بأول أيامه حضوريا.. دافوس في اختبار "قاس"
6 محاور رئيسية تسيطر على جلسات اليوم الأول من منتدى دافوس العالمي، بدءا من أزمة الغذاء مرورا بالعقوبات الروسية ومستقبل العولمة.
وفي اليوم الأول، يناقش المنتدى أزمة الغذاء العالمية، وتأثير العقوبات المفروضة على روسيا على الاقتصاد العالمي، وتكنولوجيا المناخ، فضلا عن مستقبل العولمة، والعملات الرقمية الوطنية وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمعات.
كما يشهد اليوم الأول خطابا خاصا من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
- بعد عامين افتراضيا.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس العالمي حضوريا
- الاستفتاء على دافوس.. معضلة تواجه "المنتدى الاقتصادي العالمي"
وتحت عنوان "قادة الأعمال يحذرون من قرب نهاية عصر العولمة الذي دام لثلاثة عقود"، نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا، يؤكد فيه رؤوساء شركات دولية تباطؤ وتيرة العولمة، والذين أكدوا "تواجه (العولمة) تحركات مناهضة من القومية، والحمائية، والوطنية، والشوفينية، أو حتى في بعض الأحيان كراهية الأجانب، ليس من الواضح من الذي سيفوز".
وفي هذا السياق، أدرج رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل إزالة العولمة كواحد من "العناصر الثلاثة" التي من شأنها أن "تزيد من الضغوط التضخمية" جنبا إلى جنب مع إزالة الكربون والتركيبة السكانية.
وقال رئيس البنك المركزي الألماني بعد اجتماع لوزراء مالية مجموعة السبعة ومحافظي البنوك المركزية في كونيجزوينتر بألمانيا الأسبوع الماضي إن التحول عن العولمة كان "مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية والرغبة في تقليل التبعيات الاقتصادية".
صندوق النقد يدافع عن العولمة
في ظلّ مواجهة النظام الاقتصاديّ العالميّ "تقاطعاً محتملاً للكوارث"، سيدافع صندوق النقد الدوليّ في منتدى دافوس عن العولمة ويحثّ الدول على عدم الاستسلام لمغريات الأنظمة الحمائيّة.
وكتبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا في مدوّنة مشتركة مع مسؤولين في الصندوق: "بينما يتوجه صنّاع القرار السياسيّ وأصحاب الشركات إلى دافوس، يواجه الاقتصاد العالمي على الأرجح أكبر اختبار له منذ الحرب العالميّة الثانية".
وقالت كريستالينا جورجيفا اليوم لتلفزيون بلومبرج إن تأزم الأوضاع المالية وارتفاع الدولار وتباطؤ اقتصاد الصين كلها عوامل تؤثر على الاقتصاد العالمي لكن صندوق النقد لا يتوقع ركودا عالميا.
وأضافت جورجيفا "كل هذه العوامل تجعل تخفيض التصنيفات أمرا واردا وبالنسبة لبعض الدول هناك خطر متزايد من الركود لكننا لا نتوقع ركودا عالميا".
وبعد توقف لمدّة سنتين بسبب وباء كوفيد-19، تعود النخب السياسيّة والاقتصاديّة في العالم للحضور شخصياً إلى المنتدى الاقتصاديّ العالميّ، حيث ينصبّ الاهتمام على تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وشدّد مسؤولو صندوق النقد الدولي على "تنامي خطر التفتت الجغرافي-الاقتصاديّ"، مشددين في المقابل على فوائد العولمة.
ولفت مسؤولو صندوق النقد الدولي في مدوّنتهم إلى التغيّر في تدفّق رأس المال والسلع والخدمات على مدى العقود الثلاثة الماضية مدفوعاً بانتشار التكنولوجيا الحديثة، "لقد عززت قوى التكامل هذه مستوى المعيشة والإنتاجيّة وضاعفت حجم الاقتصاد العالمي ثلاث مرّات وانتشلت 1,3 مليار شخص من الفقر المدقع".
إلا أنّ هذا التقدّم مهدّد اليوم بفعل الحرب في أوكرانيا وما صاحبها من عقوبات وقيود، إذ فرضت قيودٌ على تجارة الأغذية والطاقة والمواد الخام الأخرى في حوالي 30 بلداً، بحسب الصندوق. ومع ذلك من الضروريّ "تعزيز الحركة التجاريّة لزيادة القدرة على التكيّف".
ومن شأن تقليص العوائق التجاريّة أن يساعد في تخفيف النقص في الإمدادات وخفض أسعار المواد الغذائيّة والمنتجات الأخرى.
