"فرصة ونعمة ونقمة".. انقلاب النيجر في ميزان القوى الدولية والأمن
لا يمر حدث كبير في أي دولة، على موازين القوي العالمية مرور الكرام، من الحروب إلى النزاعات وحتى الانقلابات تجد لها جوانب خفية.
وفي القراءات السياسية لتلك الأحداث وآخرها انقلاب النيجر، يرى فيه الخبراء نقمة وتهديدا للمصالح الأمريكية والفرنسية في القارة الأفريقية، بينما يعتبرونه نعمة للصين وروسيا، لكنه على الجانب الأمني يمثل تهديدا للاستقرار في غرب أفريقيا وفرصة للجماعات المتطرفة.
واعتبرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية أن "الانقلاب سيزيد من معاناة الأفارقة، ويمكن الجماعات المتطرفة من كسب موطئ قدم لها وتوسيع مناطق نفوذها في القارة، ولا يتوقع أن تعود النيجر للديمقراطية في المدى القريب".
وأشارت إلى أن "آمال فرنسا بأن تسارع القوات المسلحة النيجرية لإنهاء الانقلاب الذي قام به قائد الحرس الرئاسي سرعان ما تبددت عندما انحاز الجيش للانقلاب، في الوقت الذي انتهى فيه الموعد الذي حدده قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لإعادة الجيش الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة، كما بدأ".
اختبار للأمم المتحدة
لقد وقعت التطورات في النيجر في أعقاب الوضع الأمني المتدهور في بوركينا فاسو، الذي يؤثر أيضاً على الدول الأخرى في المنطقة. ويًعد هذا اختباراً مبكراً لممثل الأمم المتحدة الخاص لمنطقة غرب أفريقيا والساحل ليوناردو سيماو، الذي يتعين عليه حشد رد فعل قوي، ومن المتوقع أن يقوم سيماو الذي كان وزيراً للخارجية في موزمبيق بالعمل على استجماع رد فعل أفضل مما حدث حتى الآن لمواجهة المخاطر في أفريقيا والساحل.
كانت الإيكواس تخطط لتشكيل فريق لمواجهة الأزمات، لكنها فشلت في تمويله حتى الآن، ورغم الإعلان عن اجتماع لوزراء الدفاع في المنظمة، إلا أن الاحتمالات بحدوث تدخل عسكري أفريقي ضئيلة للغاية، ما لم يتم تمويله ودعمه من جانب الولايات المتحدة وفرنسا.
فوائد عدوى "الانقلابات"
ورأت المجلة أن عسكريي النيجر استفادوا من الانقلابات التي شهدتها مالي، وغينيا، والسودان، وبوركينا فاسو، وغينيا بيساو وانسحاب أمريكا وفرنسا، ودعوة الروس إلى تلك الدول، في شكل سمح لمجموعة فاغنر بالدخول.
وأكدت المجلة أنه "إذا لم تقم أمريكا وفرنسا بإعادة تقييم نهجيهما ومشاركتهما في أفريقيا فإنهما تخاطران بتزايد نفوذ الصين وروسيا في القارة، وهو ما يعني خسارة الوصول إلى المعادن الاستراتيجية، ومن بينها أكثر من 7% من يورانيوم العالم في النيجر، إلى جانب خسائر جغرافية وأمنية وتجارية".
تغيير الاستراتيجية
هذه التطورات توجب على الدولتين تعزيز حكم القانون والديمقراطية في الدول الأفريقية مع امتلاك الجرأة أيضاً للتعامل بصورة براغماتية مع الأنظمة غير الديمقراطية والحكومات العسكرية.
وتوضح المجلة أن البراغماتية لا تعني تأييد الانقلابات على حساب حقوق الإنسان، بل تعني خدمة مصالح الفقراء، المحرومين من الحقوق باختيار أقل الشرور.
ويرى التقرير أن المخاطر التي تواجه غرب أفريقيا واضحة بالفعل. فتشير تقارير إلى تعرض قطاع التعدين في كوت ديفوار إلى غارات يومية تنطلق من بوركينا فاسو لسرقة معدات التعدين والمواد الغذائية، وتواجه ليبيا، وتشاد، وتوجو، وغانا، والسنغال، وبنين، ونيجيريا وكوت ديفوار وضعا أمنيا خطرا نتيجة الانقلابات في النيجر وبوركينا فاسو.
مصير النيجر
وخلص التقرير إلى أنه لمعرفة مصير النيجر في المستقبل، ينبغي أن يترقب دلالات معينة، مثل أداء الجيش في مواجهة الجماعات المتطرفة، فإذا خسرت قوات الحكومة عدة معارك مهمة على التوالي أو تم اجتياح قاعدة عسكرية رئيسية، أو إذا ما وقعت هجمات كبيرة في نيامي العاصمة، كما حدث في بوركينا فاسو، حينئذ يجب أن تعلم أمريكا أن الوضع يزداد تدهوراً بسرعة.
وهناك دلالة أخرى تتمثل في رحيل ضباط عسكريين كبار، أو مسؤولين حكوميين، أو مدنيين من النيجر، وكذلك إذا لم تتم إعادة فتح مكاتب المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة والسفارات التي تشهد إغلاقاً حالياً.
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNjEg جزيرة ام اند امز