محمد أحمد شبيب.. قارئ "نصر حرب أكتوبر" (بروفايل)
من أكثر اللحظات المضيئة في حياة القارئ محمد أحمد شبيب قراءته فجر يوم العاشر من رمضان قبل ساعات من انطلاق حرب أكتوبر المجيدة 1973.
وكان الشيخ شبيب حينها يتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وكان يشعر بأن حدثًا عظيمًا تهتز له الدنيا سوف يقع في غضون ساعات.
وفي مساء اليوم نفسه، تلا الشيخ شبيب القرآن في قصر عابدين، وقرأ ما تيسر من سورة "آل عمران" كما لم يقرأها من قبل، وانتابه حينها شعور ممزوج بالرهبة والفخر.
النشأة
ولد الشيخ محمد أحمد شبيب يوم 25 أغسطس/ آب 1934 في قرية دنديط التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية شمالي مصر، وكانت قريته مسرحًا للعديد من الليالي القرآنية الزاهرة.
سُمي باسم "محمد" تيمنًا باسم عملاق التلاوة الشيخ محمد رفعت، إذ جاء مولده في عام افتتاح الإذاعة المصرية بصوته، وفي قريته سمع الطفل شبيب عباقرة القراء أمثال مصطفى إسماعيل وعبدالفتاح الشعشاعي.
ويقول الكاتب المصري شكري القاضي في كتابه "عباقرة التلاوة في القرن العشرين"، إن الطفل شبيب أتم حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية على يد الشيخ محمد إسماعيل وعمره 15 عاماً، وكان يجيد تلاوته وتجويده.
وبدأت شهرة "شبيب" مبكرًا، فكان يحيي الليالي القرآنية في قريته والقرى المجاورة، وبعدها التحق بمعهد الزقازيق الديني لدراسة علوم القرآن والشرعية، ومع تزايد شهرته لم يقدر على استكمال الدراسة فقرر تركها.
وتفرغ الشيخ شبيب لتلاوة القرآن في المناسبات الدينية والمآتم، وجابت شهرته محافظات ومدن الوجه البحري، وعندما بلغ الخامسة والعشرين من عمره أصيب بالتهاب حاد في حنجرته، وكاد المرض أن يخرجه من دولة التلاوة.
التهاب الحنجرة
وبعد إجراء عملية الحنجرة عام 1961، انطلقت شخصية الشيخ شبيب القرآنية، ويقول "القاضي" في كتابه: "منحه المولى عز وجل قدرات متنوعة في الأداء والتلوين النغمي مهدت له الطريق نحو الإذاعة المصرية".
وجرى اعتماد الشيخ في الإذاعة عام 1964، وجابت شهرته جميع الأقاليم المصرية، ونال إشادة القارئ الكبير عبدالفتاح الشعشاعي، لينطلق صوته في الليالي الرمضانية داخل مصر وفي دول العالم العربي والإسلامي.
وقبل اعتماده في الإذاعة، أحيا "شبيب" ليلة الاحتفال بمولد الشيخ جودة أبو عيسى في مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، وقرأ حينها جنبا إلى جنب مع القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، ونال إعجاب عائلات المدينة.
ليالي القدس
وبعد أكثر من عقدين على تلاوة الشيخ شبيب في قصر عابدين يوم نصر أكتوبر، تلقى الشيخ دعوة خاصة من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لإحياء ليالي شهر رمضان المعظم في المسجد الأقصى بالقدس.
وتجمع نحو نصف مليون فلسطيني ومسلم حول الشيخ شبيب، للاستماع إلى تلاوته لما تيسر من سورة "آل عمران"، وصدح صوته بين رحاب الأقصى وفي سماء القدس بقول المولى "إن ينصركم الله فلا غالب لكم".
وبعد انتهائه من إحياء الليالي الرمضانية في القدس، التقى به الرئيس عرفات للاحتفاء به وتكريمه، ومنحه نيشان السلطة الفلسطينية، وظل الشيخ شديد الإخلاص لقريته دنديط بالدقهلية حتى وفاته في 3 أبريل/ نيسان 2012.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjIzIA== جزيرة ام اند امز