تستهوي الشعارات الرنانة كثيراً من جماهير المليشيات الإيرانية في المنطقة،
فـفي اليمن لم يتوقف الانقلابيون الحوثيون يوماً عن رفع شعار الموت لأمريكا، بينما ولي نعمتهم في طهران علي خامنئي و حكومته يلهثون وراء أمريكا هذه الأيام ومن قبل بغية الحوار والمفاوضات معها.
وفي العراق يستحوذ الحشد الشعبي الموالي للحرس الثوري الإيراني على كمية كبيرة من الخطب والعنتريات التي تدعو إلى إخراج من يسمونه بالمحتل الأمريكي من أرض العراق، وفي الوقت نفسه لاتزال فصائل الحشد الولائية تطالب الحكومة العراقية بمزيد من الدعم العسكري والمالي القادم من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأما في لبنان بلد العجائب الإيرانية والغرائب المليشياوية، فإن زعيم مليشيا حزب الله الإرهابي حسن نصر الله لايكف البتة عن شتم واشنطن، بل و يتوعدها بالويل والثبور في كل إطلالة تلفزيونية له، ومن ثم ينصرف لفتح قنوات التواصل معها سراً وعبر السفيرة الأمريكية في بيروت، أو علناً وبطريقة غير مباشرة من خلال حليفه الجنرال ميشال عون رئيس الجمهورية، الذي طالب و يطالب إسرائيل بالتفاوض مع لبنان في الناقورة مجدداً بحسب المقترح الأمريكي.
وخلاصة الأمر فيما يتعلق بحجم تناقض مفردات الخطاب والأداء بين الرعاة والأدوات، تتلخص بمصالح إيران ومشاريعها التوسعية، وغباء الذين رضوا أن يكونوا عبيداً لديها، و تعاسة حاضرهم ومستقبلهم، كونهم خانوا أوطانهم فهانوا، وأهانتهم طهران عبر استخدامهم كورقة تفاوضية مع الغرب ليس إلا.
وإذ تستعد إيران هذه الأيام لتقديم الهدايا الثمينة إلى إدارة بايدن بعد تعبيد طريق العودة للاتفاق النووي، فإن الهدايا التي بحوزة نظام الملالي هي المليشيات ومصيرها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فالمهم عند نظام الملالي في إيران هو بقاء النظام، وعودة تدفق الأموال، و أما المليشيات المسلحة المتطرفة فلا قيمة لها، لأنها أوجدت من أجل هذه المهام السيئة.
ويلحظ القاصي والداني تفاعل الجماعات الإرهابية التي تدور في فلك إرهاب إيران مع توجهات طهران الأخيرة، فالحوثة الإرهابيون في اليمن صعدوا من هجماتهم العبثية والفاشلة ضد المدن السعودية، و الحشد الشعبي المتطرف في العراق قصف مدينة أربيل ومطارها الاستراتيجي في إقليم كردستان العراق، وحتى حركة طالبان في أفغانستان لم تعد تخفي تماهيها المطلق مع حكومة إيران، من حيث تهديد الحكومة الشرعية في كابل أو مهاجمة مقرات قوات حلف الناتو.
لتبقى مكاسب إيران أهم بكثير من أحلام وأوهام بعض الساعين لكسب رضا الولي الفقيه، ولعل مظاهرات جنوب العراق العام الماضي خير دليل على ذلك، حين أعلنها شيعة العراق قبل غيرهم من المكونات، أن النظام الإيراني عدو مبين، همه سرقة خيرات وثروات العراق، وجعله دولة فاشلة بكل معنى الكلمة، وهذا هو مشروع إيران أيضاً في سوريا واليمن ولبنان.
وما بين شعارات الموت لأمريكا التي يطلق لها العنان أتباع إيران من العرب، و حرص إيران على التلاقي مع أمريكا، أصبح الشيطان الأكبر هو نفسه الصديق الأوفر حظاً في طهران، و خسرت الشعوب العربية التي سامتها مليشيات إيران سوء العذاب والفقر حياتها وحاضرها ومستقبلها، ودقت ساعة الحقيقة لتشرح وتوضح دنو مستوى من يعتبرون أنفسهم محور المقاومة والممانعة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة