بعد 48 عاما من تدشينه.. منتدى دافوس وتحويل العالم إلى مكان أفضل
مؤسس دافوس يقول إن طفولته التي عاشها في ظل الحرب العالمية الأولى دفعته إلى التفكير بتأسيس منظمة قادرة على تحويل العالم إلى مكان أفضل
كشف كلاوس شواب، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، عن أن طفولته التي عاشها في ظل الحرب العالمية الأولى دفعته إلى التفكير بتأسيس منظمة قادرة على تحويل العالم إلى مكان أفضل.
ولا شك في أن مؤسسته التي تستضيف أشهر شخصيات العالم وأكثرها نفوذا وثراء في اجتماعها السنوي في منتجع دافوس السويسري الشتوي تركت أثرا.
لكن الشكوك تزايدت حول ما إذا كانت المنظمة تحقق هدفها المعلن وهو "تحسين حال العالم"، في ظل تصاعد الاستياء حيال أجندة دافوس الداعمة لقطاع الأعمال وميل الناخبين للتصويت لقادة شعبويين.
وبين الانتقادات الدائمة أن اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي، بما في ذلك الاجتماع السنوي الذي سيجري في دافوس هذا الأسبوع خلقت بكل بساطة فضاء آمنا لعالم الأعمال لكي يضغط على الحكومات دون رقابة.
ولم يكن شواب متاحا لتجري وكالة فرانس برس مقابلة معه، لكن مدير المنتدى آدريان مونك قال في رسالة عبر البريد الإلكتروني إن المنظمة "تدعم أعلى معايير الحوكمة".
- سلطة "هشة"
وكان شواب، الذي ولد في بلدة رافنزبورغ الألمانية عام 1938، أستاذا في إدارة الأعمال في جامعة جنيف عندما أسس عام 1971 "منتدى الإدارة الأوروبي" الذي مهد الطريق لإقامة المنتدى الاقتصادي العالمي.
ووسع لائحة الحضور لاحقا عبر دعوة قادة عالم الأعمال الأمريكيين، فشكّل قائمة مرموقة محولا التجمع إلى مناسبة لإقامة شبكة علاقات وتبادل الأفكار.
وفي كتاب صدر عام 2018، أرّخت أستاذتان من جامعة ستوكهولم عملية تطور المنتدى الاقتصادي العالمي مع انضمام سياسيين تدريجيا إلى رجال الأعمال في دافوس، ما أضفى طابعا أمميا على المنتدى مع وجود عدد من المشاهير على قائمة الحضور.
وكتبت كل من كريستينا غارستان وآدريين سوربوم في كتابهما "السلطة الخفية: كيف يشكل المنتدى الاقتصادي العالمي أجندات السوق" أنه "على وقع ما يعد قصورا في مؤسسات الحوكمة العالمية وتعثر صناعة السياسات الدولية، يقدم المنتدى الاقتصادي العالمي نفسه على أنه يوفر بديلا".
وعلى مدى السنوات، ولّد النجاح مزيدا من النجاح للمنتدى الاقتصادي العالمي، حيث يسعى أصحاب النفوذ لقضاء الوقت مع بعضهم البعض في جبال الألب السويسرية وهم يشاركون في حلقات نقاش ويقيمون علاقات اجتماعية بعد التزلج. وانضمت اجتماعات إقليمية جديدة لبرنامج دافوس.
وقالت سوربوم إن سلطة المنتدى "الهشة" تقوم على معادلة مفادها أنه "إن كنت تريد أن تكون جزءا من الطبقة الراقية العالمية، فلا بد لك من الوجود هنا".
- جيد أم سيئ
وقالت إن المنظمة تبدو كأنها تقدم شيئا تفتقر إليه هيئات دولية أخرى، مكان يجتمع فيه قادة الأعمال التجارية والحكومات "ليخرجوا ببعض الأفكار الجيدة".
لكنها نوهت بأن لذلك "جوانب مقلقة".
وكتبت غارستن وسوربوم أنه مع قدوم عشرات رؤساء الدول والحكومات إلى دافوس كل عام، يمكن النظر إلى المنتدى الاقتصادي العالمي على أنه هيئة "لا تملك تفويضا قانونيا للتأثير على الحوكمة العالمية بعد، لكنها تطمح لذلك".
بدوره، يشير أوليفييه كلاسن من منظمة "بابليك آي" السويسرية غير الحكومية، التي قادت التظاهرات والحملات الأخرى المناهضة لاجتماع دافوس إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي لطالما كان "معتمدا بشكل كامل" على الشركات الألف التي تموله.
وتتراوح رسوم عضوية المنتدى ما يعادل 60 ألفا إلى 600 ألف دولار تسمح لممثلي الشركات بحضور دافوس وغيره من الاجتماعات على مدار العام.
وقال كلاسن: "يبدو أن لدى شواب قناعة ثابتة بأن جعل الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض هو هدف يبرر كل شيء".
وأضاف: "ما لا يدركه هو أنه (...) عندما تكون لدى أغلبية هؤلاء الأشخاص مصالح تجارية، يصبح الأمر برمته مجردا بإبرام الصفقات لا أكثر".
لكن مونك يؤكد أنه بالنسبة للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن "مشاركة أصحاب المصالح المتعددة (...) تعني احترام آراء ومصالح الآخرين".
- "أكثر انفتاحا"
وتفيد تقارير بأن اجتماع دافوس واجه تهديدا وجوديا مطلع الألفية بعدما نفد صبر السكان المحليين جراء الاحتجاجات المتواصلة.
وردا على ذلك، فتح شواب الاجتماع أمام مجموعات المجتمع المدني وأتاح لوسائل الإعلام توسيع حضورها في الحدث الذي كان يعقد بمعظمه في السابق خلف الأبواب المغلقة.
وقال رئيس تحرير مجموعة "بليك" الإعلامية السويسرية كريستيان دورير الذي سُمح له مؤخرا بالوصول إلى شواب لكتابة نبذة عنه في خطوة نادرة، إن التحرك لم يكن "طوعيا".
وأوضح دورير أن شواب "أدرك أن عليه القيام بذلك وإلا فسيموت المنتدى"، مضيفا أن مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي تغير على مدى السنوات.
وقال: "كان مرتبطا بعالم الأعمال فقط، لكنه بات الآن أكثر انفتاحا".
وذكرت سوربوم أن بحثها أظهر تسامح المنظمة مع المعارضة إلى حد ما.
وقالت: "بإمكانك توجيه الانتقادات، لكن في حال كثرت انتقاداتك، فسيتم طردك إلا إذا كنت (المغني الشهير) بونو".
وقال مونك إنه إذا "كنت غير قادر على مجاراة مبدأ مشاركة أصحاب المصالح المتعددة فإن المنتدى ليس المنصة الأمثل لك".
ويستعد نحو 3 آلاف شخص من الأثرياء وأصحاب السلطة في العالم للاجتماع بالبلدة الجبلية السويسرية الصغيرة، دافوس، لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي الثلاثاء المقبل.
aXA6IDE4LjExOS4xMjAuNTkg جزيرة ام اند امز