أزمة جديدة لـ"خامنئي".. رجال دين يتحركون ضد "الإعدامات"
يواجه مرشد إيران علي خامنئي حراكا متصاعدا بين رجال الدين الشيعة البارزين يعارض الجولة الجديدة من الإعدامات ضد المتظاهرين بذرائع مختلفة.
وأعرب مجموعة من رجال الدين الشيعة البارزين، معارضتهم للذرائع المقدمة لإعدام المحتجين، ومن بينها "المحاربة والفساد في الأرض"، مؤكدين أن إيران لا تستطيع قتل الناس باللجوء لمثل هذا الاتهام.
مرتضى مقتدائي، أحد أعضاء جمعية مدرسي الحوزة العلمية بمدينة قم (جماعة متشددة)، قال: "في الحالات التي يشتبك فيها شخص مع شخص آخر لا تعتبر هذه من مصاديق المحاربة".
وأضاف مقتدائي الذي كان رئيسًا للمحكمة العليا سابقًا: "إذا قتل مسلح شخصًا ما، فإنه يحكم عليه بالإعدام، أما إذا قام بالتهديد والترهيب فقط، فلن يصدر حكمًا بالإعدام".
وأبدى معارضته لتنفيذ حكم الإعدام بحق المتظاهر محسن شكاري الذي نُفذ يوم الخميس الماضي بطهران بذريعة إصابة عنصر من قوات الباسيج بجروح خلال احتجاجات بمدينة كرج غرب طهران.
بدوره، قال محمد علي أيازي، عضو جمعية الباحثين في حوزة قم: "ليس الأمر أنه إذا كان لأحدهم الحق في الاحتجاج على الوضع الحالي، يمنعه العملاء من التظاهر، وعندما يريد الدفاع عن حقه نسميه محاربا".
كما أعلن المرجع الديني محمد رضا رحمت، عضو مكتب تحقيق آثار روح الله الخميني وأحد تلامذته، أن الحكم على جرائم مثل تخويف الناس وإغلاق الشارع وإصابة شخص ما ليس "إعدامًا"، معتبراً في الوقت ذاته أن "هذه الأحكام سياسية".
وطالب عضو لجنة الاستفتاء الشرعية في مكتب الخميني، المرجعيات الشيعية بضرورة إعلان موقفها من أحكام المحاربة التي تطبقها السلطات القضائية الإيرانية في الأيام الأخيرة، قائلا: "من الضروري أن تعلن المرجعيات الدينية الكبرى رأيها في أحكام محاربة المطبقة هذه الأيام".
خامنئي مسؤول
بدوره، محسن كديور هو رجل دين معروف آخر حدد "علي خامنئي" باعتباره الشخص الرئيسي المسؤول عن إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام.
وقال إنه "مارس ضغوطاً على قيادة القضاء لإصدار أحكام الإعدام بحق المتظاهرين"، مضيفا: "في الواقع، تم إعدام عدد من المتظاهرين بأمر من خامنئي، وعلى أي حال، بلا شك يقف شخص خامنئي وراء الإعدام".
من جانبه، أعرب علي السيستاني، أحد المراجع الشيعية في العراق، عن قلقه من الأحداث الأخيرة في طهران، قائلاً: "لقد بعثت برسائل [إليهم] في بعض المناسبات، لكن للأسف ليس هناك شخص يسمع في إيران".
ولا بد أن معنى هذه الإشارة هو علي خامنئي، زعيم الجمهورية الإسلامية، المعروف بعناده وتجاهله للطلبات والنصائح.
فيما قالت صحيفة "جمهوري إسلامي" الأصولية، يوم الاثنين، "إن المجتمع لا يمكن أن يحكم بأحكام الفقهاء ويجب أن يحكم القانون".
وتضيف هذه الصحيفة "أن أكثر من 100 عام قد مرت على ادعاء هؤلاء العلماء أنه "لأن لدينا قانونًا شرعيًا، فلا داعي للقانون الوضعي"، لكن "بعض الناس ما زالوا يسيرون في نفس المكان".
