جعله يدرك دور الولايات المتحدة في منطقة آسيا المحيط الهادئ ودور اتفاق الشراكة في هذه المنطقة، ليس من الناحيتين الاقتصادية والتجارية فحسب، وإنما الجيوسياسية كذلك".
معيار جديد
ولكن اليابان بدت متشككة. وقال مسؤول ملف التفاوض عن الحكومة اليابانية كازويوشي أومموتو: "إذا عادت الولايات المتحدة واتخذت موقفا يتسم بمزيد من الإيجابية إزاء اتفاق الشراكة فهذا أمر نرحب به، ولكن لن يكون الأمر بهذه السهولة".
يتضمن الاتفاق إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية مثل اعتماد أعراف مشتركة في عدة قطاعات بين البلدان الموقعة التي يبلغ عدد سكانها 500 مليون نسمة.
وتقول وزارة الخارجية التشيلية إن اتفاق الشراكة "يحدد معياراً جديداً لأي اتفاق اقتصادي إقليمي شامل بما في ذلك بالنسبة للمفاوضات المقبلة داخل منظمة التجارية العالمية أو منتدى آسيا المحيط الهادئ".
يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد 60 يوماً من مصادقة 6 على الأقل من البلدان الـ11 الموقعة. وهذا يعني بالنسبة لتشيلي "توسيع سوقنا المحتمل وإمكانية حصول شعبنا على عدد أكبر من المنتجات"، وفق رئيس غرفة التجارة في ليما ماريو مونجيلاردي.
تذهب 17% من صادرات تشيلي إلى بلدان اتفاق الشراكة، وحتى وإن أبرمت اتفاقات للتبادل الحر مع بعض من هذه الدول، فإن الاتفاق الجديد يحسن شروط وصولها إلى هذه الأسواق. فهي بات يمكنها الحصول على سبيل المثال على نحو ألف من المنتجات برسوم أقل علما أن اتفاقها مع اليابان لا يشملها.
وستحسن بالمثل المكسيك وبيرو قدرتهما على دخول أسواق دول على الضفة الأخرى مثل فيتنام وماليزيا.