بعد وفاة إبرهيم منير.. من يقود تنظيم الإخوان؟
جاءت وفاة نائب مرشد تنظيم الإخوان الإرهابي إبراهيم منير المفاجئة بمثابة ضربة قوية جديدة للجماعة، التي تعاني بالأساس من صراعات وتصدعات غير مسبوقة في تاريخها منذ تأسيسها عام 1928.
وفاة منير ستزيد وتيرة الصراع حول من يخلفه في ظل الصراع القائم مع جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة في إسطنبول، والذي لم ينته حتى الموت، حيث أصدرت بيانا لم يحمل منصبه داخل التنظيم ونعتته بـ"الأستاذ".
ووفق محللين فإن منصب" قائم بأعمال المرشد" تتصارع عليه أكثر من جهة وتيار داخل الجماعة، لذا من المتوقع أن تحسم الإخوان (جبهة منير) من سيخلفه بسرعة وبشكل لائحي منعا لمزيد من التفتت والتشظي، فثمة إشارات قوية أن مجلس شورى الإخوان سيجتمع في الساعات القادمة لاختيار نائب للمرشد، يقوم مقام المرشد في إدارة الجماعة.
وتوفي اليوم الجمعة القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير، عن عمر ناهز 85 عاما في العاصمة البريطانية لندن.
من يخلف منير؟
مجلس شورى الجماعة، أعلى سلطة تشريعية بالجماعة، مسؤول عن انتخاب أعضاء مكتب الإرشاد، الذي يخرج المرشد من بينهم، وأعضاؤه يدينون بالولاء لإبراهيم منير ولجبهة لندن، وتم انتخاب أعضائه في الخارج، لاستكمال نصابه القانوني نظرا لحبس العديد من أعضائه السابقين في جرائم إرهاب بمصر.
ووفق قاعدة الأكبر سنا فإن عضو مجلس الشورى محمد عبدالمعطي الجزار، أقرب المرشحين لتولي المهمة، وهو من "القطبيين" أي الجيل الثاني في الجماعة الذي يحظى بالشرعية التاريخية.
يتساوى "الجزار" مع "محمود عزت" و"إبراهيم منير" فقد كان أحد المتهمين مع سيد قطب في تنظيم 65، ثم صدر الحكم عليه في 20 أغسطس/آب 1966 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 سنة.
مكث الجزار في السجن الحربي بعد صدور الحكم حتى 17 يونيو/حزيران 1967 وبعدها تمَّ ترحيله إلى سجن طرة، إلى أن أُفرج عنه في عام 1975م بعفو من الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
بعد خروجه من السجن، شارك في إعادة بناء تنظيم الإخوان من جديد، ثم سافر إلى الخارج في عام 1984م حتى 1998م، وعقب نشوب الخلافات والصراعات بين جبهات الإخوان المختلفة انحاز عبدالمعطي الجزار إلى "جبهة منير"، ومن ثم قامت جبهة "حسين" بفصله في ١٢ يوليو/تموز ٢٠٢٢م من الجماعة ومن تشكيلاتها هو وثلاثة عشر قيادة إخوانية على رأسهم نائب المرشد القائم بالأعمال إبراهيم منير.
أما إذا وقف انتماؤه السابق لجماعة التبليغ حائلا أو حالته الصحية في تعيينه، فإن فرص محي الدين الزايط أو حلمي الجزار تظل أكبر، لما يتمتعان به من قدرات تنظيمية لإدارة الجماعة، وقبول من الداخل فكلاهما من جيل السبعينيات، الجيل الثالث الذي يحمل الشرعية التاريخية، كما أن كليهما قضى في السجن عددا من السنوات في المحاكمات العسكرية سواء في 1995 أو في 2001، وكلاهما تقلد مناصب إدارية في التنظيم حتى 2013، وإن كان حلمي الحزار لم يكن من قيادات التنظيم في اعتصام رابعة.
من هو محي الدين الزايط؟
• كان مسؤول العمل الطلابي لفترة طويلة وتولى قيادة المكتب الإداري للجيزة وعضو مجلس الشورى، سواء الذي قامت عليه ثورة 30 يونيو/حزيران أو ذلك الذي تم انتخابه مؤخرا من قبل إبراهيم منير.
• من أبناء التأسيس الثاني للجماعة في سبعينيات القرن العشرين مع عبدالمنعم أبوالفتوح.
