أحمد الرزيقي.. القارئ "المحترف" (بروفايل)
الالتحاق بالإذاعة، حلم ظل يراود القارئ المصري أحمد الرزيقي على مدار 15 عاما، وتحقق منتصف عام 1974 بعد تدخل الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وكتب الشيخ إلى الرئيس للالتحاق بالإذاعة، فاستجاب الأخير، وفي يناير/ كانون الثاني 1975 تقدم الشيخ بأوراقه، وفي يوليو/ تموز التالي انطلق صوته عبر الأثير من خلال البرنامج العام، وبعد عام واحد انضم إلى قراء التلفزيون.
من هو القارئ أحمد الرزيقي؟
ولد أحمد الشحات أحمد الرزيقى في 18 فبراير/ شباط 1938 في قرية الرزيقات بمركز أرمنت بمحافظة قنا في جنوب مصر، والتحق بمدارس التعليم العام، لكنه غير مساره لدى عودته من المدرسة ذات يوم.
يومها كان أهل القرية ينتظرون صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد عبر الراديو بعد اعتماده في الإذاعة أواخر عام 1951، ورأى الرزيقي الطفل هذا التجمع فانضم إليهم لسماع قراءة الشيخ عبدالباسط ونسي المدرسة.
كان هذا اليوم بمثابة نقطة تحول في حياة الرزيقي، فانقطع عن المدرسة وطلب من والده الالتحاق بكتاب القرية لحفظ القرآن، ثم التحق بمعهد القراءات بقرية أصفون المطاعنة بمحافظة الأقصر، ليرتحل بعد ذلك إلى القاهرة منتصف الستينيات.
وتعلم الرزيقي الموسيقى بقسم الدراسات الحرة بمعهد الموسيقى العربية المصري، وبدأ حلم القراءة في الإذاعة يراوده حتى منتصف السبعينيات، وتقدم لأول مرة بأوراقه إلى الإذاعة، قبل أن يرفضه الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل، مراقب الشؤون الدينية بالإذاعة.
الرزيقي تحت المنظار
وفي كتابه "عباقرة التلاوة في القرن العشرين"، يروي الكاتب شكري القاضي قصة مثيرة حول التحاق الرزيقي بالإذاعة، فيقول إن الدكتور كامل البوهي، مؤسس إذاعة القرآن الكريم ومديرها، لم يكن مقتنعًا بانضمام الشيخ إلى قراء الإذاعة، فراح يتابع قراءاته في الحفلات الخارجية لكي يقف على حقيقة إمكاناته.
وبعد أسابيع قليلة من اعتماده ضمن قراء الإذاعة، وقبيل انطلاق صوته لأول مرة عبر الأثير، تعقبه "البوهي" سرًا، وسجل له أثناء القراءة في مأتم بقرية أبراش بمحافظة الشرقية شمال مصر، وطبعت تلاوته على أسطوانة عرضت على لجنة اختبار القراء بالإذاعة.
وعلى عكس التوقعات، نالت قراءة الشيخ الرزيقي المسجلة سرًا استحسان أعضاء لجنة اختيار القراء التي أشادت بصوته، وطلبت رفع درجاته من 85 إللى 88 لإجادته في التقويم الشرعي وأداء التنقل النغمي ومخارج الحروف وغيرها من معايير اختيار القراء.
وسجل الرزيقى المصحف المرتل في الفترة من 1978 إلى 1982، وينقل عنه "القاضي" قوله إن "المملكة العربية السعودية تعرف قدر أهل القرآن جيدًا، إذ تقاضيت 300 ريال عن الدقيقة الواحدة من الإذاعة السعودية بعد أن كنت أتقاضى 5 جنيهات لكل 3 ساعات".
إشادة ملكية
في بداية مسيرته القرآنية، لم يستطع الرزيقي إخفاء تأثره الشديد بالقارئ عبدالباسط عبدالصمد، وتوقع بلدياته في محافظة قنا أنهم على موعد مع عبدالباسط جديد، غير أنه خرج عليهم بصوت قريب من صوت القارئ محمود صديق المنشاوي.
يقول الكاتب شكري القاضي: "بعد سنوات عدة، بدأ الشيخ في الاستقلال بشخصيته القرآنية، واستطاع بقوة إرادته وحسن استيعابه وفهمه لطرق التلاوة المختلفة أن يحقق بصمته الخاصة".
وبعد قبوله بالإذاعة جاب صوت الرزيقي الآفاق بين الجاليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، يقول "القاضي، إن خادم الحرمين الشريفين الملك خالد بن عبدالعزيز أشاد كثيرًا بصوته وأسلوبه في التلاوة والتزامه بمخارج الحروف.
وجاءت تلك الإشادة عندما قابل الشيخ الرزيقي العاهل السعودي رفقة الشيخين عبدالباسط عبدالصمد ومحمد الطبلاوي أواخر عام 1976.
نال الرزيقي وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1990، وعين أمينًا لنقابة القراء حتى وفاته في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2005، وفي الأسبوع الأول من رحيله أقيم عزاء كبير ببلدته الرزيقات، وأتبعه عزاء آخر بمسجد عمر مكرم في القاهرة.
رحلة مانشستر
عام 1992، أوفدت مصر 54 قارئا لإحياء شهر رمضان في دول أوروبا، وقبل سفره أجرت جريدة "اللواء الإسلامي" حوارًا مع الشيخ الرزيقي، وروى تفاصيل زياراته الثلاث إلى لندن.
وقال الشيخ إنه زار مدينة مانشستر بدعوة من الجالية المسلمة هناك، ولم يكن فيها أي مسجد، فاستأجر المسلمون إحدى دور العبادة المخصصة لغير المسلمين ليصلوا فيها الجمعة والتراويح.
وبعد انتهاء الرزيقي من تلاوة القرآن فوجئ بصاحب الدار يقبل يده ويعانقه ويقول له إن كلامه هز أعماقه، فرد الشيخ: "هذا ليس كلامي ولكنه كلام الله"، فبكى الرجل وأعلن إسلامه وحوّل المكان إلى مسجد.
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز