حرب أكتوبر.. مؤسس "الفرقة 999" يروي ذكريات الألم والأمل
50 عاما مرت على حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 بين مصر وإسرائيل ولا تزال تتكشف أسرار جديدة يرويها أبطال شاركوا في المعركة.
"العين الإخبارية" التقت أحد أبطال حرب أكتوبر اللواء أركان حرب نبيل أبوالنجا، مؤسس "الفرقة 999" بالصاعقة المصرية ليتحدث عن ذكرياته مع الحرب، ومشاهد لا تُنسى عاشها ورفاقه في المعارك.
أبوالنجا حكى خلال المقابلة أيضا عن الحالة المصرية قبل الحرب، سواء على الجبهة من استعداد وتدريب متواصل لقوات الصاعقة في مناطق وعرة وأكل الثعابين والسحالي من أجل التعود على سيناء وأوضاع الحرب الصعبة.
ولم ينس الوضع الداخلي، حيث أشار إلى دعم لا محدود معنوي ومادي من المصريين لتحديث وتأهيل الجيش استعدادا للحرب، ما بين سيدات تبيع مشغولاتهن الذهبية للتبرع بها، ومواطنين في المستشفيات للتبرع بالدم.
ويحكي مؤسس "الفرقة 999" عن موقف مؤثر مثّل دافعا كبيرا، لافتا إلى أنه كان أصغر إخوته العشرة بعد هزيمة 1967 المعروفة بـ"النكسة". وعند عودته إلى البيت، طردته والدته ورفضت رؤيته بسبب غضبها لكون الإسرائيليين سيطروا على سيناء وهم (الجنود) في نظرها لم يدافعوا عنها.
وعن حرب أكتوبر 1973، قال أبوالنجا: "واجهنا أسلحة متطورة لدى إسرائيل، ولكن بالعزيمة والإصرار على تحقيق النصر، وبسلاح كنا نستخدمه دائما (الله أكبر) عبرنا القناة ورُفع العلم المصري على كل الحصون والمواقع بعد استردادها بدماء الأبطال".
4 كتائب صاعقة
وعن دور رجال الصاعقة في الحرب، قال أبوالنجا: "إن عناصر قوات الصاعقة كانت لديهم عزيمة من فولاذ، ولديهم إصرار على تنفيذ كافة المهام مهما كانت التضحيات، وكان دورهم محوريا حيث كانت عملياتهم كفيلة بنجاح أو فشل العبور".
ولفت إلى أن هناك ثلاث عمليات خلف خطوط إسرائيل لمنعهم من التصدي للعبور وإيقاف المدرعات والدبابات الإسرائيلية على عمق 60 إلى 80 كيلومترا عند حائط الممرات الغربي وعمل كمائن متعددة وافخاخ للدبابات.
وأوضح أن مجموعة الصاعقة التي كان تابعا لها إبان الحرب كانت 4 كتائب، كتيبة منها ستتوجه بـ18 طائرة هليكوبتر، منهم 6 من جبل عتاقة و12 من مضيق مرصد القطامية في الرابعة والنصف يوم السبت العاشر من رمضان 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 لعبور خليج السويس وشرق القناة والوصول إلى مضيق رأس سدر على مسافة 80 كيلومترا خلف خطوط إسرائيل جنوب بئر أبوجراد برأس سدر لعمل كمائن متكاملة.
وأوضح أنه تم ضرب القوات الإسرائيلية لتأخيرها من 6 إلى 8 ساعات، بهدف إنشاء الكبارى على القناة، وهي عملية استراتيجية لها تأثير شامل على مسرح العمليات، ونجاحها كان مرتبطا بنجاح الجيش الثالث من جنوب فايد حتى السويس، موضحا أن كل شيء كان محسوبا بالثانية.
وأشار إلى أنه كان مخططا للضربة الجوية الثانية في الساعة الرابعة وعشر دقائق عصرا، بعدها ستقلني طائرات الهليكوبتر مع أفراد مجموعتي تحت غطائها، لكنها أُلغيت بعد أن حققت الضربة الأولى أهدافها.
وأشار إلى أنه كانت هناك 18 طائرة هليكوبتر تحمل أفراد كتيبتي بدون غطاء جوي بعد أن أُلغيت الضربة الجوية الثانية، كنا نحلِّق على سطح خليج السويس ونحاول تجنب الرادارات حتى ندخل سيناء ونهبط من الهليكوبتر في العمق.
شريط من الذكريات مر أمام أبوالنجا، فإذا به يتابع: "ثم نقوم بعمل كمائن لاصطياد الدبابات المتجهة للمشاة المصريين.. كانت المعضلة أن تسليحنا كأفراد صاعقة يكون خفيفا كالبندقية وبعض الألغام، نظرا لأننا نقفز من الطائرات".
وتابع "فوجئت بإعاقة كبيرة حدثت لجهاز اللاسلكي الذي كنت أحمله، لأن إسرائيل كانت مجهزة بأحدث وسائل الاتصال والإعاقة الإلكترونية الشاملة، فلم أستطع الاتصال بالقيادة".
5 محاولات فاشلة والسادسة تنجح
ويتابع: "لم نيأس ولجأت لخطة أخرى وهي أن نصل للمضايق عن طريق مياه القناة، فركبت مع زملائي من ضباط الصاعقة عشرة قوارب، كل قارب يحتوي على 10 فدائيين، لاحقنا الإسرائيليين بقواربهم الفرنسية حديثة الصنع وأطلقوا علينا الصواريخ، لتفشل المحاولة".
ومضى قائلا "لم أيأس وكررت المحاولة وحاولت المرور شمال السويس عن طريق كوبري الشط، عبرت بسيارتي وسط النيران، ففتح لي المهندسون العسكريون فتحة في الساتر الترابي حتى أستطيع العبور، فجاء صف طائرات فانتوم دمر كل العربات، وفشلت المحاولة".
الجمال تنجح بدلا من الطائرات
وجاءت المحاولة الأخيرة "عن طريق ركوب الجمال ونجحت بفضل الله، ووصلت لنقطة تأميني"، لافتا إلى أنه رغم خروجي بما يزيد على 44 جملا وصلت في النهاية بــ4 جمال فقط.
ولا ينسى أبوالنجا "عم موسى" وهو أحد رجال سيناء الذين كانوا معه ويبلغ من العمر 84 عاما وساهم في حماية الجمال ومساعدتها في الاختباء من الطائرات التي كانت تستهدفها في أثناء رحلة العبور.
واختتم حديثه حول حرب أكتوبر بقوله: "فور تدمير خطوط إسرائيل وإبلاغ القيادة بمواقعنا، وصلت قبائل الحويطات والترابين بمئات الجمال محملة بالمياه والمؤن لجنود الجيش".
أبوالنجا حرص على تقديم الشكر إلى الدول العربية التي كانت حريصة على مساعدة مصر في حربها، سواء بمدها بالسلاح والجنود وحتى بمنع تصدير النفط للدول المساندة لإسرائيل، مؤكدا أن الحرب ليست مصرية ولكنها كانت عربية شاملة.
aXA6IDE4LjExOC4xNDIuMTI1IA== جزيرة ام اند امز