الهواء فيه سم قاتل.. انتشار مخيف لانبعاثات الزئبق لهذا السبب
الزئبق سيئ السمعة، ينتشر في الغلاف الجوي لسبب غير متوقع. لذلك هناك جهود عالمية للحد من انبعاثاته.
في عام 2013، خرجت اتفاقية "ميناماتا" وهي معاهدة دولية، لحماية صحة الإنسان والبيئة من انبعاثات الزئبق. وقتها، كان يظن البشر أنّ انبعاثات الزئبق الناجمة عن النشاط البشري، تنتج عن احتراق الوقود الأحفوري وتعدين الذهب وصهر المعادن. لكن، لاحظت مجموعة بحثية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أنه ربما يكون هناك مصدر آخر لا يتحدث عنه البشر. وهو إزالة الغابات؛ إذ وجدوا أنّ 10% من انبعاثات الزئبق التي يتسبب فيها الإنسان، ناتجة عن إزالة الغابات. ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية «إنفيرونمنتل ساينس آند تكنولوجي» (Environmental Science and Technology) في 8 فبراير/شباط 2024.
تجاهل غير مقصود
ربما كان تجاهل إزالة الغابات كمصدر للزئبق غير مقصود، أو ربما لم يخطر على بال أحد؛ فعلى مدار العقود الماضية، لم يكن تفاعل دورة الزئبق مع المحيط الحيوي واضحًا بالقدر الكافي. وكان تركيز العلماء على كيفية إزالة غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، باعتباره أبرز غازات الاحتباس الحراري. لكن إذا استمر هذا التجاهل، ستكون العواقب وخيمة؛ إذ سيرتفع صافي انبعاثات الزئبق، ما يعود بالسلب على الكائنات الحية.
زئبق سام
تمتص أوراق النباتات الزئبق من الغلاف الجوي، بنفس الطريقة التي تمتص بها ثاني أكسيد الكربون، ويبقى داخل الورقة حتى يسقط في أرض الغابة، حيث تمتص التربة الزئبق. لذلك؛ فهو أكثر استقرارًا في التربة، لكن عندما يتعلق الأمر بالمسطحات المائية؛ فقد يصبح الأمر خطيرًا، فعند وصول الزئبق إلى المياه، تحدث عملية "المثيلة"، وفيها يتحول الزئبق إلى ميثيل الزئبق، وهو سم عصبي قوي، قد تمتصه الأسماك التي يتغذى عليها الإنسان. وبالتالي يصل إلى مائدة الإنسان، وتحدث مشكلات أكبر.
محاكاة
أجرى مؤلفو الدراسة محاكاة لدراسة المشهد بوضوح، وقسموا الأرض إلى 8 مناطق، وتتبعوا الزئبق من مصادر انبعاثاته حتى ترسبه، وخلصوا إلى أنّ إزالة الغابات بصورة كبيرة، تقلل من مساحة الأوراق، ما يقلل كمية ضوء الشمس الذي يضرب الأرض ويسرع عملية إطلاق غازات الزئبق من التربة. وأنّ 200 طن من الزئبق ينبعث إلى الغلاف الجوي؛ نتيجة إزالة الغابات، وهو ما يمثل 10% من الانبعاثات الزئبقية الناتجة عن الأنشطة البشرية.
يدعو الباحثون إلى ضرورة أخذ إزالة الغابات في الحسبان فيما يتعلق باتفاقية ميناماتا؛ وضرورة إعادة الغابات، فهذا سيُقلل من كمية انبعاثات الزئبق بنسبة 5%، واتخاذ الإجراءات الأخرى الضرورية لتجنب الاستخدام الخاطئ للغابات.