توصيات المؤتمر الدولي للماء والمناخ بالمغرب.. التزام مشترك
شهدت أعمال المؤتمر الدولي الثالث حول الماء والمناخ الذي احتضنته مدينة فاس (العاصمة العلمية)، حضور أزيد من 500 مشارك من جميع أنحاء العالم.
وجمع المؤتمر خبراء دوليين بارزين خلال جلساته العلمية المختلفة، بالإضافة إلى تمثيلية سياسية وازنة بحضور عدد مهم من الوزراء من الدول الشقيقة.
ونظم المؤتمر الدولي الثالث حول الماء والمناخ تحت شعار "تدبير الأحواض.. مفتاح التكيف وتحقيق أهداف التنمية المستدامة"، وبتعاون بين وزارة التجهيز والماء بالمملكة المغربية والشبكة الدولية للأحواض المائية (RIOB) والمجلس العالمي للمياه (CME)، وحظي هذا الحدث برعاية الملك محمد السادس.
إعلان فاس.. التزام مشترك
أوصى إعلان فاس المنبثق عن أعمال وتوصيات هذا المؤتمر الدولي، الذي يشكل التزاما مشتركا يجب رفعه إلى المجتمع الدولي خلال مؤتمر الأطراف 28 بدبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 والمنتدى العالمي للمياه بإندونيسيا في مايو/أيار 2024.
وأوصى المؤتمر بتعزيز وتقاسم الممارسات الفضلى في التدبير المندمج للموارد المائية، وبشكل خاص على مستوى الأحواض والجماعات الترابية، وكذلك تعزيز وتضمين الابتكار والتكنولوجيات الحديثة لصالح تحسين معرفة واستعمال الموارد المائية وضمان وضبط تعرفة تعبئتها، وتسريع المجهودات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لضمان الأمن المائي، وتعزيز التواصل والتحسيس حول إشكالية الماء وتحسين التنسيق بين القطاعات لتحقيق التقائية حقيقية للسياسات القطاعية.
وأكد المؤتمر التمسك بخطة عمل داكار لأحواض المياه والبحيرات والموارد المائية الجوفية، والالتزام بالتعاون العابر للحدود فيما يتعلق بالمياه والاستعداد للتحضير الفعال لمحور الأحواض المائية للمساهمة في العملية السياسية للمنتدى المقبل العالمي للمياه.
ومن جهته أشاد وزير النقل واللوجستيك والماء المغربي، نزار بركة، بجودة النقاشات التي ميزت أعمال اللجنة الوزارية حول التزامات إدارة موارد المياه على مستوى الحوض، لتسريع التكيف مع تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعرفت هذه الجلسة تمثيلية سياسية عبر مشاركة العديد من الوزراء من الدول الشقيقة.
وأبرز الوزير، أن أشغال هذا اللقاء أظهرت على أنه في ظل السياق الحالي والمتسم بتأثير تغييرات المناخ، هناك إجماع دولي حول ضرورة إعداد تخطيط استشرافي ديناميكي لتلبية جميع الحاجيات من الماء، ولكل استعمالاته حسب الاولويات.
كما أكد نزار بركة، أن التجارب المختلفة التي تمت مناقشتها تستحق التثمين والتعزيز، وتدعم منهجية الحوض كمساحة جغرافية لتطبيق التدبير المندمج للموارد المائية، داعيا إلى ضرورة مضاعفة الجهود فيما يتعلق بالتحسيس في الاقتصاد في الماء واعتبارها أحد محاور التكيف مع التغيرات المناخية.
جهود المغرب في الحفاظ على الموارد المائية
استعرض نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أول أمس الخميس، بمدينة فاس، خلال افتتاح أشغال المؤتمر الدولي الثالث حول الماء والمناخ، جهود المملكة المغربية المبذولة على مختلف الأصعدة للحفاظ على الموارد المائية ومبادرات التكيف مع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم أجمع.
وأكد نزار بركة في كلمته على أنه تفعيلا لتوجيهات الملك محمد السادس، يتم العمل في إطار تحيين السياسة المائية للتكيف مع تغير المناخ بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع مع تطبيق التقائية برامج القطاعات المتدخلة في مجال الماء من خلال نهج نفس مسار تعبئة الموارد المائية الاعتيادية مع نقطة تحول حاسمة لتنزيل مشاريع تعبئة المياه غير الاعتيادية.
وأضاف الوزير، أن هناك عملا يجري حاليا من أجل إنجاز برنامج مهم لمشاريع تحلية مياه البحر لكل المدن الساحلية لضمان الماء الصالح للشرب والماء الصناعي ولتخفيف الضغط على الموارد المائية الاعتيادية بالمغرب، مما سيمكن من تخصيص هذه المياه للمناطق الداخلية لضمان الماء الشروب للسكان ولسد حاجيات مياه السقي للدوائر المجهزة الكبرى منها والمتوسطة والصغرى، بالإضافة إلى هذه البرامج يتم العمل كذلك على إدماج مقاربة النوع في السياسة المائية، وفق تعبيره.
وحسب وزير الماء، فإن التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب تمت مأسسته بتفعيل القانون 95-10 للماء، يعتبر أداة فعالة لإرساء برامج ومشاريع التكيف مع تغير المناخ على صعيد الأحواض المائية وعلى الصعيد الوطني، إذ تم إحداث 10 وكالات أحواض مائية على صعيد التراب الوطني، وتم تعزيز مهام هاته الوكالات في قانون 15-36 المتعلق بالماء الذي عزز الإطار المؤسساتي بإحداث لجان الأحواض المائية وأعطى دفعة قوية للمخططات المديرية للتهيئة المندمجة للموارد المائية بالأحواض.
وأشار في هذا الصدد، إلى أنه تم إنجازها بطريقة تشاركية مع جميع المتدخلين في قطاع الماء بما فيها جمعيات المجتمع المدني لدراسة كل ما يتعلق بالموارد المائية السطحية والجوفية وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة وتحلية مياه البحر مع كل سبل التدبير المندمج لهذه المياه والاقتصاد في الماء وكذا الجوانب المالية والتشريعية اللازمة للتنزيل الأفضل لهذه المخططات لأفق 30 سنة المقبلة.
كوب 22.. مؤتمر الحلول لمناخية والمائية
وأضاف المصدر أنه منذ استضافة المغرب لمؤتمر الأطراف COP22 في مراكش سنة 2016، الذي يعتبر مؤتمر الحلول المناخية والمائية بعد مؤتمر باريس، دعا المغرب المنتظم الدولي إلى وضع الماء في قلب المفاوضات المناخية، حيث كثف مشاركته في مؤتمرات الأطراف المناخية، لتسليط الضوء على تحديات المياه وزيادة الوعي إلى الحاجة الملحة للتكيف مع تغير المناخ وتبعياته على الموارد المائية.
وعلى صعيد آخر، أشار المسؤول الحكومي، إلى أن التدبير المندمج للمياه يعتبر الطريقة المعتمدة بالنسبة للعديد من البلدان على المستوى العالمي، مفسرا أن تنفيذ التدبير المندمج للموارد المائية تنقصه التزامات قوية في جميع المجالات التقنية والتشريعية والمالية والمؤسساتية، وبالتالي، وبكل قناعة فإن منظمات الأحواض لها دور متزايد لتحقيق مبتغى الأهداف المنتظرة من هذا التدبير لجميع المخططات بما في ذلك خطة عمل دكار لأحواض الأنهار والبحيرات والطبقات المائية الجوفية، التي تم إطلاقها في المنتدى العالمي الأخير للمياه في داكار في مارس/آذار 2022، في إطار محور الأحواض الذي تم تنظيمه لأول مرة، والذي تم إطلاقه من قبل الشبكة الدولية لمنظمات الأحواض إلى جانب سويسرا OMVGوOMVS و.UNECE
شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر مشاركة محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بالإضافة إلى تمثيلية سياسية وازنة من خلال حضور عدد مهم من الوزراء من الدول الشقيقة.
كما أعلن وزير التجهيز والماء في حفل الافتتاح عن الانطلاق الرسمي للدورة الثامنة لجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء. وهي الجائزة التي أحدثت في مارس 2000، بمبادرة مشتركة بين المملكة المغربية والمجلس العالمي للماء، تكريما لذكرى المغفور له الملك الحسن الثاني، على رؤيته المستنيرة واستراتيجيته الحكيمة في التدبير المندمج والمستدامة للموارد المائية، والتي تعتبر من أهم وأرقى الجوائز الدولية في مجال الماء.
وتفضل الملك محمد السادس بالرفع من قيمة الجائزة من 100.000 دولار إلى 500.000 دولار وسلمت في دكار لمنظمة للأهمية التي يوليها المغرب لتدبير الأحواض.
مذكرة تفاهم
وعرف المؤتمر التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة التجهيز والماء باعتبارها الرئيس الحالي للشبكة الدولية لمنظمات الأحواض، والمجلس العالمي للماء وحكومة إندونيسيا، حيث سيعهد بموجب مذكرة التفاهم الموقعة للشبكة الدولية لمنظمات الأحواض بمهمة تنسيق إعداد الشق الخاص بالأحواض المائية على مستوى المسلسل السياسي للمنتدى العالمي للماء ببالي.
مباحثات ذات الاهتمام المشترك
أجرى وزير التجهيز والماء، نزار بركة، على هامش فعاليات المؤتمر الثالث للماء والمناخ المنعقد على مدى يومين، عددا من اللقاءات الثنائية مع وزراء وكبار المسؤولين من البلدان والمؤسسات الدولية المشاركة المكلفة بقطاع المياه.
وتناولت المباحثات التي أجراها بركة مع مسؤولين من إيطاليا ولبنان والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا والسنغال والنيجر ومالاوي وإفريقيا الوسطى ولاوس والرأس الأخضر وكوت ديفوار والمجلس العالمي للمياه والاتحاد من أجل المتوسط، عددا من المحاور ذات الاهتمام المشترك أبرزها تدبير الموارد المائية وتطوير تدبير الموارد المائية بالعالم القروي، والتزويد بالماء الصالح للشرب واقتصاد الماء.
لقاءات ثنائية لتعزيز الإطار القانوني للماء
وهمت اللقاءات الثنائية أيضا الإطار القانوني للماء والمحافظة على المياه الجوفية وتطعيمها، وحكامة الأحواض المائية ونقل وتحويل المياه، وحماية البحيرات والأحواض والسدود من التوحل والتبخر، وتحلية المياه ومعالجة وتعدين المياه العادمة، واستعمال الطاقات المتجددة في محطات تحلية المياه، والتكيف مع التغيرات المناخية، والتكوين والبحث العلمي والابتكار في مجال المياه.
كما جرى التأكيد على أنه سيتم تعزيز الإطار القانوني في مجال الماء من خلال التوقيع على مذكرات للتفاهم سوف تضم المحاور المتفق عليها، وكذا عبر تبادل الزيارات لبعثات فنية بين المغرب والبلدان الصديقة من أجل تقاسم ونقل الخبرات. واعتبرت وزارة التجهيز والماء هذه اللقاءات آلية ذات أهمية بالغة في تعزيز الدبلوماسية المائية مع مختلف الدول والفاعلين الجهويين والدوليين، بعدما أصبحت التغيرات المناخية تفرض نفس التحديات والإشكاليات المتعلقة بمجال المياه.
يشار إلى أن هذه التظاهرة العالمية همت التباحث حول سبل تفعيل التدبير المندمج للموارد المائية، وكذا تسليط الضوء على مختلف التجارب الدولية في هذا المجال وتبادلها، من أجل مواجهة التحديات التي يفرضها التغير المناخي.
aXA6IDE4LjExNi4yNC4xMTEg جزيرة ام اند امز