قطار الموت في اليونان.. "كان كابوسا.. جثث متفحمة وأطراف مبتورة"
اعترفت الحكومة اليونانية بـ"نقاط ضعف مزمنة" بعد كارثة القطار التي أودت بحياة 47 شخصا على الأقل الثلاثاء قرب لاريسا في وسط اليونان.
وقال المتحدث باسم الحكومة يانيس إيكونومو في مؤتمر صحفي، الخميس، إنّ "التأخيرات (في تحديث سكك الحديد) تجد جذورها في المشاكل المزمنة التي يعاني منها القطاع العام اليوناني، خلال عقود من الضعف".
وعادت إخفاقات قطاع السكك الحديدية العام في اليونان إلى الأضواء، بعد الاصطدام بين قطارين كانا يسيران على السكة ذاتها لعدّة كيلومترات. وأعقبت الحادث عدّة تظاهرات من قبل مستخدمي القطارات في مدنٍ يونانية.
وأُلقي القبض على مدير محطّة القطار المتسبب في الحادث، وتجري محاكمته بتهمة "القتل بسبب الإهمال" والتسبّب في "أذى جسدي".
وعليه أن يشرح كيف تمّ السماح لقطار ينقل 348 راكباً وعشرة موظفين في السكك الحديدية، يربط أثينا بتيسالونيكي في شمال البلاد، بأن يستخدم المسار ذاته مع قطار شحن.
وأكد إيكونومو أنّ "تمّ الاعتراف بالخطأ من قبل مدير المحطّة"، فيما أشار محاميه إلى أنّه "يدرك ما فعله". إذا ثبتت إدانته، فإنّ مدير المحطّة يواجه السجن مدى الحياة.
نقد ذاتي
من جانبه، قدم وزير النقل اليوناني الجديد يورغوس ييرابيتريتيس اعتذاره لأسر ضحايا حادث القطار، وقال "أود أولاً وقبل كل شيء أن أعتذر لعائلات الأشخاص الذين فقدوا حياتهم مع ممارسة النقد الذاتي الكامل للنظام السياسي والدولة"، بعد توجيه انتقادات إلى الإخفاقات الجسيمة في شبكة السكك الحديد في اليونان.
وكان وزير النقل السابق كوستاس كرامانليس قد قدّم استقالته الأربعاء. وأدّى الحادث إلى مقتل 47 شخصاً، وفقاً للمتحدث باسم أجهزة الإطفاء اليونانية.
وتحطّمت القاطرات الأمامية فيما قُتل سائقا القطارين على الفور بفعل الاصطدام العنيف الذي وقع قبل منتصف الليل بقليل، في وادي تيمبي. ووصف بعض الركّاب مشاهد رعب وفوضى تحت أمطار من الزجاج المحطّم والأنقاض التي خلّفها انقلاب القطار.
وقال رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس مساء الأربعاء "كلّ شيء يُظهر أنّ المأساة تعود للأسف في الأساس إلى خطأ بشري مأساوي".
"قطار الرعب"
وبعد لقائه أقرباء للضحايا خلال زيارته موقع الاصطدام ثمّ مستشفى لاريسا، قال كيرياكوس ميتسوتاكيس "لقد سألوني: لماذا؟". وأضاف في مداخلة تلفزيونية مقتضبة ومسجّلة "نحن مدينون لهم بإجابة صادقة". كما أصدر مرسوم حداد وطني لمدّة ثلاثة أيام.
وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تعازيه عبر "تويتر" الخميس قائلاً "بالنيابة عن الشعب الأمريكي، نرسل أنا وجيل خالص تعازينا لأُسر الضحايا".
كذلك، تحدّث وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين عبر الهاتف مع نظيره اليوناني نيكولاوس ديندياس، وأكد له أنّ "الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب اليوناني في هذه الفترة الصعبة"، وفقاً لمتحدث باسم وزارة الخارجية.
وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، لم تعلّق المجموعة الإيطالية العامة "فيروفي ديلو ستاتو" (Ferrovie dello Stato) التي تدير شركة السكك الحديد "هيلينيك تريْن" التي تمّت خصخصتها في عام 2017.
في هذه الأثناء، تظاهر سكّان في لاريسا حاملين لافتات كُتب عليها "الخصخصة تقتل!". كذلك، جرت تظاهرات في أثينا أمام مقر شركة "هيلينيك ترين".
وقال بافلوس أسلانيديس الذي لا يزال ابنه في عداد المفقودين مع أحد أصدقائه "كان قطار الرعب".
بدوره، ندّد رئيس نقابة سائقي القطارات كوستاس ينيدونياس بأن السلامة غير متوفرة على هذا الخط الذي يربط مدينتين رئيسيتين في اليونان. وقال لقناة "اي ار تي" التلفزيونية "كلّ (الإشارات) تتمّ يدوياً. النظام لا يعمل منذ العام 2000".
"شبكة مريضة"
كما أكد ينيدونياس لوكالة فرانس برس في وقت سابق أنّه "لا يوجد نظام للسلامة ولا جهاز تحكّم عن بعد ولا إشارات مرور تعمل".
وقال كوستاس بارغيوتاس وهو طبيب في مستشفى لاريسا "كان قطاراً مليئاً بالطلّاب، بالشباب في العشرينات من أعمارهم". وأضاف "إنّه لأمر مروّع أن نرى العربات تتكوّم مثل الورقة".
وقال الراكب أنجيلوس (22 عاماً) لوكالة فرانس برس من مكان الحادث "ما عشته كان كابوساً... ما زلت أرتعش".
وتابع "شعرنا بالاصطدام مثل هزّة أرضية كبيرة"، مضيفاً "لحسن الحظ، كنّا في العربة قبل الأخيرة وخرجنا على قيد الحياة". وقد تفحّم عدد من الجثث فيما لم يكن من الممكن التعرّف على بعض الركاب إلّا عبر عيّنات الحمض النووي.
في لاريسا حيث تمّ نقل الجرحى، تحدّث رئيس البلدية أبوستولوس كالويانيس عن "تدفّق سيارات الإسعاف التي تحمل ضحايا الحروق، ومبتوري الأطراف، وكل ما يمكنك تخيله".
وقال أحد أعضاء فرق الإنقاذ الذي كان يعمل بين الأنقاض "لم أرَ شيئاً كهذا من قبل". كذلك في لاريسا، وقف سكان عند موقع الاصطدام بصمت، قبل أن يقوموا بوضع ورود بيضاء تكريماً للضحايا.
ويحتاج نظام السكك الحديدية المتقادم في اليونان إلى تحديث فيما يتعلق بالمسارات وأنظمة الإشارات والتحكم الآلي في العديد من المناطق.
وباعت اليونان شركة السكك الحديدية "ترينوز" لشركة فيروفي ديلو ستاتو إيتالياني الإيطالية في 2017 في إطار برنامج الإنقاذ الدولي، وتوقعت استثمار مئات الملايين من اليورو في البنية التحتية للسكك الحديدية في السنوات المقبلة.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg
جزيرة ام اند امز