ونصح صندوق النقد الدولي الدول والشركات بتنويع وارداتها لضمان تدفّق الإمدادات و"الاستفادة من فوائد التكامل العالميّ للشركات". وقد أظهرت دراسة أجراها الصندوق أنّ التنويع يمكن أن يخفّص نصف الخسائر المحتملة المرتبطة بمشاكل العرض.
أوكرانيا.. ضيفة شرف
بعد ثلاثة أشهر على بدء الأزمة الأوكرانية، تقع الحرب والمخاطر التي تطرحها على انتعاش الاقتصاد العالمي في صلب اجتماع لنخب العالم اعتبارا من اليوم الإثنين في دافوس.
ويعود المنتدى الاقتصادي العالمي إلى منتجع التزلج في الجبال السويسرية بعد عامين من تعليقه في ظل تفشي وباء كوفيد-19، بعدما عقد لقاءه العام الماضي عبر الإنترنت، ومع تأخيره هذه السنة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار بسبب الأوضاع الصحية.
وأعلن مؤسس المنتدى كلاوس شواب "أفكارنا الأولى تتوجه إلى الحرب في أوكرانيا"، لدى عرضه برنامج اجتماعات هذه السنة التي تنعقد في ظل "ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية ... غير مسبوقة".
وسيكون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أول رئيس يلقي كلمة، ومن المتوقع أن يغتنم هذا المنبر لحض العالم على تقديم المزيد من المساعدات المالية والعسكرية لبلاده، وربما تجديد طلب كييف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويلقي زيلينسكي خطابه عبر الفيديو في الساعة 9,15 بتوقيت جرينتش، غير أن عددا من المسؤولين السياسيين الأوكرانيين يشاركون في المنتدى حضوريا، وبينهم وزير الخارجية دميترو كوليبا ورئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو.
وقالت إيفانا كليمبوش وهي من البرلمانيين الأوكرانيين الذين حضروا إلى دافوس، متوجهة مساء أمس الأحد إلى الصحفيين "طلبنا الرئيسي إلى العالم هنا هو التالي: لا تتوقفوا عن دعم أوكرانيا"، داعية إلى التثبت من أن روسيا "لن يكون بإمكانها شن حرب جديدة ضد أي كان في المنطقة".
وفي سياق العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، استبعد المنتدى هذه السنة مشاركة موسكو التي ترسل عادة أكبر وفد إلى دافوس.
- "عاصفة من الأزمات"
وتهز الحرب في أوكرانيا الاقتصاد العالمي في وقت كان بدأ يتعافى من صدمة الوباء، فتتسبب بالارتفاع الحاد المسجل في أسعار الطاقة والمواد الغذائية وسط مخاوف بشأن الإمدادات، ما يطرح أزمة معيشية حقيقية في العالم.
وفي تقرير صدر الإثنين قبيل افتتاح منتدى دافوس، توقعت منظمة أوكسفام أن يقع 263 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع هذه السنة، أي بمعدل مليون شخص كل 33 ساعة، وهي وتيرة يقابلها إحصاء ملياردير جديد كل ثلاثين ساعة خلال أزمة الوباء.
وقالت جابرييلا بوشر المسؤولة في المنظمة في بيان "يصل أصحاب المليارات إلى دافوس للاحتفال بزيادة ثرواتهم بشكل يفوق التصور" مضيفة "في الوقت نفسه، نحن نتراجع عن عقود من التقدم على صعيد الفقر المدقع، مع مواجهة ملايين الأشخاص زيادة غير معقولة في تكلفة البقاء على قيد الحياة بكل بساطة".
وأقر شواب نفسه بأن "شرائح متزايدة من سكان العالم تواجه خيارات وجودية، أو حتى باتت تحت خط الفقر المدقع".. مؤكدا "علينا أن نواجه هذه المسائل في دافوس، والأزمة الغذائية العالمية تستدعي اهتمامنا الفوري".
ولفتت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار إلى أن المنتدى يُعقد وسط "عاصفة من الأزمات المتعلقة بحقوق الإنسان"، معددة "تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، والتراجع المقلق عن حق الإجهاض في الولايات المتحدة، والأوضاع المناخية الطارئة التي لا تزال مهملة، والفشل في ضمان إمكانية الحصول على اللقاح في العالم".
ودعت المشاركين في المنتدى إلى التحلي بـ"الواجب الأخلاقي"، معتبرة أن "عليهم استخدام ثرواتهم الطائلة ونفوذهم من أجل إنهاء الوضع القائم الحالي".