يوم الجمعة الماضي 17 يناير/كانون الثاني، وافقت الذكرى الثالثة للهجوم الإرهابي الذي تعرضت له دولة الإمارات على أيدي جماعة "الحوثي" الملطخة بالإرهاب ودماء الأبرياء.
ففي مثل ذلك اليوم من عام 2022 ارتكب الحوثيون جريمة ضد الإنسانية، بشن هجمة بربرية على منشآت إماراتية مدنية، راح ضحيتها مدنيان مقيمان بالدولة من جنسيتين آسيويتين.
لقد كانت تلك الهجمة محاولة أبسط ما يقال فيها "خسيسة" للتعدي على هيبة ومكانة الإمارات، والإساءة إلى إحدى أبرز وأسمى القيم الرفيعة التي يؤمن بها كل أبناء الإمارات، وهي "النخوة". لأن الهدف من الاعتداء الذي تعرضت له الإمارات في ذلك اليوم، بالتأكيد لم يكن هدم مبنى أو وقف نشاط منشأة مدنية فقط. وإنما كان الغرض الحقيقي هو توصيل رسالة عقابية للدولة بسبب وقوفها إلى جانب الشعب اليمني الشقيق.
لقد بادرت دول عدة إلى الوقوف في صف الشرعية باليمن، ومدت أيدي المساعدة إلى الشعب اليمني الشقيق، وبالتالي فإن استهداف الإمارات بصفة خاصة من بين تلك الدول، يكشف من ناحية عمق الغلّ والحقد الذي يكنه الحوثيون ومن يدعمهم ضد الإمارات شعباً ودولة. ويؤكد من ناحية أخرى ما تمتاز به الإمارات نخوة وشهامة تتوج دوافع أخلاقية وثوابت أخوية عروبية متجذرة في التقاليد والعقلية الإماراتية منذ الأزل.
فالدول تتحرك وتتخذ مواقف مساندة وداعمة لبعضها، إما لدوافع وأهداف مصلحية تسعى إليها وإما بدوافع أخلاقية وقيمية تؤمن بها. وهذا هو حال الإمارات، إذ بادرت بالتحرك نحو مساعدة اليمنيين بمختلف السبل والأشكال، من منطلق الأخوة في التاريخ والحضارة والثقافة والدين. وكلها مرتكزات لقيمة "النخوة" التي تدفع الأخ إلى الاندفاع نحو إغاثة ونجدة أخيه. وهي أيضاً التي تثير غيرة الأخ على أخيه. ولا شك أن الانتهاكات التي قامت بها جماعة الحوثي بحق اليمنيين الأبرياء، كانت كفيلة بتأجيج مشاعر الغضب والحمية لدى كل إماراتي؛ لتقوم دولة الإمارات بدورها وواجبها لدفع خطر الإرهاب عن اليمن شعباً ودولة.
لم يكن استهداف الحوثي للنخوة الإماراتية مجرد رد على ما تلقاه اليمنيون من موقف أخوي ونخوة إماراتية معتادة. وإنما كانت نخوة الإمارات هدفاً لخساسة الحوثي، حين اختار الهجوم على منشآت مدنية تحديداً. في محاولة بائسة لإفشال التلاحم بين الشعبين الإماراتي واليمني، والتشويش على الأثر العظيم لنخوة الإماراتيين مع أشقائهم اليمنيين.
يندرج كل ما سبق، في نطاق النخوة والشهامة الإماراتية مع اليمنيين. بينما هناك الوجه الآخر لنخوة الإمارات، الوجه الأكثر عمقاً وأصالة وتأثيراً. وهو المتعلق بالحمية للوطن والذود عنه. حيث تتجذر النخوة والغيرة على الوطن في قلب وعقل كل إماراتي، خصوصاً أفراد القوات المسلحة، الذين يضعون أرواحهم فوق أكفهم فداء للوطن ودفاعاً عن ترابه.
ويكفي للتدليل على ذلك أن الاعتداء الحوثي على أرض الإمارات في السابع عشر من يناير/كانون الثاني 2022، تبعته محاولتان اثنتان في الشهر ذاته. لكن بقدرات الجيش الإماراتي وبسالة رجاله الأوفياء، تم إجهاض تلك الاعتداءات وإحباط أطماع الحوثيين في كسر نخوة وكرامة الشعب الإماراتي.
لعل إدراك الحوثيين لفداحة الخطأ والجرم الذي ارتكبوه وانكشاف تدني أفعالهم، هو الذي دفعهم إلى وقف سلسلة اعتداءاتهم الخسيسة. ليس فقط لثبوت عجزهم عن النيل من الإمارات بأي شكل، لكن أيضاً لانكشاف ضعفهم وهشاشة موقفهم الفعلي والأخلاقي بل والمعنوي أيضاً أمام تسامي الإمارات عن الصغائر وترفع الإماراتيين عن الصغار.
أخيراً، فإن تلك المناسبة الوطنية جديرة بالفعل بالترسيم في سجل التاريخ بحروف من نور. وكعهده دائماً، أصاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة عين الحقيقة، باختيار ذلك اليوم ليصبح أحد الأيام الخالدة والمناسبات التاريخية الناصعة في قائمة إنجازات الإمارات ومواعيدها الكبرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة