داليدا.. الأسطورة «الحزينة» (بروفايل)
في جملة قصيرة اختزلت النجمة العالمية "داليدا" قصة حياتها المليئة بالأحداث الحزينة، إذ قالت "أعرف حياتي.. جمهوري هو زوجي.. والأغاني أطفالي".
لم تكن حياة ساحرة الغناء ناعمة وخالية من الهموم والمتاعب، حيث ذاقت ألم الفراق، ودفعها الاكتئاب إلى الانتحار واعتزال الحياة.
ملامح من مشوار داليدا
اسمها الحقيقي (يولاندا) من مواليد 17 يناير/كانون الثاني 1933، بالعاصمة المصرية القاهرة، وتحديدا في حي شبرا، الذي يعد أعرق الأحياء المصرية.
ورثت داليدا جمال الملامح عن جذورها الإيطالية، الأمر الذي دفعها للمشاركة في مسابقة ملكة جمال مصر عام 1954 والفوز باللقب، وبعد ذلك ذاعت شهرتها واختارت العمل بالسينما، ولذا راهن عليها المخرج نيازي مصطفى في فيلم "سيجارة وكأس".
لم تكن داليدا ممثلة فذة، ولم تحقق شهرتها من شاشة السينما، لكنها لمعت من نافذة الغناء في فرنسا، لا سيما أن صوتها عذب وإحساسها دافئ كما وصفها عدد كبير من النقاد.
وإلى جانب موهبة الغناء الخصبة أتقنت الغناء بـ9 لغات أبرزها: الفرنسية واليونانية والإيطالية، والإنجليزية، والألمانية.
وحرصت داليدا على تقديم أغنيات منوعة لذا اتسعت قاعدتها الجماهيرية في أرجاء العالم كله.
داليدا بين الحب والانتحار
أحبت داليدا (لوسيان موريس) وأعلن الثنائي زواجهما عام 1961، لم يعرف لوسيان طبيعة داليدا، وغلب عليه دور مدير الأعمال الذي يعمل طوال الليل والنهار، بسبب شغفه بالعمل دفع داليدا إلى القيام بجولة غنائية بعد انتهاء الزفاف مباشرة.
لم تحب ساحرة الغناء هذه الحياة، وتسرب إليها الملل لذا أعلنت انفصالها عنه، وسقطت في فخ الحب للمرة الثانية في مدينة (كان) الفرنسية ومن النظرة الأولى أغرمت بـ(جان سوبيسكي) الأمر الغريب أنها اكتشفت بعد فترة قصيرة من زواجها الثاني أن هذا الرجل لا يناسبها لذا فضلت الابتعاد، وأسندت لشقيقها "رونو" مهمة إدارة أعمالها بينما أصبحت قريبتها روزي سكرتيرتها الخاصة، حاولت أن تجعل كل شيء خاصا بها تحت رقابة عائلتها لكنها لم تفلح في ذلك.
داليدا في دائرة الألم
عاشت داليدا العديد من اللحظات الصعبة، بدأت عندما قررت شركة تسجيل الأغنيات التي تتعاون معها المشاركة في مهرجان "سان ريمو" في إيطاليا بأغنية لها ومن تأليف وألحان شاب إيطالي اسمه لويجي تانكو، ولم يكن مشهورا ولا يعرفه أحد، تعلقت داليدا بهذا الشاب وساندته ولكن فرحتها لم تكتمل إذ خسرت المسابقة، وسقط الشاب الإيطالي في دائرة اليأس، وأقدم على الانتحار في غرفته داخل الفندق، وشكل هذا الأمر حدثا قاسيا في حياة داليدا لأنها رأته ميتا.
وبعد فترة قصيرة عثرت الشرطة الفرنسية على زوجها السابق منتحرا في جنوب فرنسا، الأمر الذي دمر حالتها النفسية ودفعها أكثر من مرة للتفكير في الانتحار.
وعندما عبرت هذه الأزمات فضلت أن ترتدي الفساتين البيضاء الطويلة، كانت تبحث عن النقاء في الحياة حتى منحها جمهورها العريض لقب "القديسة داليدا".
أعمال داليدا في السينما
غنت داليد بجوار أساطير عالمية، منهم خوليو إجلسياس، شارل أزنافور، جوني ماتيس، بيتولا كلارك وغيرهم، كما خاضت تجربة التمثيل عدة مرات كان أبرزها مع المخرج العالمي يوسف شاهين في فيلم رائع الذي حمل عنوان "اليوم السادس"، وجسدت خلاله دور امرأة عجوز وأظهرت قدرة مُميزة على التمثيل وحصلت على إشادة رائعة من النقاد.
امتدت مسيرة داليدا الفنية لمدة 37 عاما، وتنوع إنتاجها الفني، إلا أن اللافت للنظر هو حنينها الدائم لمصر، إذ عملت في السينما المصرية وقدمت أغنية شهيرة لا يزال صداها حاضرا وهي "سالمة يا سلامة".
نهاية داليدا العالمية
اختارت النجمة العالمية داليدا أن تنهي حياتها بيدها، ولذا أقدمت على الانتحار في 3 مايو/أيار 1987 عن عمر ناهز الـ54 عاما، تناولت القديسة جرعة زائدة من أقراص "الباربيتورات" المهدئة، وعلى أثرها ماتت لكنها قبل الرحيل كتبت عبارة مؤثرة وقاسية في نفس الوقت وهي "سامحوني.. الحياة لم تعد تحتمل".