رسائل من "دافوس".. العالم على أعتاب عاصفة اقتصادية
مع انطلاقة حضوريًا، سيطرت تهديدات عدة، أبرزها؛ الركود طويل المدى، على كبار رجال الأعمال والساسة المشاركين في منتدى "دافوس".
وانطلق الإثنين 23 مايو 2022 في منتجع دافوس بسويسرا، المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي.
ويجتمع قادة سياسيون ورجال أعمال في المنتدى الاقتصادي العالمي على خلفية بلوغ التضخم أعلى مستوى له في عقود في الاقتصادات الرئيسية بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا.
التضخم المتسارع
وقد تسببت الزيادات في الأسعار في تقويض ثقة المستهلكين واضطراب الأسواق المالية العالمية، مما دفع البنوك المركزية، بما في ذلك مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي، إلى رفع أسعار الفائدة.
في الوقت نفسه، أدت التداعيات على أسواق النفط والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير شباط، وعمليات إغلاق لمكافحة كوفيد-19 في الصين بدون نهاية واضحة، إلى تفاقم أجزاء التشاؤم.
وقال روبرت هابيك نائب المستشار الألماني "لدينا ما لا يقل عن أربع أزمات متضافرة. لدينا تضخم مرتفع ... لدينا أزمة طاقة ... لدينا فقر غذائي، ولدينا أزمة مناخ. لا يمكننا حل المشاكل إذا ركزنا على أزمة واحدة فقط".
وأضاف هابيك خلال حلقة نقاش في المنتدى "لكن إذا لم يتم حل أي من المشاكل، فأنا أخشى حقا أننا سنواجه ركودا عالميا له تأثير هائل .. على الاستقرار العالمي".
تباطؤ النمو العالمي
من جانبه، خفض صندوق النقد الدولي الشهر الماضي توقعاته للنمو العالمي للمرة الثانية هذا العام، ووصف الحرب في أوكرانيا والتضخم بأنهما "خطر واضح وقائم" للعديد من البلدان.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، متحدثة في دافوس اليوم الإثنين، إن الحرب والظروف المالية الأكثر شدة وصدمات الأسعار، في الأغذية على وجه الخصوص، أدت بوضوح إلى "تعتيم" التوقعات على أساس شهري منذ ذلك الحين، رغم أنها لم تتوقع ركودا بعد.
ولدى سؤالها عما إذا كانت تتوقع ركودا، قالت جورجيفا "لا، ليس في هذه المرحلة. هذا لا يعني أنه غير وارد".
نقطة تحول في نظام العولمة
حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، التي من المقرر أن تلقي كلمة في دافوس غدا الثلاثاء، من أن النمو والتضخم يسيران في اتجاهين معاكسين، إذ تكبح ضغوط الأسعار المتزايدة النشاط الاقتصادي وتدمر القدرة الشرائية للأسر.
وقالت في مدونة اليوم الاثنين "قد تثبت الحرب الروسية الأوكرانية أنها نقطة فاصلة للعولمة المفرطة".
وأضافت لاجارد "قد يؤدي ذلك إلى أن تصبح سلاسل التوريد أقل كفاءة لفترة من الوقت، خلال الفترة الانتقالية، ويخلق ضغوط تكلفة أكثر استدامة على الاقتصاد".
ومع ذلك، وعدت لاجارد بشكل أساسي برفع سعر الفائدة في شهري يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول لكبح التضخم، حتى لو كان ارتفاع تكاليف الاقتراض سيؤثر على النمو.
وفي حين أن العبء الاقتصادي الناجم عن الأزمة الأوكرانية يتردد صداه بشدة في أوروبا، فإن الاقتصاد الأمريكي هو الذي يعاني من أكبر ضغوط الأسعار.
