استقلال كردستان.. الحوار "المشروط" يعقد الأزمة
بغداد أصدرت أوامر اعتقال رئيس لجنة الانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان واثنين من معاونيه ما يزيد الأزمة تعقيدا بين الجانبين
تصاعدت أزمة استقلال إقليم كردستان العراق ودخلت مرحلة خطيرة من التعقيدات رغم وجود بوادر للحوار الذي يمكن وصفه بأنه "يسابق هذا التصعيد" بين الطرفين، لكن يبدو أن التعقيدات أكبر من هذا "الحوار المشروط".
وفي خطوة تصعيدية جديدة بين الطرفين أصدرت بغداد، الأربعاء، أوامر اعتقال بحق رئيس لجنة الانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان واثنين من معاونيه عقب الاستفتاء الذي نظم في 25 سبتمبر/أيلول، وانتهى بتأييد لاستقلال الإقليم عن بغداد.
في المقابل رفض مسؤول بوزارة العدل في حكومة إقليم كردستان، قرار محكمة بغداد ووصفه بأنه "ذو دوافع سياسية"، وقال إن قضاء الإقليم مستقل عن بغداد ولا يعترف بأحكامها القانونية.
وكانت بغداد اشترطت منذ بداية الأزمة إلغاء نتائج الاستفتاء الذي أجري في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وأيده السكان بنسبة 92%، لحل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل، وهو أمر قابله قادة الإقليم بالرفض، مشترطين أن يكون" التحاور مع الحكومة العراقية بأجندة مفتوحة ودون شروط".
"كما اشترط فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي بالحزب الديمقراطي الكردستاني، "اعتراف بغداد بدولة كردستان" كشرط أساسي لبدء الحوار بين الطرفين لجعل الإقليم تابعاً "للكونفدرالية العراقية".
ورغم التعقيدات الظاهرة بين الطرفين إلا أن هناك جهوداً للوساطة قام بها عدد من السياسيين العراقيين بين بغداد وأربيل؛ حيث قام عدد من السياسيين العراقيين، بقيادة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري ونائبي رئيس الجمهورية العراقية إياد علاوي وأسامة النجيفي، بلعب دور الوساطة بين العراق وكردستان، في مساعٍ حثيثة لحل هذه الأزمة.
واعتبر رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري أن الأزمة بين حكومتي بغداد وأربيل بدأت تتحرك باتجاه جعل الأرض العراقية ساحة للتدخل الخارجي، وفق قوله.
ولفت عقب لقائه البارزاني في أربيل، الإثنين، إلى أن العودة للدستور العراقي ستفضي إلى الحل النهائي لأزمات البلاد المتفاقمة.
مرتكزات العبادي
والثلاثاء، حدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي 3 مرتكزات للحوار مع إقليم كردستان، بعد التوتر بين الإقليم وبغداد على خلفية هذا الاستفتاء.
وقال العبادي إن "أي حوار مع الإقليم يجب أن يرتكز على وحدة العراق والدستور ورفض الاستفتاء"، لافتاً إلى أنه "لا توجد قطيعة مع إقليم كردستان".
وحذر العبادي من "بروز أجندات تسعى لإثارة النعرات العنصرية في البلاد،" داعياً قوات البشمركة "لعدم التصادم مع القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها".
تصريحات العبادي جاءت بعد يوم واحد من التصريحات التي أدلى بها مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، والتي قال فيها: "إننا وحتى قبل إجراء الاستفتاء أعلنّا استعدادنا لإجراء مباحثات مفتوحة بعد الاستفتاء، واليوم أيضاً كردستان على استعداد للحوار بأجندة مفتوحة ودون شروط، كما سنمنح الوقت للحوار لحل جميع المسائل".
صراع طويل
وتوجه أكراد العراق إلى صناديق الاقتراع للتصويت في استفتاء على انفصال إقليم كردستان كدولة مستقلة عن العراق، على الرغم من رفض بغداد والدول الإقليمية والمجتمع الدولي، فضلاً عن أطراف كردية تحسبت للمخاطر المترتبة جراء هذه الخطوة.
وأثار الاستفتاء عدة مخاوف من صراع أوسع نطاقاً بعد أن رفضته أيضاً دول يعيش على أراضيهما أقليات كردية مثل تركيا وإيران.
كما أثار الاستفتاء مخاوف من إضعاف الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة ضد إرهابي تنظيم داعش.
وعلى إثر تلك الأزمة طلبت بغداد رسمياً من كل من إيران وتركيا التعامل مع الحكومة العراقية "حصراً" في كل ما يتعلق بالمنافذ الحدودية بين العراق وتلك الدولتين لحين تسليم إدارتها من قبل الحكومة الاتحادية العراقية، مع إيقاف جميع التعاملات التجارية على تلك الحدود، وبالأخص كل ما يتعلق بتصدير النفط وبيعه مع إقليم كردستان، وأن ترجع تلك الدولتان إلى بغداد حصراً فيما يتعلق بهذا الملف.
وأعلنت وزارة النفط العراقية أن الحكومة ستعيد فتح خط أنابيب نفط قديم يصل إلى تركيا متجاوزة الخط الذي تديره حكومة إقليم كردستان.
ويرى مراقبون أن بغداد تمتلك جميع الوسائل والأدوات الشرعية بالداخل والخارج للضغط على إقليم كردستان، رغم أن قادة الإقليم يملكون في مقابل ذلك، رضا شعبي كبير أظهرته نتائج الاستفتاء لمواجهة تلك الضغوط.
ويرتكز المراقبون على إعلان مجلس الأمن الدولي، معارضته للاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، وتحذيره من أن هذه الخطوة الأحادية من شأنها أن تزعزع الاستقرار، وجدد تمسكه بـ"سيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه".
وفي بيان صدر بإجماع أعضائه الـ15، أعرب مجلس الأمن عن "قلقه إزاء التأثيرات المزعزعة للاستقرار التي قد تنجم عن مشروع حكومة إقليم كردستان إجراء استفتاء بصورة أحادية الجانب ".
ومع تزايد المخاوف الدولية وتحذيرات دول الجوار لإقليم كردستان من المضي قدماً في إجراءات الانفصال، يرى محللون أن الأزمة قد تتحول لصراع سياسي طويل الأمد يتوقف على "طول نفس" الطرفين، بسبب التعقيدات والشروط التى يضعها الجانبان للدخول فى حوار جاد للوصول إلى حل مرضٍ للطرفين.
ويعزز تلك الفرضية أن المناطق المتنازع عليها بين الطرفين وبالأخص كركوك، في وضع لا يسمح بفصل للحدود داخلها، نظراً للخليط المعقد لسكان تلك المناطق الذي يجمع بين الأكراد والتركمان والعرب.
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، اعتبر الدستور "مرجعية" في التفاوض مع إقليم كردستان، مؤكداً أن الالتزام بالدستور العراقي وإلغاء نتائج الاستفتاء شرطان أساسيان للحوار مع الإقليم.
وكان البرلمان العراقي طالب بمحاكمة المسؤولين عن تنظيم الاستفتاء، وعلى رأسهم رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، كما طالب الحكومة بإبلاغ سفراء الدول بضرورة غلق ممثلياتها وقنصلياتها في كردستان.
aXA6IDMuMTM1LjIwOS4xMDcg جزيرة ام اند امز