التراجعات تضرب الاقتصاد الأمريكي.. ماذا يحدث؟
لليوم الثالث تواليًا، تتراجع المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت، وهذا ما أظهرته شاشات التداول عند فتح تعاملات جلسة الثلاثاء.
واستهلت مؤشرات الأسهم الأمريكية التعاملات المبكرة على هبوط طفيف، بعد عمليات بيع مكثفة في الجلسة السابقة بفعل المخاوف الناجمة عن إشارات حادة من مجلس الاحتياطي الأمريكي برفع أسعار الفائدة.
وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي 30.09 نقطة أو 0.09 بالمئة عند الفتح إلى 33033.52 نقطة.
وهبط المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 4.90 نقطة أو 0.12 بالمئة عند الفتح إلى 4133.09 نقطة، كما تراجع مؤشر ناسداك المجمع 1.20 نقطة، أو 0.01 بالمئة، إلى 12380.37 نقطة عند الفتح.
هبوط الأسهم الأمريكية متصاعد بعدما قطعت أطول سلسلة ارتفاع أسبوعي منذ نوفمبر الماضي، مع عودة النشاط إلى قوى البيع على المكشوف، وتحوّل المستثمرين إلى الحذر، بعد الحماسة التي أظهرها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة.
وفي الوقت ذاته، ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية، فيما ارتفع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية، متوّجاً أفضل أسبوع له منذ أبريل 2020.
في غضون ذلك، زادت مخاوف المستثمرين في "وول ستريت"، حيث قفز مؤشر التقلب (Cboe Volatility Index) الذي يقيس توقُّعات السوق للتقلبات خلال الثلاثين يوماً المقبلة بأعلى وتيرة له في أكثر من أسبوعين، ليتجاوز مجدداً عتبة 20 نقطة.
مع انتهاء صلاحية خيارات بقيمة 2 تريليون دولار؛ بات على المستثمرين إما تجديد مراكزهم الحالية، أو وضع أوامر جديدة؛ وهو الأمر الذي مهَّد لجلسة متقلبة يوم الجمعة الماضية 19 أغسطس/آب، إذ يبدو أنَّ فشل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في اختراق مستوى 4,200 نقطة ربما يفتح الباب أمام تصفية المراكز. وفي ظل هذا الاتجاه الهابط؛ تراجعت سلّة الأسهم الأكثر بيعاً على المكشوف بنحو 6%، مواصلةً بذلك خسارتها الأسبوعية التي وصلت إلى 12%، فضلاً عن منح البائعين على المكشوف أفضل أسبوع لهم منذ شهر مارس من عام 2020.
وكان نشاط القطاع الخاص الأمريكي قد انكمش لثاني شهر على التوالي في أغسطس/آب الجاري، مسجلًا أضعف مستوى في 18 شهرًا مع تراجع واضح لقطاع الخدمات وسط طلب ضعيف في مواجهة التضخم وتشديد الأوضاع المالية.
وكشفت بيانات "إس آند بي جلوبال"، أن مؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة سجل 45 نقطة في أغسطس الجاري، مقابل 47.7 نقطة في يوليو الماضي، وهو أدنى مستوى منذ مايو 2020.
وأشار التقرير إلى أن نقص المواد الخام وتأخير عمليات التسليم ورفع معدلات الفائدة، بالإضافة إلى الضغوط التضخمية القوية تسببت في خفض طلب المستهلكين في الولايات المتحدة.
وكان الهبوط ملحوظا في الخدمات حيث هبط مؤشر مديري المشتريات بالقطاع إلى 44.1 من 47.3 الشهر الماضي. وهبط مقياس نشاط القطاع الصناعي إلى 51.3 من 52.2 في يوليو/تموز.
كما انخفض مؤشر مديري المشتريات الصناعي عند 51.3 نقطة في الشهر الجاري من 52.2 نقطة في يوليو، ومقابل تقديرات بتسجيل 51.8 نقطة.
وبحسب التقرير، تسبب طلب العملاء الضعيف والطلبات الجديدة المنخفضة في دفع الشركات إلى تقليص عمليات تعيين الموظفين، مع ارتفاع التوظيف بأقل وتيرة منذ بداية العام الجاري.
بينما انكمش الاقتصاد الأمريكي بشكل عام بنسبة 0.9% خلال الربع الثاني من العام الحالي، على أساسٍ سنوي، مخالفاً بذلك التوقعات بشكلٍ حادّ، إذ كانت تشير إلى نمو بمقدار 0.4%.
هذا الهبوط إلى النطاق السلبي هو الثاني على التوالي لاقتصاد الولايات المتحدة، إذ سجّل الناتج المحلّي الإجمالي الأميركي انكماشاً بنسبة 1.6% خلال الأشهُر الثلاثة الأولى من العام، مقارنةً بالفترة عينها من 2021.
وكان صندوق النقد الدولي، قد توقّع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 2.3% هذا العام، بانخفاض ملحوظ عن تقديراته السابقة البالغة 2.9%.