بعد فشل 50 عاما.. هل تنجح مفاوضات قبرص؟
وصلت أزمة جزيرة قبرص المقسمة إلى شطرين يوناني وآخر تركي إلى حد غير مسبوق بعد مفاوضات فاشلة استمرت لمدة 50 عاما.
وبعد مفاوضات فاشلة لا حصر لها بشأن وضع قبرص منذ تقسيمها قبل نحو 50 عاما، يلتقي القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك من اليوم الثلاثاء إلى الخميس المقبل في جنيف، بآمال محدودة متواضعة، لإجراء "محادثات غير رسمية" حول مستقبل الجزيرة برعاية الأمم المتحدة.
المحادثات السابقة لتوحيد الشطرين فشلت رغم كونها تمت تحت مظلة اتحادية وفق قرارات الأمم المتحدة.
وينادي شمال قبرص منذ ذلك الحين بحل الدولتين، لكن القبارصة اليونانيين الذين يشكلون الحكومة المعترف بها دوليا، يرفضونه لأنه سيؤكد سيادة القبارصة الأتراك على الشمال.
ومن ضمن المقترحات بشأن المستقبل تأسيس اتحاد يضم دولتين بحكومة مركزية قوية.
وبينما يوافق الجانب القبرصي اليوناني على ذلك، إلا أن الجانب القبرصي التركي يفضل حل الدولتين المستقلتين، بحسب صحيفة "أحوال" التركية.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي قبل بدء المحادثات إن أنطونيو جوتيريس، يريد معرفة ما إذا كان لدى الطرفين "رؤية مشتركة لمستقبل" الجزيرة المتوسطية.
وقبرص مقسمة منذ غزو الجيش التركي لثلثها الشمالي عام 1974، رداً على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضمّ الجزيرة إلى اليونان.
وانضمّت جمهورية قبرص عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة الذي يقطنه قبارصة يونانيون وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة. في الشمال، لا تعترف سوى أنقرة بـ"جمهورية شمال قبرص التركية".
وقالت الصحيفة التركية المعارضة إنه" بعد أربع سنوات من فشلهم الأخير في التوصل إلى حلّ، يلتقي القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك من جديد لكن بدون آمال كبيرة بالتوصل إلى اتفاق حول إعادة توحيد الجزيرة المتوسطية".
وأوضح المتحدث أن الأمين العام للأمم المتحدة "الواقعي" الذي شارك بالفعل في المحادثات بشأن قبرص يريد قبل كل شيء "معرفة ما إذا كانت هناك أرضية مشتركة تسمح للطرفين بالتفاوض لايجاد حل دائم للمسألة القبرصية في المستقبل المنظور".
ومن المقرر أن يجتمع جوتيريس، اليوم الثلاثاء، على حدة مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس وزعيم "جمهورية شمال قبرص التركية" أرسين تتار، الموال لتركيا، قبل تنظيم حفل استقبال غير رسمي في المساء يجمع بين الزعيمين القبرصيين ورؤساء وفود الدول "الضامنة" الثلاث (تركيا واليونان والمملكة المتحدة) لأمن الجزيرة منذ استقلالها عام 1960.
ويمثلهم في جنيف وزراء خارجيتهم مولود جاويش أوغلو ونيكوس ديندياس ودومينيك راب.
والأربعاء، يشرف الأمين العام على اجتماع مكتمل مع الأطراف الخمسة في قصر الأمم، المقر الأوروبي للأمم المتحدة، قبل أن يقود جولة جديدة من المحادثات الثنائية تليها مأدبة عشاء عامة.
والخميس من المقرر عقد اجتماعات أخرى.
حل الدولتين
أعرب زعيم القبارصة الأتراك، أمس الإثنين، عن أمله أن يجد مقترحه بإقامة دولتين للصراع الدائر على الجزيرة، مكانا خلال محادثات ترأسها الأمم المتحدة.
وقال إرسين تاتار، في مقابلة مع وكالة "رويترز" للأنباء عبر تطبيق "سكايب"، إن المحادثات على مدى أكثر من 40 عاما بشأن نظام اتحادي لم تنجح وهناك حاجة إلى مقاربة أكثر "واقعية".
