الحوثي يشطر اليمن.. عملة «مزورة» تعمق الجراح
حمل قيام مليشيات الحوثي بسك عملة معدنية "مزورة" فئة 100ريال، تخوفات من تعميق معاناة اليمنيين وشطر البلاد إثر انقسام نقدي منذ سنوات.
فبعد 10 أعوام من العبث بالقطاع المصرفي، وتدمير الاقتصاد اليمني، سكت مليشيات الحوثي عملة معدنية من فئة 100 ريال، في خطوة عدها مراقبون أنها تعمق الانقسام السياسي والنقدي والتشطير الاقتصادي للبلاد.
وتعد العملة المعدنية التي سكها الحوثيون بالأساس مشتقة لعملة أكبر، حيث إن سك 100 ريال معدنية من قبل مليشيات الحوثي، فهذا يعني أن العملات المعدنية والورقية ما دونها انتهت تماما وبالتالي فإن أصغر وحدة من العملة اليمنية أصبحت 100 ريال، بعد أن كانت 5 و10 ريالات.
ووفقا لمختصين اقتصاديين، فإن الألف ريال يمني أصبح الآن يساوي 10 عملات معدنية، بعد أن كان يساوي 100 عملة معدنية من فئة 10 ريالات، و200 عملة معدنية من فئة 5 ريالات، و50 عملة من فئة 20 ريال يمني.
تأثيرات وتخوفات
يقول الخبير الاقتصادي اليمني فارس النجار لـ"العين الإخبارية"، إن هناك الكثير من التأثيرات لقيام مليشيات الحوثي بطباعة عملة معدنية جديدة، على سعر الصرف الذي يعتمد على كمية ما سيتم إصداره من هذه العملة المعدنية.
وأضاف الخبير الاقتصادي النجار أن أبرز التخوفات من أن تزيد شهية مليشيات الحوثي لإصدارات أرقام عملات كبيرة وبكميات أكبر، لما هو تالف، وذلك لتغطية عجز التمويل في الموازنة، الذي يهدد بانهيار كبير لسعر صرف الريال اليمني.
وتعزز طباعة عملة معدنية جديدة فئة 100 ريال الانقسام النقدي، وتزيد من تشوه السياسة النقدية والاقتصاد العام في البلد.
وأشار إلى أن ما قامت به المليشيات الحوثية لن يحل مشكلة السيولة النقدية في مناطق سيطرتها، وأن الحوثيين لن يقفوا عند هذه النقطة، وإنما تعد بداية لسلسلة طباعات قادمة.
كما أن العملة المعدنية هناك صعوبات في تداولها وتناقلها، والرغبة في اقتنائها- وفق النجار - كون العملة المعدنية الواحدة تساوي 17 غراما، حيث إنه إذا لدى المواطن الواحد 100 ألف منها، يعني أنه سيقوم بحمل 1 كيلو و700 غرام.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي وفيق صالح لـ"العين الإخبارية"، إن إعلان مليشيات الحوثي عبر بنكها المركزي في صنعاء، سك عملة معدنية فئة 100 ريال لمواجهة ما وصفته بأزمة السيولة للعملة الورقية المتداولة والتالفة في مناطق سيطرتها، خطوة انفرادية تمثل تصعيدا ضد القطاع المصرفي والبنك المركزي اليمني الحكومي.
ويضيف صالح أن مليشيات الحوثي زعمت أن هذه الخطوة تعالج أزمة السيولة التي تعاني منها بشكل حاد، والعملة التالفة التي تقدر بنحو 500 مليار ريال.
ويؤكد وفيق أنه وفقا لاقتصاديين فإن هذا الإجراء يُمثل أيضا مغامرة خطيرة، من قبل مليشيات الحوثي وتحد للمجتمع الدولي والبنك المركزي اليمني في عدن، والمؤسسات المالية الدولية، على اعتبار أن مركزي صنعاء كيان غير شرعي وغير معترف به دولياً ويقدم على خطوات ليس من مهامه.
جس نبض
وعن إعلان مليشيات الحوثي إصدار عملة معدنية جديدة فئة 100 ريال لمواجهة مشكلة العملة التالفة، يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن هذه الخطوة المنفردة من قبل الحوثي، تمثل تصعيدا جديدا نحو مزيد من الانقسام النقدي وإذكاء الصراع في القطاع المصرفي اليمني.
وقال الخبير الاقتصادي اليمني نصر، خلال منشور له على فيسبوك، إن هذا الإجراء يمثل جس نبض للاستمرار في إصدار فئات نقدية أخرى من العملة عند الحاجة، وكذلك بناء اقتصاد مستقل بشكل متكامل.
بالنسبة للتداعيات السلبية على القطاع المصرفي سوف تعتمد على القرارات التي سيتخذها البنك المركزي اليمني في عدن التابع للحكومة الشرعية والمعترف به دوليا، والخطوات التي يمكن أن تتخذها المؤسسات المالية الدولية والنظام المالي العالمي.
وأشار نصر إلى أن تأثير إنزال الفئات النقدية من العملة المعدنية "مائة ريال" سيعتمد على حجم الكمية النقدية، حيث إنه لو جرى إنزال كميات أعلى ما يعادلها من العملة المهترئة سيبدأ تدحرج سعر الريال نحو الهبوط مقابل الدولار في مناطق سيطرة الحوثي.
كما أنه سيفتح الشهية لمزيد من الإصدارات لمواجهة النفقات وبالتالي سيعمل على تدهور العملة، ناهيك عن أن تحويل فئة مائة ريال إلى نقد معدني سيعني مستقبلا تضخم الأرقام على حساب القيمة الحقيقية للفئات.
وكان البنك المركزي اليمني في عدن قد دعا المصارف والمؤسسات والأفراد إلى عدم التعامل مع العملة المعدنية الجديدة التي أعلن عنها مركزي صنعاء، باعتبارها عملة مزورة، ويحمل الحوثيين مسؤولية هذا التصعيد وما يترتب عليه من تعقيد وإرباك في تعاملات المواطنين والمؤسسات المالية داخلياً وخارجياً