قصة الكابلات البحرية.. شريان الإنترنت النابض في أعماق المحيطات
تُعد الكابلات البحرية عصباً وركيزة أساسية في عالم البيانات والمعلومات، فهي المسؤول الأول عن حركة الإنترنت والاتصالات في مختلف المناطق.
والكابلات البحرية عبارة عن ألياف ضوئية تمتد مئات الآلاف من الأميال لتربط القارات ببعضها، حيث تنقل البيانات بسرعة كبيرة جدًا، ويقاس سرعة بعضها بالتريليون ميغابايت خلال الثانية الواحدة.
طول الكابلات البحرية حول العالم
ويوجد نحو 358 كابل بحري ممتد في مختلف البحار، بطول 1.4 مليون كيلومتر تقريبًا، على عمق ثمانية آلاف قدم تحت سطح البحر، وفقًا لموقع Telegeography.
ويمر من خلال الكابلات نحو 95% من حجم البيانات في العالم، في سوق حجمه 14 مليار دولار، حيث تنقل تعاملات مالية تقدر بـ10 تريليونات دولار.
أنواع الكابلات البحرية
يوجد عدة أنواع لكابلات الألياف الضوئية البحرية، حيث تختلف وفقًا لخصائصها واستخداماتها، ويمكن تقسيمها إلى عدة أنواع رئيسية، هي:
- كابلات أحادية الوضع تنقل البيانات في اتجاه واحد فقط.
- كابلات متعددة الأوضاع تنقل البيانات في اتجاهين مختلفين.
- الكابلات الهجينة التي تمزج بين الألياف الأحادية ومتعددة الوضع.
وتتميز بسرعتها وسعتها وموثوقيتها، فهي العمود الفقري لشبكة الإنترنت في عالم اليوم، وتلعب دورًا مهمًا في ربط القارات والدول معا، وتعزيز الاتصالات والإنترنت.
تاريخ الكابلات البحرية
وظهرت فكرة نقل الإشارات الضوئية تحت الماء في الفترة بين الستينيات والسبعينيات، لكن لم يبدأ تنفيذها إلا في عام 1988، من خلال كابل (TAT-8) عبر المحيط الأطلسي للربط بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وتتابع إنشاء العديد من الكابلات البحرية التي تربط مختلف القارات والدول.
وشهدت الكابلات البحرية تطورًا كبيرًا منذ بدء استخدامها، وامتدت شبكاتها لتضم أغلب مناطق العالم، في ظل تزايد الطلب على نقل البيانات، حيث تتمتع بأهمية كبيرة في عصر الرقمنة، لعدة أسباب، هي: ربط القارات والدول، ونقل البيانات بسرعات فائقة، وتلبية احتياجات الاتصالات الحديثة، وتوفير الاستقرار والموثوقية، وتسهيل التعاون الدولي والأعمال، وتأمين البيانات الحيوية.
التحديات التي تواجهها
تواجه تلك الكابلات بعض التحديات، مثل الأعطال والأضرار والمخاطر البيئية، كما يمكن أن تتضرر من العوامل الطبيعية مثل العواصف البحرية والزلازل والبراكين، أو العوامل البشرية مثل عمليات الصيد أو أعمال البناء أو التنقيب عن النفط أو الاصطدام مع السفن.
وقد يتسبب عطل الكابلات البحرية في انقطاع الاتصال بين مختلف الدول المختلفة، أو تقليل سعة الكابل، وقد تتأثر جودة إشارات الضوء داخل الكابلات من التداخل الكهرومغناطيسي من مصادر خارجية، ما يتطلب إجراءات للحد من تأثيره.
تعمل الشركات على استخدام تقنيات حديثة لتحسين مقاومة الكابلات للتلف والأعطال والحفاظ على كفائتها، وإنشاء كابلات احتياطية لتقليل تأثير الأعطال في الاتصالات، ووضع أنظمة لرصد الكابلات واكتشاف الأعطال في وقت مبكر،
الكلفة والتمويل
وتختلف تكلفة كابلات الألياف الضوئية البحرية وفقًا لطول وحجم البيانات التي توفرها، وتعتمد على عدة عوامل، من بينها تكلفة الإنشاء والنقل والتوصيل والتشغيل والصيانة والأمان والحماية، وتقدر تكلفة إنشائها بين 30 و50 ألف دولار لكل كيلومتر.
وتتضمن تكلفة الكابلات تحديد المسار، والتصميم والتصنيع، والتعبئة والتغليف، والنقل، والتركيب، والاختبارات، بالإضافة إلى تكاليف الكهرباء والعمالة والإدارة، لذا فإنه يتم تمويلها من مجموعة من الجهات، بما فيها الشركات الخاصة والحكومات والبنوك.
وتتجه الشركات الخاصة إلى تمويل الكابلات التي تربط بين المواقع التجارية الرئيسية، فيما تميل الحكومات إلى تمويل الكابلات التي تربط بين الدول النامية، وتقدم بعض البنوك قروضًا لتمويل كابلات الألياف الضوئية البحرية.
مستقبل الكابلات البحرية
ومن المتوقع استمرار تطور الكابلات البحرية خلال الأعوام المقبلة، في ظل النمو المستمر لحركة مرور البيانات، بهدف زيادة السعة وتحسين الأداء وخفض التكاليف، على أن تُستخدم في مجموعة متنوعة من الاستخدامات الجديدة، بما فيها الواقع الافتراضي والواقع المعزز، والذكاء الاصطناعي، والسيارات ذاتية القيادة.