لأول مرة.. كشف أسباب "الهذيان" المصاحب لكوفيد - 19
تشير الأبحاث إلى أن 20 إلى 30 % من مرضى "كوفيد -19" يصابون بأعراض عصبية كالهذيان، وتزيد النسبة إلى 60 أو 70٪ في حالات المرض الشديد.
وقال باحثون بريطانيون من جامعة "كينجز كوليدج لندن"، إنهم نجحوا في التوصل إلى سبب تطور هذه الحالة عند بعض المرضى.
و الهذيان، هو حالة من الارتباك العقلي يمكن أن تحدث إذا أصبحت مريضا، وترتبط بنتائج سلبية، بما في ذلك طول فترة الاستشفاء والوفاة. ويكون ظهورها في مرض "كوفيد -19" مؤشرا على أن العدوى قد أثرت على الدماغ لدى المريض.
وخلال دراسة منشورة في العدد الأخير من دورية "الطب النفسي الجزيئي"، كان الباحثون أول من استخدموا عينات دم من مرضى "كوفيد -19" الذين يعانون من الهذيان، وذلك للتحقيق في كيفية تطور هذه الحالة داخل الدماغ.
ووجد الباحثون أن الهذيان يكون له تأثير على عملية تسمى "تكوين الخلايا العصبية" أي (توليد خلايا دماغية جديدة)، والتي تعد ضرورية للحفاظ على وظائف الدماغ سليمة، بما في ذلك عمليات الذاكرة والتفكير.
وتم التوصل لهذه النتيجة، عند اختبار تعريض خلايا المخ، للدم المأخوذ من مرضى "كوفيد 19"، حيث رصدوا زيادة في موت الخلايا وانخفاض في توليد خلايا دماغية جديدة.
وجمعت الدراسة عينات مصل الدم من 36 مريضا في لندن، خلال الموجة الأولى من جائحة "كوفيد 19" خلال الفترة من مارس/ آذار إلى يونيو/ حزيران 2020، وكان نصف هؤلاء المرضى يعانون من أعراض الهذيان، بينما لم يظهر النصف الآخر هذه الأعراض وقت دخول المستشفى.
واستخدم الباحثون نموذجا لخلايا بشرية في المختبر تم التحقق من صحته ويتكون من خلايا من الحُصين، وهو جزء من الدماغ أساسي في العديد من المهارات المعرفية والذاكرة والتعلم.
وعالج الباحثون خلايا من الحُصين مباشرة بعينات المصل ولاحظوا التأثيرات على تكوين الخلايا وموتها، وكذلك على مستويات البروتينات الالتهابية "السيتوكينات" المختلفة.
وأظهرت النتائج أن العلاج بالمصل المأخوذ من المرضى المصابين بالهذيان يزيد من موت الخلايا ويقلل من توليد خلايا دماغية جديدة.
وأظهر فحص المصل أن المرضى الذين يعانون من الهذيان لديهم مستويات أعلى من السيتوكين (IL6) بينما لم يكن هناك فرق بين المرضى في مستويات السيتوكينات الأخرى.
وأدى تعريض خلايا الدماغ للمصل إلى إنتاج مستويات أعلى من اثنين من السيتوكينات الأخرى (IL12) و (IL13)، مما يشير إلى وجود عملية أو سلسلة تتشكل فيها (IL12) و(I1L3) بواسطة خلايا الدماغ استجابةً للالتهاب في الجسم الناتج عن (IL6).
وتقول أليساندرا بورسيني، الأستاذة بمعهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب بجامعة "كينجز كوليدج لندن"، والباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نششر الدراسة " تشير هذه النتائج، إلى أنه من المحتمل أن ينطوي تطور الأعراض العصبية لدى مرضى (كوفيد -19) على استجابة مناعية مفرطة النشاط، تسمى (عاصفة السيتوكين)، مع إنتاج مفرط لهذه البروتينات الالتهابية المتعددة، بمجرد إنتاج الخلايا المناعية في الجسم استجابةً للعدوى".
وأوضحت أنه "يمكن لهذه السيتوكينات أن تنتقل من الدم إلى الدماغ وتؤثر بشكل مباشر على آليات الدماغ، ومع ذلك، فإن السيتوكينات ذات الصلة المباشرة بتطور الأعراض العصبية غير معروفة حاليا".
وتضيف" قيمة هذه الدراسية، في أنه إذا كانت الأعراض التنفسية لـ (كوفيد -19) معروفة جيدا، إلا أن الآليات الخلوية والجزيئية لشرح الهذيان والأعراض العصبية الأخرى ليست مفهومة جيدا، وهذه هي الدراسة الأولى التي تختبر التأثير المباشر لمصل الدم المأخوذة من مرضى (كوفيد -19) المصابين بالهذيان، على تكوين خلايا دماغية جديدة في منطقة الحُصين بالدماغ".