تصفية "كريدي سويس" وإشهار إفلاسه.. كواليس تراجع سويسرا عن القرار الخطير
فكرت الحكومة السويسرية بالفعل في تصفية بنك "كريدي سويس" المتعثر وإشهار إفلاسه، لتضع بذلك سابقة تاريخية في عالم المصارف العالمية المهمة.
وعادة ما تنظر الحكومات إلى البنوك الضخمة على أنها "أكبر من أن تنهار"، بمعنى أنه لا يمكن السماح بإفلاسها خشية التداعيات السلبية التي قد تلحق بمثل هذا القرار.
وتشجع هذه النظرة، البنوك على خوض غمار مراهنات شديدة الخطورة لتحقيق مكاسب ضخمة، وهي تعرف أنه حتى في حالة الخسارة فلن تترك للانهيار.
- UBS يستغل استحواذه على "كريدي سويس" لجني الأرباح من الشرق الأوسط.. كيف؟
- رغم تعثر "كريدي سويس".. سويسرا تقر زيادة للفائدة تفوق "الفيدرالي"
هذه النظرة، عادة ما تثير سخط الشعوب من دافعي الضرائب، إذ يرون أن الرؤساء وكبار الموظفين التنفيذيين يتمتعون لأعوام طويلة بمكافآت مالية ضخمة نتيجة الأرباح التي تحققها البنوك بفضل المخاطرة، ولكن عندما يتعثر البنك فإن دافع الضرائب هو من يدفع الثمن من خلال خطط إنقاذ حكومية تنفذ بأموال الشعوب.
لماذا تراجعت سويسرا؟
وفقا لكارين سوتر وزيرة المالية السويسرية، توصلت الحكومة السويسرية إلى استنتاج في الأسابيع الأخيرة مفاده بأنه رغم إمكان تصفية بنك له أهمية عالمية مثل كريدي سويس قانونيا، "إلا أنه من الناحية العملية، سيكون الضرر الاقتصادي كبيرا".
وأضافت: "كان من المتاح أن تصبح سويسرا الدولة الأولى التي تصفي بنكًا عالميًا مهمًا"، إلا أنه "من الواضح أن الوقت لم يكن مناسبا لإجراء تجارب".
وأوضحت في مقابلة مع صحيفة نوفيه زورشر تسايتونغ، أن تصفية بنك كريدي سويس كان من شأنها أن تسبب أضرارا اقتصادية "كبيرة".
وتابعت: "جميع الخيارات الأخرى كانت، في رأيي، أكثر خطورة بالنسبة للدولة ودافعي الضرائب والبورصة السويسرية والأسواق الدولية".
واتفقت الحكومة والبنك المركزي السويسري وهيئة الرقابة على الأسواق (فينما) "على حقيقة أن إعادة هيكلة أو إفلاس كريدي سويس مع فصل أنشطته في سويسرا... من المحتمل أن تتسبب في أزمة مالية دولية"، وفق كارين كيلر سوتر.
غضب شعبي
وقوبل استحواذ بنك يو بي إس على كريدي سويس بمبلغ زهيد وضمانات مالية قوية من السلطات، بانتقادات شديدة في سويسرا.
وفق استطلاع للرأي نشرته الإذاعة والتلفزيون السويسريان الجمعة، فإن غالبية المواطنين (54%) لا يوافقون على استحواذ بنك يو بي إس على كريدي سويس.
وأردفت وزيرة المالية "أن كثيرين منهم غاضبون، وأنا أفهم ذلك جيدًا"، مضيفة "أعترف بأنني أيضًا أجد صعوبة في قبول ذلك. خاصةً عندما تكون أخطاء الإدارة قد ساهمت في هذا الوضع"ؤ لكن "الحل المعتمد يحمي الجميع بأفضل شكل".
وشددت على أنه في حال تأميم البنك، كان يجب على الدولة تحمل كافة المخاطر.
كما أكدت كيلر سوتر أن سويسرا لم تتعرض إلى ضغوط خارجية، وقالت "لم يدفعنا أحد في أي اتجاه معين. لكن كان من الواضح للجميع، بما في ذلك نحن، أن إعادة هيكلة كريدي سويس أو تصفيته من شأنهما أن يتسببا في اضطراب دولي خطير في الأسواق المالية".
كما انتقدت الوزيرة من اتهموا السلطات بالتحرك بعد فوات الأوان، بينما كان بنك كريدي سويس في حالة اضطراب لمدة عامين على خلفية سلسلة فضائح.
وقالت في هذا الصدد "ناقشت وزارتي والبنك المركزي السويسري وفينما سيناريوهات الطوارئ في يناير/ كانون الثاني في اليوم الثاني من تقلدي حقيبة المالية. كان يجب أن يتم ذلك خلف الكواليس حتى لا يضر بالثقة في كريدي سويس".
وتابعت "أبلغت المجلس الاتحادي بأكمله (الحكومة) بسيناريوهات الطوارئ في بداية فبراير/شباط".
aXA6IDMuMTQ5LjIzNy4yMzEg جزيرة ام اند امز