وأضاف:"سأذهب إلى هناك (جنيف) لعرض رؤيتي الجديدة، رؤيتي هي الجديدة هي إقامة دولتين مستقلتين تعيشان جنبا إلى جنب في ظل علاقات طيبة وحسن جوار وتتعاونان في كافة السبل لصالح جميع القبارصة".
وتابع: "عندما أقول دولتين، أعني بوضوح الاعتراف بالقبارصة الأتراك. لنا السيادة ذاتها مثل القبارصة اليونانيين".
ويشمل الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام في جنيف محادثات غير رسمية، لمعرفة إذا كانت هناك أرضية مشتركة للمضي قدما نحو مفاوضات رسمية. وباءت بالفشل كافة المحاولات السابقة لإعادة توحيد الجزيرة، في ظلّ خصومة إقليمية بين اليونان وتركيا.
تركيا تصاعد الأزمة
وأجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الإثنين محادثات مع أرسين تتار رئيس قبرص الشمالية غير المعترف بها دوليا، فيما تأتي زيارة الأخير إلى أنقرة بدعوة من الرئاسة التركية التي تحرص على أن لا تخرج القضية القبرصية من متاهة حل الدولتين وهو أمر تدفع نحوه بقوة حفاظا على مصالحها.
وقال أردوغان عقب لقائه تتار، إن أنقرة لن تتهاون حيال العقلية التي تسعى لتركيع أشقائنا القبارصة الأتراك عبر الحصار وعرقلة الحل في قبرص، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأناضول الحكومية.
وتأتي زيارة رئيس قبرص الشمالية بينما تخوض أنقرة وأثينا مفاوضات صعبة لتهدئة التوتر وحل أزمة قبرص المنقسمة إلى شطرين جنوبي موال لليونان وشمالي تحت الهيمنة التركية.
وتطالب اليونان والاتحاد الأوروبي بتوحيد شطري الجزيرة بينما تدفع أنقرة وبكل ثقلها لتمرير حل الدولتين وهو أمر بعيد المنال ويُواجه باعتراضات دولية كبيرة.
كما تأتي تصريحات أردوغان على وقع لقاء من المقرر أن يعقد في جنيف السويسرية اعتبارا من يوم غد الثلاثاء حتى يوم الخميس.
وعاد الرئيس التركي الاثنين للتصعيد مستخدما عبارات التهديد والوعيد وهو النهج الصدامي ذاته الذي ورط تركيا في أكثر من أزمة وأساء لعلاقاتها الخارجية.
ونقلت الأناضول عن أردوغان قوله "مثلما خَلصنا حدودنا من تحرشات التنظيمات الإرهابية لن نسمح بتشكيل كيان إرهابي وراء حدودنا أيضا"، مجددا موقف تركيا بوصفها دولة ضامنة، الذي يدعو لحل الدولتين في جزيرة قبرص.
ومنذ انهيار محادثات إعادة توحيد قبرص التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا خلال يوليو 2017، لم تجر أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في الجزيرةوالأمم المتحدة حاضرة في قبرص منذ العام 1964 بسبب أعمال العنف بين الجانبين آنذاك، وتولت بعد عشر سنوات مهمة مراقبة المنطقة العازلة بعد التقسيم.
وتحت رعايتها، أُجريت المفاوضات الأخيرة في سويسرا في يوليو 2017، حول مبدأ إعادة توحيد الجزيرة على شكل دولة فدرالية.
وتعثّرت خصوصاً بسبب مسألتين هما سحب عشرات آلاف الجنود الأتراك من شمال الجزيرة وإبقاء حق التدخل لتركيا.
وبعد فشل المفاوضات عام 2017، جاءت عوامل عدة لتُضاف إلى النقاط الخلافية التقليدية هي الضمانات الأمنية والعدالة السياسية والتعديلات المتعلقة بالأراضي وحقوق الملكية للنازحين.
وكانت قبرص انقسمت إلى قسم قبرصي يوناني وآخر أصغر قبرصي تركي في الشمال منذ الانقلاب اليوناني والتدخل العسكري التركي في عام .1974 وتعترف تركيا فقط بقبرص الشمالية كدولة كاملة.
وأصبحت قبرص بأكملها عضوا في الاتحاد الأوروبي في عام 2004، لكن قانون الاتحاد الأوروبي يسري فقط في الجزء الجنوبي من الجزيرة حتى إعادة التوحيد المحتملة.