ما بعد "داعش" في سوريا.. المرحلة المؤجلة
محلل سياسي يرى أن الحديث عن مرحلة ما بعد داعش في سوريا لا يزال مبكرا جدا، في ظل الوضع المعقد والمتداخل في هذا البلد
تزايدت التساؤلات بشأن مستقبل الأوضاع في سوريا والسيناريوهات المحتملة في أعقاب الهزيمة التي تلقاها "داعش" الإرهابي في آخر معاقله شرقي البلاد، وما إذا كان ذلك يعني بالفعل دحره نهائيا.
وللإجابة على ذلك، يرى محلل سياسي أن الوضع في سوريا معقد ومتداخل، وتتقاطع فيه أطراف عدة، تجعل من الجزم بأي طرح من هذا القبيل سيكون ضربا من المبالغة.
والسبت، أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) القضاء على "داعش" نهائيا، بعد معارك عنيفة، تمكنت خلالها من دحر التنظيم الإرهابي في آخر معاقله ببلدة الباغوز في ريف دير الزور شرقي سوريا.
- من التأسيس إلى الاندحار.. 15 عاما دموية لتنظيم داعش الإرهابي
- سوريا الديمقراطية.. قوات عسكرية دحرت داعش وتتحدى أردوغان
هشام الهاشمي، الباحث العراقي في شؤون مكافحة الإرهاب، أكد أن مرحلة ما بعد "داعش" في سوريا لا تزال لم تحل بعد.
وقال، في حديث لـ"العين الإخبارية": "أظن أن الحديث عن مرحلة ما بعد داعش في سوريا لا يزال مبكرا جدا".
ولفت الهاشمي إلى "وجود فرق واضح بين مرحلة ما بعد داعش في العراق وسوريا، فالبلد الأول كله متحد ضد داعش، ولديه اقتصاد كبير، كما أن التحالف الدولي يساند الحكومة في بغداد".
ومستدركا: "ومع هذا، لا يزال العراق يكابد، منذ عام ونصف تقريبا، من أجل إرساء مرحلة تمكين الاستقرار، ومطاردة الفلول، وإعادة النازحين والإعمار".
وبناء على ما تقدم، استبعد الباحث دخول سوريا مرحلة ما بعد داعش في الوقت الراهن، معتبرا أن ذلك قد لا يحصل إلا بعد عام من الآن.
ووفق الهاشمي، فإن "دمشق لا تزال غير متفقة مع الجيش الحر، وقسد وفصائل عشائرية مدعومة من التحالف الدولي".
كما "لا يزال هناك نحو 70 ألف مسلح مصنف بالإرهاب يحمل السلاح في مناطق مختلفة من سوريا، علاوة على وجود دول عظمى لا تعترف بشرعية النظام، فضلا عن وجود قوات من 8 دول أجنبية في سوريا".
أنقرة وواشنطن.. حرب التصريحات
بمجرد إعلان قوات سوريا الديمقراطية القضاء نهائيا على "داعش" في آخر معاقل التنظيم بسوريا، اشتعلت حرب التصريحات بين واشنطن وأنقرة.
البيت الأبيض كان سباقا، منذ الجمعة، في إعلان "التحرير الكامل" للمناطق التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي في سوريا، في خبر أكده الرئيس دونالد ترامب ووزارة الدفاع "البنتاجون".
ولم يغفل ترامب التأكيد في تصريحات نقلها إعلام رسمي، على أن بلاده "ستبقى يقظة تجاه داعش، وتحاربه حتى تقضي عليه في أي مكان ينشط فيه".
وفي اليوم نفسه، شدد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن واشنطن "لا يزال أمامها الكثير من العمل للقيام به رغم إعلان هزيمة داعش في سوريا".
من جانبها، سارعت وزارة الدفاع التركية بنشر بيان، زعمت فيه أن جيش بلادها "هو الجيش الوحيد الذي خاض قتالا مباشرا ضد تنظيم داعش في سوريا".
الحكم الذاتي
خلال مراسم إعلان النصر على "داعش"، طالبت قوات سوريا الديمقراطية، دمشق بالاعتراف بالحكم الذاتي لمنطقة شمال شرق سوريا.
وفي سهم مصوب لأنقرة، طالبت أيضا بخروج القوات التركية من سوريا وبعدم تدخل الأخيرة في الشؤون الداخلية للبلاد.
ووفق محللين، فإن الوضع الراهن على الأرض يدفع بقوة نحو احتمال حصول الأكراد على الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا، في خطوة قد تكون الحل الوحيد المطروح أمام بشار الأسد، والذي سيجنبه فصلا آخر من الحرب والقتال.
وفي حال حدث ذلك، فإن آمال أنقرة بمنع قيام دولة كردية على حدودها ستتبخر إلى الأبد، بل قد تجد نفسها في مواجهة تصعيد داخلي من قبل أكراد البلاد، ما سيفتح عليها جبهة نار ستأتي على جميع مخططاتها سواء المحلية أو الإقليمية.