رئيس "دافوس": نسخة المنتدى في 2022 هي الأهم منذ 30 عاما
أكد بورجي براندي، رئيس منتدى دافوس، أن الاجتماع السنوي للمنتدى، يأتي في أكثر اللحظات العالمية أهمية في العقود الثلاثة الماضية.
وأضاف رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) أن الاجتماع الذي بدأ أمس ويستمر حتى 26 مايو/أيار الجاري، يمثل تأكيدًا قويًا على أهمية التعاون، ويوفر منصة لا مثيل لها لمواجهة التحديات الملحة التي نواجهها، بوجود أكثر من 2000 قائد وخبير من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة، وذلك خلال حوار نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام).
وقال: "من الناحية الجيوسياسية، هُناك تخوّف عام من أننا دخلنا بجدّية فيما وصفته الأمم المتحدة قبل عامين، بأنه حقبة جديدة من الصراع والعنف، إلا أنه وفي مقابل ذلك، رأينا مؤخراً الفوائد التي يمكن تحقيقها عندما تتعاون الأطراف، حيث لم تكن السرعة القياسية التي تم بها تطوير لقاحات آمنة وفعالة خلال جائحة «كوفيد 19»، ممكنة إلا بسبب التنسيق بين الحكومات والشركات والمؤسسات البحثية".
تحديات سلاسل التوريد
وأضاف: "من الناحية الجغرافية الاقتصادية ، هناك مخاوف جدية بشأن تحديات سلاسل التوريد العالمية وارتفاع مستويات التضخم، حيث حذر صندوق النقد الدولي من تباطؤ مستويات النمو من 6.1% العام الماضي إلى 3.6%هذا العام، أي أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية عما كان متوقعاً في يناير الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الأوضاع الجيوسياسية، لكن في المقابل ، رأينا خلال الوباء ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون المؤسسات الاقتصادية، حيث كانت البنوك المركزية قادرة على درء أزمة مالية من خلال العمل معاً لخفض أسعار الفائدة ومساعدة الأسواق المالية على العمل".
ورداً على سؤال حول أهم المحاور التي سيتطرق إليها المنتدى، أوضح براندي أن اجتماع «دافوس» سيتطرق إلى 6 محاور رئيسة تتمثل في تعزيز التعاون الإقليمي والعالمي، وتأمين الانتعاش الاقتصادي وتشكيل عهد جديد من النمو، وبناء مجتمعات صحية وعادلة، وحماية المناخ والغذاء والطبيعة، وقيادة تحول الصناعة، وتسخير قوة الثورة الصناعية الرابعة.
وأشار إلى أن هذه المحاور مرتبطة مع بعضها البعض، نظراً لأن التحديات التي نواجهها تتطلب حلولاً متكاملة ومتعددة الأوجه، فعلى سبيل المثال ، أوضح التقرير الأخير الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة، أن الوقت ينفد بسرعة لمنع درجات الحرارة العالمية من الارتفاع إلى ما بعد المستويات الأكثر خطورة، الأمر الذي سيتطلب تسريع التقدم في الوصول إلى الحياد الصفري، بتعاون أصحاب المصلحة المتعددين وبوجود الابتكار التكنولوجي وتحول الصناعة والاستثمار المنصف.
ولفت إلى أن المنتدى أطلق خلال العام الماضي ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للمناخ «كوب 26»، تحالفاً عالمياَ، والذي يعد مثالاً على نهج متكامل لتوسيع نطاق العمل المناخي، حيث يتألف من مجموعة من الشركات ذات التفكير المستقبلي والتي تقدم التزامات بشأن السندات الخضراء، من أجل تحفيز الطلب على التقنيات الناشئة.
نمو عالمي أكثر شمولا
وحول أهم الفرص الاقتصادية ما بعد الجائحة، حدد رئيس «دافوس»، 3 أولويات رئيسة للاقتصاد العالمي، يتمثل أولها في ضمان أن يكون النمو العالمي الاقتصادي أكثر شمولاً، حيث يجب أن تكون الأولوية الأولى توجيه الاستثمار المستدام إلى الاقتصادات التي تعاني من نقص التمويل، مشيرا إلى تعافي نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر حول العالم بنسبة 77% في العام الماضي، بالمقارنة مع مستويات ما قبل جائحة «كوفيد 19»، إلا أن استمرارية الجائحة والظروف الاقتصادية الصعبة قد تجعل عملية التعافي العالمية قابلة للتغيّر.
وأضاف: تتمثل الفرصة الثانية على المدى المتوسط في التركيز على توسيع الوصول الرقمي، حيث يتم إضافة المزيد من التقنيات الرائدة للاقتصادات العالمية، وهو تطور أطلق عليه المنتدى الاقتصادي العالمي بـ «الثورة الصناعية الرابعة»، حيث بحسب بعض التقديرات ستعتمد 70% من القيمة الجديدة للعقد الجاري على نماذج الأعمال التي تستخدم التطبيقات الرقمية.
وأشار إلى أنه بالرغم من التطور التقني، إلا أن أكثر من ثلث سكان العالم لم يستخدموا شبكة «الإنترنت» مطلقاً، ولذلك جمع منتدى «دافوس» العام الماضي شركات التكنولوجيا والمالية الرائدة، جنباً إلى جنب مع الهيئات والمؤسسات الحكومية، لإطلاق تحالف «إيدسون» وهي مبادرة تعمل على توسيع الوصول الرقمي بأسعار معقولة للجميع بحلول عام 2025.
تسريع التحول الأخضر
ولفت إلى أن الأولوية الثالثة تتمثل في تسريع التحول الأخضر، حيث تشير التقديرات إلى احتمالية مواجهة الاقتصاد العالمي لعواقب غير مسبوقة، ومنها التقلص بنسبة تصل إلى 18% في السنوات الثلاثين المقبلة، في حال عدم اتخاذ أي إجراء، وهو الأمر الذي يتطلب الوصول إلى «الحياد الصفري» بحلول عام 2050، وإحداث تحول جذري في اقتصاداتنا، فالتحول الأخضر يُمكن أن يضيف ملايين الوظائف وتريليونات الدولارات إلى الاقتصاد العالمي.
وبيّن أن مركز الطبيعة والمناخ التابع لمنتدى الاقتصاد العالمي «دافوس» يشترك مع أكثر من 150 شركة من الشركات الرائدة في العالم و 50 منظمة دولية ومع منظمات المجتمع المدني للاستفادة من فرص التحول الأخضر، كما يتم العمل مع الشركاء في الشرق الأوسط قبل عقد فعاليات القمة العالمية للمناخ «كوب27» خلال نوفمبر المقبل في مصر، و«كوب 28» في دولة الإمارات العام المقبل.
وحول توقعاته بشأن متغيرات المشهد الاقتصادي العالمي، قال براندي: "على الرغم من المشهد الصعب الذي نعيش فيه ، إلا أنني متفائل. لأنني أرى كل يوم في المنتدى الاقتصادي العالمي أمثلة على الأعمال التجارية والحكومة والمجتمع المدني، والذي يعملون معًا لتعزيز مصالحنا المشتركة، فالتحديات التي نواجهها، من تغير المناخ إلى الأوضاع الجيوسياسية إلى الوباء معقدة للغاية وكبيرة جدًا، بحيث يتعذر على أي دولة أو شركة التعامل معها بمفردها، ونحن بحاجة إلى تعزيز الجهود لمضاعفة جهودنا التعاونية لأنها السبيل الوحيد نحو مستقبل أقوى".