بعد ليلة البيانات "الساخنة".. ما فرص نجاح المبادرة الأمريكية في ليبيا؟
ليلة من البيانات "الساخنة" عاشتها ليبيا، لتكشف عن مسار جديد لأزمة الحكومتين، قد يقود لانفراجة محتملة أو لطي صفحة المفاوضات.
فالبلد الأفريقي الذي أعطى برلمانه الثقة لحكومة جديدة تقوده حتى إجراء الانتخابات يواجه "معضلة حقيقية" تتمثل في رفض الحكومة السابقة تسليم السلطة، ما كشف عن مخاوف جمة.
إلا أن الساعات الماضية والتي تمخضت عن الكشف عن شرط وضعه رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة لتسليم السلطة، وهو السماح له بالترشح للرئاسة.
فيما سارعت الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، للتأكيد على أنه ليس من صلاحياتها التفاوض حول هذه القضية السيادية التي تخص السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب وبالتوافق مع مجلس الدولة.
تصعيد الدبيبة
وفي محاولة من الدبيبة للتصعيد بعد شرطه الذي رفضته الحكومة الجديدة، أكد في تغريدات عبر حسابه الرسمي بـ"تويتر"، أن مساعيه "ستستمر في العمل على إجراء الانتخابات التي تنهي كل الأجسام الحالية وعلى رأسها حكومة الوحدة التي يرأسها".
حكومة باشاغا: لا نملك التفاوض على استلام السلطة
وبين هذا الموقف وذاك، كانت السفارة الأمريكية حاضرة بسفيرها ريتشارد نورلاند، والذي كشف الليلة الماضية عن مفاوضات "عاجلة" يقودها بين الدبيبة وباشاغا، بهدف التوصل إلى تفاهم سياسي حول الأزمة.
وأمام المبادرة الأمريكية، تباينت آراء محللين ليبيين حول فرص النجاح؛ فبين من يرى أنها ستؤدي إلى نتائج "مرضية"، وخاصة أن واشنطن والتي تملك مفاتيح الأزمة في ليبيا هي من تقودها، وآخرين اعتقدوا أن الكفة تميل لصالح باشاغا سواء بالمبادرة الأمريكية أو غيرها.
فرص النجاح
وإلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي محمود زاقوب في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه بعد شرط الدبيبة والذي جاء ضمن المبادرة التركية وقوبل برفض من الحكومة الليبية برئاسة باشاغا، كانت أمريكا في الموعد بمبادرتها التي رجح أن تؤتي ثمارها قريبًا.
11 استقالة و3 وزراء بالسجن.. توالي سقوط حكومة الدبيبة
وأوضح المحلل الليبي، أن الطرف الذي يدعمه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير هو من ستكون كفته راجحة في الجلوس على كرسي الحكم، مشيرًا إلى أن الأخير يتواجد في العاصمة الأمريكية واشنطن هذه الأيام، ربما للتحضير لصفقة قد تخرج نتائجها للعلن خلال الأيام القليلة المقبلة.
وحول إمكانية حدوث صدام عسكري، إذا ما فشلت المفاوضات الحالية، قال زاقوب، إنه لا يوجد مجرد التفكير في صدام عسكري بين الأطراف لعدة أسباب؛ منها أن الطرفين من نفس المدينة فيما القوة شبه متكافئة، وأن الجميع وصل إلى قناعة بأن الحرب لن تحل الأزمة.
صفقة الدبيبة
وأشار إلى أن "الدبيبة يبحث عن صفقة ما لم يفصح عنها ربما تتعلق بالماضي، أو المستقبل السياسي له ولمن هم حوله"، مؤكدًا أنه "ما أن يتم التوصل إلى صيغة اتفاق حول هذه النقاط غير المعلن عنها سيتم كل شيء بسلاسة".
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي محمد يسري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن المباحثات التي تقودها الولايات المتحدة والبعثة الأممية بشأن تسليم واستلام السلطة بين الدبيبة وباشاغا، ستقود إلى نتائج "مرضية" وقد تنعكس "إيجابيًا" على الوضع الليبي.
أزمة ليبيا.. شرط الدبيبة واجتماع تركيا
واستدل المحلل الليبي على رؤيته بقوله، إن الدخول "القوي" للسفير الأمريكي على خط الأزمة الليبية، أمر لم يحدث من قبل، مشيرًا إلى أن ذلك الموقف حال دون نشوب صراع مسلح في طرابلس قبل يومين، وانعكس بشكل "إيجابي" على تصريحات الطرفين وإبداء استعدادهما للحوار والتفاوض حول التسليم والاستلام.
وأشار إلى أن التدخل الأمريكي جاء بعد استنفاذ كل الحلول لدى البعثة الأممية والمستشارة ستيفاني وليامز، كاشفًا عن "مقاربات مرضية" للطرفين و"ضغوطات" دولية "ستجبر" الدبيبة على تسليم السلطة سلميا؛ كون البلاد أصبحت أكثر انفتاحا خلال السنوات الأخير، خاصة فيما يتعلق بالشركات الأجنبية وعودة السفارات وشركات النفط الأجنبية.
وأكد أن الدول المضطلعة بالشأن الليبي لن تسمح بتكرار ما حدث قبل سنوات؛ فالوضع الاقتصادي هو صمام الأمان الذي سيمنع من نشوب أي صراع عسكري في البلاد.
10 أسباب
ورغم المبادرة الأمريكية، إلا أن الأمور تسير لصالح باشاغا لعشرة أسباب، بحسب المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، الذي قال إن رئيس الحكومة الجديدة تؤيده المنطقة الشرقية والجنوبية وجزء كبير من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى أكثر من ثلثي مساحة ليبيا.
وأوضح المحلل اليبي أن تركيا ستكون "مضطرة" للتعامل مع باشاغا لأن شرق ليبيا هو المعني بالاتفاقية البحرية وليس غربها، بالإضافة إلى أن وجود قوة كبيرة ومنضبطة معه أثبتت مهنيتها من خلال انقيادها لتعليمات قيادتها وعدم انجرارها للعنف.
وأشار عز الدين عقيل إلى أن من بين الأسباب التي ترجح كفة باشاغا، أن مجلس النواب وجزءًا من "الأعلى للدولة"، معه، مؤكدًا أنه لا يمكن لأي حل سياسي قريب أن يحدث دون موافقة باشاغا.
اعتراف أمريكي
وأكد أن لقاء باشاغا مع مسؤولين في الأمن القومي الأمريكي وإشارة السفير الأمريكي إلى ذلك، يعد دلالة على أن الموقف الأمريكي يتجه للاعتراف تدريجيا، مشيرًا إلى أن الانفتاح على حل الأزمة من باشاغا يعتبر رصيدًا قويًا له أمام المجتمع الدولي خاصة وأن خصمه الدبيبة رفض ذلك.
ومن بين الأسباب كذلك، عدم "واقعية" الحل الذي يطرحه الدبيبة بإجراء الانتخابات في شهر يونيو/حزيران المقبل، بالإضافة إلى "تحالف" الدبيبة مع بعض الميليشيات التي "تورطت" في خطف الوزراء وفي جريمة قتل مدون مناوئ له، وإغلاقه المجال الجوي الداخلي، ما اعتبره المجتمع الدولي إشارة حمراء.
aXA6IDMuMTI5LjI0Ny4yNTAg جزيرة ام اند امز