عمال اليوميات باليمن.. كفاح مرير وأجور لا تسد رمق العيش (صور)
حاملاً همومه على كتفه، عاد اليمني علي أحمد ثابت خالي الوفاض لأطفاله بعد ساعات طوال من افتراشه حرج العمال بمدينة تعز (جنوب)، إثر ركود العمل في القطاعات الحيوية.
يُعد ثابت واحدا من آلاف اليمنيين العاملين بالأجر اليومي ممن قذفت بهم حرب مليشيات الحوثي إلى رصيف البطالة وباتوا يعيشون معاناة معيشية بالغة القسوة إثر غياب فرص العمل.
يقول ثابت (50 عاما) إن فرص العمل أصبحت حلما بعيد المنال لعدم توافرها، وأنه "كل يوم يتردد إلى حرج العمال في بلدة بيرباشا، قادماً من غرب مدينة تعز دون جدوى" في الحصول على فرصة يعيل من خلالها أطفاله السبعة.
ويضيف لـ"العين الإخبارية" أنه "منذ شهر كامل لم يجد فرصة عمل ولو ليوم واحد، رغم الجلوس الدائم في حرج العمال وقطع مسافات بعيدة تصل لنحو 12 كيلومتراً".
الانقلاب يحرم العمال أجورهم
يؤكد ثابت أنه كان قبل انقلاب مليشيات الحوثي ينشغل طوال يومه بالعمل مقابل أجر يومي يعادل من 100 إلى 150 ريالا سعوديا لكنه بعد انقلاب المليشيات لم يعد يجد فرصة عمل، وإن وجد فيعمل بأجور زهيدة تعادل 40 ريالا سعوديا وهي لا تكفي لمصاريف البيت والأولاد وسد رمق عيشهم.
ويشير إلى أنه "هناك أشخاص قدموا على بيع كل ما لديهم من مدخرات حتى إنهم أصبحوا يأكلون من أعلاف الأشجار، بعد أن انعدمت المنظمات التي كانت مساعداتها تواسي بعض احتياجات الناس".
حال ثابت يشبه كثيراً وضع الأربعيني سليمان محمود الذي كان يعمل مهندسا في صيانة الإلكترونيات بمدينة تعز لمدة 12 عامًا لكن عقب انفجار حرب مليشيات الحوثي وفرضها حصارا غاشما على تعز تراجع العمل وحرمه من وظيفته.
يؤكد محمود لـ"العين الإخبارية" أن "عيد العمال يحل للعام العاشر وهو يقف في حرج العمال يبحث عن عمل ليعود ولو باليسير لأطفاله".
وقال "أحرمتني الحرب وظيفتي في الهندسة، وأصبحت الآن أقف في حرج العمال وأعمل بالأجر اليومي، نمشي الحال، ونتحمل شقاء العمل تارة، وانعدامه تارة أخرى".
- من مرارة الحرب إلى رصيف البطالة.. هذا حال عمال اليمن في يوم عيدهم
- أزمة المياه في الضالع اليمنية.. مأساة إنسانية متكاملة الأركان
تأثيرات مدمرة
تفاقمت الأوضاع المادية والمعيشية على عمال اليوميات منذ الانقلاب الحوثي وانفجار الحرب أواخر 2014، إثر ندرة العمل، وارتفاع تكلفة العيش وضعف الأجور ومصادرة المليشيات مرتبات ملايين الموظفين مما حولهم إلى عاملين بالأجر اليومي.
ووفقاً لعضو الاتحاد العام لنقابة عمال اليمن سعيد الأكحلي فإن "الحرب الحوثية أثرت تأثيراً كبيراً على العمال والموظفين في البلاد، حتى إنه بات نسبة كبيرة منهم لا يجدون قيمة الأكل والشرب، وتوفير إيجار المسكن، وقيمة الدواء لهم ولأطفالهم".
وأكد الأكحلي في تصريح لـ"العين الإخبارية" أنه وخلال فترة الحرب الحوثية أصبح غالبية الموظفين في البلاد منهم عمال اليوميات في تعز، الذين يشكلون نسبة 85%، مرميين في الشوارع والأرصفة بصفة مستمرة".
وأشار إلى أن القيمة الشرائية للراتب في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دوليا تراجعت إلى 25%، أي أن الراتب لا يكفي الموظف وأسرته"، فيما يعيش ملايين الموظفين بمناطق الحوثيين بلا مرتبات.
وقال "مر يوم 1 مايو الموافق لمناسبة "عيد العمال العالمي"، وعمال اليمن أغلبهم مرميون في الشوارع، مثلا في مؤسسة الكهرباء بتعز العاملون الفعليون داخل المؤسسة الآن 25 موظفاً من إجمالي 2000 موظف قبل اندلاع الحرب الحوثية".
ويشير إلى أن أغلب الموظفين الموجودين في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي لم يستلموا رواتبهم منذ 10 أعوام، وهو ما جعل معاناتهم تتضاعف يوما بعد آخر.
ويعيش غالبية العمال الموجودين في مناطق سيطرة المليشيات شمال اليمن محرومون من مرتباتهم الأساسية منذ بدء حربها على أبناء الشعب اليمني، رغم الإيرادات الضخمة التي ينهبها الحوثيون من موارد اليمن، والجبايات الهائلة التي فرضتها على المواطنين وتجار القطاع الخاص.
ويقدر اتحاد عمال اليمن أن ما نسبته 80% من القوى العاملة فقدوا أعمالهم، فضلًا عن توقف العديد من الأعمال والشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية، وهو ما أثر على وضعية الكثير من العمال الذين باتوا عاطلين عن العمل.
كما فقد عدد كبير من عمال اليوميات العاملين بالأجر اليومي، أعمالهم إثر توقف مشاريع البنية التحتية، والمشاريع التنموية الممولة بمنح أو قروض خارجية، فضلا عن توقف تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتراجع الاستثمار العقاري في المدن السكنية.