«علي الكسار» أيقونة الكوميديا المصرية.. ضحكة لا تغيب في ذكرى رحيله
في ذكرى وفاة رائد الكوميديا المصرية، علي الكسار،الذي توفي يوم 15 يناير\ كانون الثاني 1957، نستعيد سيرة فنان استثنائي أضحك الملايين وأسس مدرسة كوميدية فريدة.
لم يكن الكسار مجرد ممثل كوميدي، بل كان ظاهرة فنية متكاملة، ابتكر شخصيات لا تُنسى، وأسس فرقة مسرحية ناجحة، وقدم للسينما المصرية أفلامًا خالدة.
نشأة علي الكسار:
وُلد علي خليل سالم، الشهير بـ «علي الكسار»، في 13 يوليو\ تموز عام 1887 في حي السيدة زينب الشعبي بالقاهرة، وقد نشأ في أسرة بسيطة، حيث عمل والده سروجي (صانع سروج الخيل)، لم يتلقَ الكسار تعليمًا نظاميًا، لكنه امتلك ذكاءً فطريًا وحسًا فكاهيًا مُرهفًا.
عمل في بداية حياته في مهنة والده، ثم انتقل للعمل طاهيًا مع خاله، حيث احتك بالنوبيين وأتقن لهجتهم، وهو ما سيُستخدم لاحقًا في شخصيته الشهيرة «عثمان عبد الباسط»، فهذه البيئة الشعبية الغنية بالتفاصيل والحكايات أثرت بشكل كبير في تكوين شخصيته الفنية ومنحته فهمًا عميقًا للطبقات الشعبية المصرية، وهو ما انعكس في شخصياته الكوميدية التي كانت قريبة من قلوب الناس.
مسيرته الفنية:
بدأ شغف الكسار بالتمثيل في الظهور مبكرًا، حيث انضم إلى الفرق المسرحية المتجولة التي كانت تُقدم عروضها في الأحياء الشعبية في عام 1907، أسس أول فرقة مسرحية له تحت اسم «دار التمثيل الزينبي».
ثم انضم إلى فرقة جورج أبيض، حيث التقى بأمين صدقي، الذي سيُصبح شريكه وكاتب مسرحياته فيما بعد، في عام 1916، أسس الكسار وصدقي فرقة مسرحية مشتركة، ثم انفصلا ليُؤسس الكسار فرقته الخاصة عام 1917، التي حملت اسمه «فرقة علي الكسار».
ابتكر علي الكسار شخصية «عثمان عبد الباسط» النوبية، التي تُعتبر من أشهر وأنجح الشخصيات الكوميدية في تاريخ الفن المصري، قدم الكسار هذه الشخصية بأسلوب فريد، مُستخدمًا لهجة نوبية مُبسطة وحركات جسدية مُعبرة وملابس مميزة، ما جعلها محبوبة لدى الجمهور من مختلف الطبقات، حيث كانت شخصية عثمان عبد الباسط تُجسد شخصية الرجل النوبي البسيط والطيب، الذي يواجه مواقف كوميدية بسبب بساطته وطيبة قلبه.
على الرغم من أن بعض النقاد وجهوا انتقادات لهذه الشخصية، مُعتبرينها نمطية، إلا أنها حظيت بشعبية جارفة واستمرت في إسعاد الجمهور لعقود، وأصبحت رمزًا للكوميديا المصرية الأصيلة.
مسرح علي الكسار:
تميز مسرح علي الكسار بتقديم كوميديا الموقف، التي تعتمد على المفارقات الكوميدية الناتجة عن المواقف المختلفة التي يتعرض لها الشخصيات، كانت مسرحياته تُقدم بشكل بسيط وقريب من فهم الجمهور، وتُناقش قضايا اجتماعية بطريقة ساخرة وجذابة.
انتقل الكسار بفرقته إلى مسرح«الماجستيك» بشارع عماد الدين عام 1919، وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، انضم الموسيقار الكبير الشيخ زكريا أحمد إلى فرقة الكسار عام 1924، وقدم لها العديد من الألحان المسرحية التي ساهمت في نجاحها.
أعماله السينمائية:
لم يقتصر إبداع علي الكسار على المسرح، بل امتد إلى السينما، حيث قدم العديد من الأفلام الكوميدية الناجحة، من بينها:
- سلفني 3 جنيه
- ألف ليلة وليلة
- بواب العمارة
- الساعة 7
قدم الكسار في أفلامه شخصية عثمان عبد الباسط في مواقف سينمائية مختلفة، وحققت هذه الأفلام نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.
وفاة علي الكسار:
على الرغم من النجاح والشهرة التي حققها علي الكسار، إلا أنه عانى في أواخر حياته من الفقر والمرض، وقد تدهورت حالته الصحية واضطر إلى بيع ممتلكاته لتغطية نفقات العلاج،
تُوفي في 15 يناير\ كانون الثاني عام 1957 في مستشفى قصر العيني عن عمر ناهز 69 عامًا بعد صراع مع سرطان البروستاتا، أقيم له حفل تأبين في وزارة الإرشاد القومي بمسرح حديقة الأزبكية، حضره العديد من الفنانين والمثقفين.