كما أعربت جمعية الباحثين والمعلمين في مدرسة قم اللاهوتية، إحدى المنظمات الدينية المعروفة في إيران، عن قلقها من إعدام المتظاهرين بإصدار بيان وطالبت السلطات القضائية بتوخي "الحذر الشديد واللطف" في التعامل مع المحتجين.
ووصف هذا البيان إعدام محسن شكاري بأنه "فاجأ" و"جرح" الضمير العام، مؤكدا أن "إصدار وتنفيذ حكم الإعدام سيؤجج الاحتجاجات".
وجاء في هذا البيان: "التنفيذ ليس حلاً صحيحاً لتوفير الأمن وتقليل الالتهاب، بل هو حل غير صحيح؛ لأن هذا يزيد من غضب واستياء المجتمع"، معبراً عن معارضته الواضحة لإعدام بتهمة المحاربة.
إعدامات تشغل الغضب
بدوره، دعا زعيم السنة في إيران، مولوي عبدالحميد، السلطات الحاكمة في بلاده إلى وقف عمليات الإعدام التي يجري تنفيذها ضد المتظاهرين، مؤكداً أن "الإعدام يزيد من الكراهية للسلطات الحاكمة وليس له إلا إشعال نار غضب الأمة".
وذكر مولوي عبدالحميد، إمام جمعة مدينة زاهدان جنوب شرق إيران في تغريدة له عبر حسابه على "تويتر" على خلفية إعدام المتظاهر الثاني "مجيد رضا رهنورد" في مدينة مشهد صباح الاثنين، "الإعدام والقمع العشوائي لا نتيجة له إلا غضب الله تعالى وكراهية الشعب وإشعال نار غضب الأمة".
وأضاف مولوي عبدالحميد أن "على الحكومة أن ترى الحقائق وأن تسمع صرخات الشعب".
ورغم كل هذه الانتقادات والاحتجاجات، فإن بعض أنصار النظام الإيراني ووسائل إعلامهم يؤيدون إصدار أحكام الإعدام ويدافعون عن تنفيذها.
ووفقًا لبعض التقارير، حُكم على ما لا يقل عن 28 متظاهرًا تم اعتقالهم في إيران بالإعدام وينتظرون الإعدام، وكان محسن شكاري قد أعدم قبل أيام بنفس التهمة.
وأعلنت السلطات القضائية الإيرانية، الاثنين، إعدام المتظاهر الشاب "مجيد رضا رهنورد" بعد إدانته بقتل اثنين من عناصر قوات الباسيج في مدينة مشهد شمال شرق إيران خلال احتجاجات شعبية شهدتها المدينة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ونددت الولايات المتحدة والدول الأوروبية بإعدام رضا رهنورد، فيما فرضت أوروبا حزمة عقوبات شملت 20 شخصًا ومنظمة واحدة في إيران، وهي رد فعل على عنف الحكومة وإعدام مجيد رضا رهنورد.
وضمت القائمة هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، ورئيسها بيمان جبلي، بالإضافة إلى شخصيات مسؤولة في الأجهزة الأمنية والحرس الثوري، كما تمت معاقبة عبد الرحيم موسوي قائد الجيش الإيراني، وأحمد خاتمي إمام جمعة طهران.
وكانت بعض أحياء طهران، بما في ذلك هفت هوز ونارماك وستر خان وجيتغر، مسرحًا لتجمعات احتجاجية رداً على إعدام مجيد رضا رهنورد.
وفي مدينة مشهد ثاني كبرى المدن بعد طهران، خرجت احتجاجات شعبية منددة بحكم الإعدام، حيث وقف المحتجون أمام منزل مجيد رضا رهنورد.
وأعلن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في رسالة على تويتر أنه "مرعوب" من استمرار إعدام المتظاهرين الإيرانيين وشنق مجيد رضا رهنورد بعد ثلاثة أسابيع من الاعتقال.
وعبرت المكتب عن قلقها على حياة المتظاهرين المسجونين الآخرين، مذكّراً بأن هذه العقوبة انتهاك للحق في الحياة.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDYuODQg جزيرة ام اند امز