• كان أحد قيادات الجماعة الإسلامية في السبيعنيات قبل الانضمام لتنظيم الإخوان.
• يتميز بقدرته الخطابية والتربوية والإدارية، ويلقى تأييد العديد من المكاتب الإدارية الداخلية لترفعه عن التورط في مشاكل الجماعة.
لماذا تزداد فرص حلمي الجزار أيضا؟
• نظرا لكونه يعد نائب إبراهيم منير الحركي.
• كان ممثل الإخوان في الحوار الموازي الذي عقد في باريس بالتوازي مع الحوار الوطني في مصر.
• يعد من جيل التأسيس الثاني كذلك، وإن تأخر انضمامه للجماعة إلى ما بعد 1978، ولكنه كذلك يتمتع بقدرات إدارية وتنظيمية.
• كان أمين حزب الحرية والعدالة المنحل في الجيزة.
ويشهد تنظيم الإخوان خلافا كبيرا نشب بين عدة جبهات، وتم تبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة والاختلاسات المالية بين أطراف الصراع، فعقب تولي "منير" مسؤولية قيادة الجماعة بعد إلقاء السلطات المصرية القبض على نائب المرشد والقائم بالأعمال "محمود عزت" في 2020 تفجرت الصراعات بينه وبين عضو مكتب الإرشاد وأمين عام الجماعة السابق "محمود حسين" المقيم في إسطنبول على إدارة التنظيم.
وظلت الخلافات تتصاعد حتى أعلن كل منهما أنه الممثل الشرعي للجماعة، وعينا متحدثا رسميا وإعلاميا مختلفا عن الآخر، حتى باتت الجماعة منشقة طوليا من الرأس إلى آخر الصف الإخواني الداخلي.
ودارت معركة كبيرة على الاستحواذ على بيعة وتأييد العديد من المكاتب الإدارية بالداخل والخارج، وفي الفترة الأخيرة قامت "جبهة لندن" بإعادة ترتيب الأوضاع داخل التنظيم وأصدرت وثيقتها السياسية التي تنظم عمل الجماعة الفترة القادمة، وحملت ملامح حل الأزمة بين الجماعة والسلطات المصرية، وهو الطرح الذي لم توافق عليه "جبهة إسطنبول" واتهمتها بإضاعة ميراث حسن البنا.
زيادة الصراعات والخلافات
ووفق محللين فإنه من المبكر الحكم إذا كانت وفاة "القائم بالأعمال" تطوي صفحة الخلاف أم تزيده، فالخلاف بين التيارين لم يكن شخصيا أو مرتكزا على كاريزما شخص بعينه، فإذا مات انتهت معه أسباب الصراعات والخلافات، لكن يمكن القول إنه بوفاته فقدت "جبهة لندن" الشرعية التنظيمية واللائحية التي كانت تعطيها الحق في اتخاذ القرارات التي اتخذها القائم بالأعمال في السابق، مثل الدعوة لانتخاب مجلس شورى جديد، وإحالة حسين ومجموعة الستة للتحقيق، ثم فصلهم من الجماعة والتنظيم لاحقا.
وبالمقابل فإن صفحة الشقاق قد تستمر نظرا لزيادة قوة جبهة إسطنبول من الناحية اللائحية، فجبهة محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد، الوحيد خارج السجن والباقي على الحياة، وتنطبق عليه شروط تقلد منصب نائب المرشد والقائم بأعماله.
كل الخيارات مفتوحة وكل الاحتمالات واردة في ظل الفوضى التنظيمية التي تعاني منها الجماعة منذ 2013، وعقب فرار العديد من الإخوان للخارج وانتقال قيادة الجماعة من داخل القاهرة إلى لندن وإسطنبول.
وفي أول تعقيب من جبهة محمود حسين على الوفاة، قدمت نعيا معنونا بـ"جماعة الإخوان المسلملين" تنعى الأستاذ إبراهيم منير، دون ذكر منصبه في الجماعةـ ما اعتبره مراقبون بداية لمزيد من الصراع.
فيما اعتبر آخرون أن إخوان الداخل المصري هم القادرون على حسم الخلاف، وسط تأويلات عدة حول إمكانية خروج تصريح من داخل السجون يقلب الموازين رأسا على عقب، ويتم تكليف شخصية إخوانية سرية من الداخل المصري، هذا ما ستسفر عنه الساعات المقبلة.