أزمة كردستان.. معركة صفرية ونذر حرب في كركوك
المتابع لأزمة كردستان العراق يشعر أنها باتت على مقربة من الدخول في نفق المعركة الصفرية بعد إصرار بغداد على وضع شروط مسبقة للحوار
في فن التفاوض يتعين على كل طرف من أطراف أي أزمة تقديم بعض التنازلات وصولا إلى حل يرضي الطرفين، وتبقى المشكلة التي تعوق هذا المسعى رغبة أي من الطرفين أو كليهما في الاحتفاظ بكل المكاسب وعدم التنازل عن أي شيء، وهو ما يؤدي إلى دخول الأزمة نفقا مظلما يؤدي في النهاية إلى ما يمكن تسميته بـ "المعركة الصفرية"، التي يرفع متبنوها شعار إما كل شيء أو لا شيء.
- كونفدرالية كردستان.. إلى أين ينتهي حوار بغداد-أربيل؟
- تركيا ترد على استفتاء كردستان ببوابة حدودية مع العراق
والمتابع لأزمة كردستان العراق وتداعياتها يشعر أن الأزمة باتت على مقربة شديدة من الدخول في هذا النفق المظلم، بعد إصرار بغداد على شروط مسبقة تجعل هناك استحالة للتفاوض، وبدأت نذر الحرب تلوح في الأفق بعد اتهام الحكومة العراقية أمس الأحد السلطات الكردية بجلب مقاتلين من حزب العمال الكردستاني إلى كركوك، قائلة إن وجودهم بمثابة "إعلان حرب".
ومنذ أن اندلعت الأزمة بعد الاستفتاء الذي أجرته السلطات بكردستان العراق في 25 سبتمبر الماضي وأسفرت نتائجه عن رغبة السكان في الانفصال عن العراق، ظهرت محاولات للتعامل معها عبر دعوة الطرفين إلى الجلوس على مائدة الحوار، غير أن هذه المساعي قوبلت بشروط مسبقة وضعها طرفا الحوار، لتدخل الأزمة نفق "المعركة الصفرية".
واشترط رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأربعاء قيام السلطات الكردية بإلغاء نتيجة الاستفتاء على الاستقلال، كشرط للحوار، ووجه في كلمة أمام البرلمان إنذارا لمسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق بتسليم السيطرة على مطارين دوليين إلى بغداد بحلول يوم الجمعة وإلا سيفرض العراق حظرا على الرحلات الجوية الدولية المباشرة إلى المنطقة الكردية.
لم يأت الرد على الشرط العراقي سريعا، وجاء أمس الأحد على لسان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نيجيرفان البارزاني، والذي قال في مؤتمر صحفي عقب اجتماع عقده القادة الأكراد في منتجع دوكان في محافظة السليمانية في الإقليم، إن القادة رفضوا هذا الشرط.
واتخذت الأزمة منحى آخر أكثر تصعيدا بعد أن بدأت تسير في اتجاه التهديدات العسكرية، واتهمت الحكومة العراقية، أمس (الأحد)، السلطات الكردية بجلب مقاتلين من حزب العمال الكردستاني إلى كركوك، قائلة إن وجودهم في كركوك "إعلان حرب".
ومن جهة أخرى، قال مسؤول أمني كردي أمس الأحد إن مقاتلي البشمركة الكردية رفضوا إنذارا من جماعات مسلحة عراقية للانسحاب من تقاطع استراتيجي جنوب كركوك يتحكم في الوصول لبعض حقول النفط، ووصفت حكومة كردستان العراق تصريحات الحكومة العراقية بأنها تحمل " تهديدات عسكرية" وتعهدوا بالدفاع عن الأراضي الخاضعة لسيطرتهم في حال التعرض لهجوم.
وقال مسؤول من مجلس الأمن التابع لحكومة إقليم كردستان العراق إن قوات الحشد الشعبي أمهلت مقاتلي البيشمركة مهلة حتى منتصف الليل بالتوقيت المحلي (21:00 بتوقيت غرينتش) أمس الأول السبت للانسحاب من موقع شمال تقاطع مكتب خالد.
وقال علي الحسيني المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي لـ"رويترز" إن المهلة انقضت دون أن يعطي أي مؤشرات بشأن خطوتهم المقبلة، وأضاف "نحن ننتظر أوامر جديدة... ليس من المتوقع حصول تمديد".
وقال المسؤول في حكومة إقليم كردستان إن الموقع الكردي الواقع شمال التقاطع الذي يصل إلى قاعدة جوية مهمة وحقل باي حسن النفطي أحد الحقول الرئيسية في الإقليم.
ولم ترد أنباء عن وقوع اشتباكات في الفترة التي أعقبت انقضاء المهلة، لكن التوتر ما زال قائما فيما يقوم الجانبان بالتعبئة.