جحيم تحت مياه المحيط.. صراع روسي غربي للسيطرة على شرايين البيانات العالمية
على مدى عقد من الزمان عبرت سفن روسية العالم ودارت فوق كابلات تحت البحر، جاء ذلك وسط مخاوف من المسؤولين الغربيين من أن يسعى الكرملين لرسم خريطة الشرايين الحيوية للاقتصاد العالمي التي تمتد على طول قاع المحيط.
ووفقاً لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال مرت سفينة تجسس روسية تدعى "يانتار" عبر المياه البريطانية، حيث تعقبتها سفينتان تابعتان للبحرية الملكية البريطانية، وفقا لوزير الدفاع البريطاني جون هالي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني تعدت يانتار على المياه البريطانية، وطفت فوق كابلات بحرية مهمة. وفي ذلك الوقت نشر البريطانيون طائرات دورية وسفنا، وأخرجوا غواصة تابعة للبحرية الملكية بالقرب من يانتار لتوضيح أن السفينة الروسية غير مرحب بها.
وأخبر هالي البرلمان قبل أيام أن قرار تعقب سفينة التجسس عن كثب تم اتخاذه عمدا "لإسماع الرئيس الروسي هذه الرسالة: نحن نراك".
ونفت السفارة الروسية في المملكة المتحدة أي مخالفات.
وقالت "إن الاتهامات التي وجهتها المؤسسة الدفاعية البريطانية بأن روسيا تشكل نوعا من التهديد للاتصالات في تلك الدولة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي غير مقبولة على الإطلاق".
وأضافت "لم تواجه روسيا مثل هذه التهديدات من قبل".
الكابلات وجهة استراتيجية
وفي حرب متزايدة الخطورة بين روسيا والغرب، أصبحت الكابلات وخطوط الأنابيب تحت البحر أهدافاً ضعيفة كما أن طول الكابلات وموقعها البعيد يجعلها عرضة للتخريب، وأي هجوم ناجح يمكن أن يكون له تأثير كبير.
والكابلات تحت البحر تعد حيوية لنقل البيانات عبر العالم، ووفقا لمنظمة حلف شمال الأطلسي يتم نقل 99% من بيانات العالم عبر الكابلات تحت البحر، بما في ذلك ما يقدر بنحو 10 تريليونات دولار يوميا في المعاملات المالية.
ومنذ بدء الحرب الكاملة في أوكرانيا فإن الهجمات المزعومة، غالبا في مواقع بعيدة بواسطة قوارب لا ترفع أعلاما، تجعل من الصعب تحديد المسؤول.
ويكثف حلف شمال الأطلسي جهوده لمراقبة الهجمات. وقبل أيام أعلن الحلف عن مهمة جديدة في بحر البلطيق لتوفير مراقبة محسنة للكابلات البحرية وردع أي تصرفات عدائية.
وقال حلفاء الناتو في بيان مشترك "إن استخدام روسيا لما يسمى الأسطول الظلي يشكل تهديدا خاصا للأمن البحري في منطقة بحر البلطيق والعالم".
ويجري تحقيقان رفيعا المستوى يتعلقان بالتخريب المشتبه به في منطقة البلطيق.
واحتجزت فنلندا ناقلة تابعة لأسطول الظل الروسي بعد أن قطع مرساها كابل طاقة يربط البلاد بإستونيا في ديسمبر/كانون الأول.
وتم تحديد ثمانية من أفراد الطاقم كمشتبه بهم، ولكن المحققين الفنلنديين لم يتمكنوا من توجيه أي اتهامات تتعلق بقطع الكابل، وتبحر السفينة تحت علم جزر كوك.
وفي تحقيق منفصل تحقق ألمانيا في سفينة صينية قطعت كابلين للبيانات بمرساتها أواخر العام الماضي، وبعد مفاوضات مطولة وافقت الصين على السماح للمحققين الأوروبيين بالصعود على متن السفينة، بشرط أن يقود مسؤولون من بكين التحقيق.
وقضى المحققون الألمان، بمن فيهم المهندسون الخبراء، أكثر من خمس ساعات على متن السفينة، واستجوبوا الطاقم وفحصوا المرساة، ولم يكشفوا أي دليل يبرر إصدار أوامر اعتقال، وقد غادرت السفينة منذ ذلك الحين بحر البلطيق واستأنفت عملياتها الطبيعية.
الرد الروسي
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية إن الاتهامات بأن روسيا أتلفت كابلات بحرية في بحر البلطيق كانت محاولة للحد من صادرات النفط الروسية، وخلق شروط مسبقة لتقييد الشحن، حسب ما ذكرت وكالة أنباء تاس.
وتعتبر سفينة "يانتار" التي يبلغ طولها 354 قدما، التي تحمل على متنها غواصتين صغيرتين، هي جزء من الإدارة الرئيسية لأبحاث أعماق البحار التابعة للكرملين، وهي وحدة النخبة في الجيش الروسي المتخصصة في أعمال أعماق البحار، كما تم تجهيز السفينة بمجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار.
وتصف روسيا سفينة "يانتار" بأنها سفينة أبحاث محيطية، وعلى مر السنين تم رصدها بالقرب من كابلات تحت البحر.
في عام 2015 أفادت الولايات المتحدة أنها شوهدت بالقرب من خليج غوانتانامو في كوبا، وفي السنوات اللاحقة بالقرب من غرينلاند وإسرائيل وهاواي.