الاستفتاء على دافوس.. معضلة تواجه "المنتدى الاقتصادي العالمي"
تعد الأزمة الأوكرانية من بين أبرز الأحداث التي ستهيمن على اجتماعات دافوس، التي تنطلق حضوريا الأحد، بعد عامين من الفعاليات الافتراضية.
يواجه المنتدى الاقتصادي العالمي هجوما كبيرا منذ تفشي جائحة كورونا، وسط فشل مدارس العولمة والليبرالية والرأسمالية، وهي النظريات التي يتبناها المنتدى، في إعادة الاستقرار للاقتصاد العالمي.
وقبل عامين ونصف تقريبا، أي قبل تفشي جائحة كورونا، وهي المرة الأخيرة التي عقد فيها المنتدى الاقتصادي العالمي اجتماعه السنوي في دافوس بسويسرا - في يناير/كانون الثاني 2020، خرج المتظاهرون لتحدي رسالة المنتدى الخاصة بالعولمة.
وتنطلق أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" اليوم الأحد، تحت عنوان "التاريخ يقف عند نقطة تحول: السياسات الحكومية واستراتيجيات الأعمال" بسويسرا، والذي يستمر حتى الخميس المقبل، وذلك حضوريا بمشاركة نحو 2500 من القادة والخبراء من جميع أنحاء العالم، بعد تخفيف الحكومات الإجراءات الاحترازية الخاصة بوباء كورونا.
- بعد عامين افتراضيا.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس العالمي حضوريا
- منتدى دافوس يستعد لاستقبال 2500 مؤثر اقتصادي.. نسخة استثنائية
يأتي انطلاق فعاليات المنتدى يوم الإثنين، بعد عامين من تعليقه حضوريا بسبب جائحة كورونا، بينما الحرب الأوكرانية المستمرة حتى الآن، تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، وهو ما يعطي المناقشات الجماعية والثنائية زخما خلال نسخة المنتدى هذا العام، والتي من المتوقع أن تأخذ في الحسبان تأثير موجة التضخم التي تضرب معظم دول العالم، وكيفية مواجهتها.
وفي تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، أمس السبت، فقد أشارت إلى أنه على مدى نصف القرن الماضي، أشاد كلاوس شواب المؤسس الأرستقراطي للمنتدى الاقتصادي العالمي، بفضائل العالم المترابط، حيث يؤدي التدفق الحر للسلع والخدمات والأفراد والأفكار إلى الرخاء والسلام المشتركين.
ومع ذلك، فقد تحدى العامان الماضيان بشكل أساسي قابلية هذه النظرة الطموحة للحياة، حيث دفعت جائحة كورونا إلى موجة من تحركات السياسة الخارجية الانعزالية، وكشف عن هشاشة سلاسل التوريد وترك الصين معزولة إلى حد كبير عن بقية العالم.
وقال مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي ورئيسه التنفيذي كلاوس شواب: «إن الاجتماع السنوي هو أول قمة تجمع قادة العالم معاً في هذا الوضع الجديد الذي يتسم بعالم ناشئ متعدد الأقطاب، وهذا يدل على الحاجة إلى منصة عالمية موثوقة وغير رسمية وعملية المنحى لمواجهة القضايا في عالم تحركه الأزمات».
الآن، وبينما يستعد شواب لرئاسة الاجتماع الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس منذ الوباء، فإنه يواجه عالماً يبدو مختلفا تماما عن العالم الذي كان يحاول استحضاره إلى الوجود لأكثر من 50 عاما.
تعد الأزمة الأوكرانية من بين الأحداث العالمية التي من المرجح أن تهيمن على العديد من الاجتماعات في دافوس هذا الشهر؛ لقد تحدى العدوان الروسي القيم التي أرساها كلاوس شواب.
كما أن التفاصيل التي رافقت الحرب الروسية الأوكرانية، من حمائية تجارية كبيرة قادتها دول متقدمة وناشئة، تفرض تحديات على استمرار المنتدى في تقديم النموذج المثالي للاقتصاد العالمي.
وبدأت عديد الاقتصادات حول العالم تتجه إلى العزلة وبناء مخزوناتها من السلع الأساسية خلال الأسابيع الأولى من الحرب، وهو شكل مشابه لما حصل في التوزيع غير العادل لجرعات اللقاح ضد فيروس كورونا.
ويبدو أن شواب نفسه يفهم أن النظام العالمي كما تصوره ذات مرة، في الوقت الحالي على الأقل، أكثر من مجرد خيال. وقال في مقابلة العام الماضي: "نحن نعيش في عالم مختلف.. حتى عندما اجتمعنا في عام 2020، كان لدينا الكثير من المخاوف الجادة. الآن لدينا حدثان إضافيان سرعا بالفعل من خطورة وضعنا".
لكن بينما قد يكون العالم قد تغير، فإن دافوس لم يتغير.. إذ سيضم الاجتماع السنوي كالعادة، سياسيين وموظفين حكوميين ومديرين تنفيذيين وقادة غير ربحيين، وستتم مناقشة قضايا مثل الحرب وCovid، جنبًا إلى جنب مع التهديدات الدائمة مثل تغير المناخ والأمن السيبراني؛ وسيقدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطابا افتراضيا لرؤساء الدول الآخرين.
تقول نيويورك تايمز إن الشيء الوحيد الذي سيكون مختلفا هو درجة الحرارة الخارجية؛ فعادة ما يعقد الاجتماع السنوي في يناير/كانون الثاني حيث درجات الحرارة الصفرية.
ولكن بعد أن أدت زيادة حالات الإصابة بفيروس كوفيد نهاية العام الماضي إلى الإلغاء في اللحظة الأخيرة، أعاد المنتدى الاقتصادي العالمي جدولته إلى أواخر مايو/أيار. هذا يعني أنه لن يكون هناك ثلوج على الأرض.
واليوم، وبالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية، فإنها (أي الحرب) ستجبر أبطال العولمة القدامى على إعادة النظر في حدود رأسمالية السوق الحرة كوسيلة لتعزيز الانسجام العالمي، بعيدا عمن تصفهم الأعداء.
وتخارجت عشرات الشركات الكبرى من السوق الروسية، بعضها طواعية، والأخرى تحت ضغوط غربية، في سحق كامل لأسس العولمة التي طالما تبناها الغرب.
وبحسب نيويورك تايمز "في الواقع توضح الحرب نفسها -فضلًا عن عدم رغبة الدول الكبرى الأخرى، مثل الصين والهند والبرازيل ، للوقوف خلف أوكرانيا- أن العالم لم يكن أبدا متماسكا كما قد يرغب بعض المثاليين في تصديقه".
ولعب المنتدى الاقتصادي العالمي دور صانع السلام من قبل، ففي عام 1988 وقعت اليونان وتركيا على ما يسمى بإعلان دافوس، مما يمثل حقبة جديدة من العلاقات المحسنة بين الخصوم القدامى.
لكن هذا العام لن تكون هناك محادثات بين أوكرانيا وروسيا في دافوس، بل إنه لن يكون هناك أي روسي على الإطلاق على طاولة المنتدى هذا العام، بسبب عدم وجود دعوات رسمية من إدارة المنتدى لأي روسي.
aXA6IDMuMTQ1Ljg1Ljc0IA== جزيرة ام اند امز