وقفز مؤشر أسعار المستهلكين من مستويات قرب الصفر قبل عامين إلى أعلى مستوى له في 40 عاما عند 8.5 بالمئة في مارس آذار. وتحرك مجلس الاحتياطي الاتحادي في وقت سابق هذا الشهر بالإعلان عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة في 22 عاما. وأشار جيروم باول رئيس البنك المركزي الأمريكي إلى زيادات مماثلة، بواقع نصف نقطة مئوية، في الاجتماعين المقبلين على الأقل.
ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة وتوقعات بالمزيد من الزيادات لم تضعف بعد إنفاق المستهلكين وسوق العمل النشط في الولايات المتحدة.
وقال أنتوني كابوانو الرئيس التنفيذي لشركة ماريوت إنترناشونال "لم نلحظ ذلك في أعمالنا حتى الآن. لا تزال هناك زيادة سريعة في الطلب".
وما زال من المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة الرئيسية، بما في ذلك الصين، نموا هذا العام، حتى لو كان بوتيرة أبطأ مما كان متوقعا في السابق.
وقال ماركوس ترويخو، رئيس بنك التنمية الجديد الذي أسسته البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إن البنك لا يزال يتوقع "نموا قويا" هذا العام في كل من الصين والهند والبرازيل.
رؤية مختلفة
قالت جيتا جوبيناث النائبة الأولى للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي اليوم الإثنين إنه بينما يواجه الاقتصاد العالمي رياحا معاكسة، فإن توقعات النمو الحالية توفر حاجزا وقائيا في مواجهة ركود عالمي محتمل.
وقالت جوبيناث لرويترز إن من بين التهديدات الرئيسية للنمو الاقتصادي أن يتصاعد الصراع في أوكرانيا. وأضافت قائلة "يمكن أن تكون هناك عقوبات وعقوبات مضادة".
وقالت، في مقابلة على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري، إن التحديات الأخرى تتضمن التضخم ورفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة وتباطؤ النمو الصيني.
وأشارت جوبيناث إلى توقعات صندوق النقد الدولي للنمو لعام 2022 الصادرة الشهر الماضي والبالغة 3.6%، انخفاضا من توقعات بلغت 4.4% في يناير/كانون الثاني، وقالت "لذا فإن كل هذه الأمور توفر تراجعا للمخاطر في توقعاتنا".
وأضافت "أود أن أقول إن هناك حاجزا عند 3.6%"، غير أنها أقرت بأن المخاطر غير متكافئة حول العالم.
وقالت جوبيناث "هناك دول تتعرض لضربة شديدة.. دول في أوروبا تضررت بشدة من الحرب ويمكن أن تشهد من الناحية الفنية ركودا".
وأضافت أن التضخم "سيظل أعلى بكثير من أهداف البنك المركزي لفترة من الوقت"، مشيرة إلى أن "من المهم جدا لمسؤولي البنوك المركزية في أنحاء العالم التعامل مع التضخم باعتباره خطرا واضحا وقائما، وأنه أمر يحتاجون إلى التعامل معه بمنتهى الشدة".
وقالت "الظروف المالية يمكن أن تشتد صعوبة بوتيرة أسرع كثيرا مما شهدناه بالفعل. كما أن النمو يتباطأ في الصين".
ويقود مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) حملة تشديد السياسة النقدية بين أكبر البنوك المركزية في العالم، إذ رفع أسعار الفائدة مرتين هذا العام حتى الآن.
وفي المرة الثانية، كان رفعه سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية هو الأكبر في 22 عاما. ومن المتوقع أن يتكرر ذلك بنفس القدر مرتين أخريين على الأقل في الاجتماعات المقبلة.
وقالت جوبيناث "من المهم جدا أن يراقب المركزي الأمريكي البيانات بعناية وأن يستجيب بالقدر المطلوب في تعامله مع البيانات الواردة".
وأضافت "لذا إذا اتضح أن التضخم واسع النطاق بشكل خاص.. وأنه مستمر في الارتفاع فإنهم قد يحتاجون للاستجابة بقوة أكبر".
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز