المنطقة الكورية منزوعة السلاح.. سلام مؤجل وحرب منسية
قصة المنطقة الكورية منزوعة السلاح التي أجرى فيها الرئيس الأمريكي مصافحة تاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون.
4 كيلومترات تفصل الكوريتين؛ تبقي السلام مؤجلا، لكنها تضمن أيضا ألا ينفلت عقال الحرب الأطول في التاريخ الحديث، إنها المنطقة منزوعة السلاح.
وتمتد المنطقة منزوعة السلاح على 248 كلم، وتسمى الأرض المحظورة إذ تنتشر فيها حواجز معزولة بالسياج المكهرب وحقول ألغام وجدران مضادة للدبابات، لفرض السلام بين البلدين ومنع حدوث مناوشات عسكرية قد تفضي لكارثة دولية.
المنطقة التي تقع على بُعد عشرات الكيلومترات شمال سيؤول ويبلغ عرضها 4 كلم، تحول دون اندلاع حرب قد تجر في آتونها أطراف دولية كبرى، كما أنها مساحة حافظت على حالة من ترقب السلام دامت لعقود.
الحرب المنسية والسلام المُلح
نشبت الحرب الكورية صراع أهلي في شبه الجزيرة بين عامي 1950-1953، حين كانت مقسمة إلى جزئين شمالي وجنوبي، الأول يقع تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي وقتها، والجنوبي خاضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا بقيادة الولايات المتحدة.
وفي 6 أغسطس/آب 1945 أعلن الاتحاد السوفيتي الحرب على الإمبراطورية اليابانية، التي كانت متمركزة في شبه الجزية الكورية منذ مطلع القرن، وبدأ بمهاجمة الجزء الشمالي، وكما هو متفق عليه بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى توقف تقدم القوات الروسية عند خط عرض 38 حيث كانت القوات الأمريكية موجودة في الجزء الجنوبي لشبه الجزيرة.
وكانت بداية الحرب الأهلية في 25 يونيو/حزيران 1950 عندما هاجمت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية، واتسع نطاق الحرب بعد ذلك عندما دخلت القوات الأممية بقيادة واشنطن، ثم الصين أطرافا في الصراع، الذي انتهي بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في 27 يوليو/تموز 1953.
في كوريا الجنوبية يطلق على هذه الحرب اسم حرب 25 /6 وهو اليوم الذي بدأ فيه الهجوم، بينما اسمها الرسمي "الحرب الكورية" وفي كوريا الشمالية شائعة باسم الحرب الكورية، ولكن الاسم الرسمي لها هو حرب تحرير الأرض أما الولايات المتحدة فتدعوه عملا عسكريا (النزاع الكوري) بدلا من الحرب؛ لتجنب الحاجة إلى إعلان الحرب بواسطة الكونجرس الأمريكي.
وفي الصين كانت معروفة بحرب مقاومة أمريكا ومساعدة كوريا ويطلق عليها أحيانا اسم "الحرب المنسية" خارج كوريا نظرا لأنها لم تجذب الانتباه بصورة كبيرة مقارنة بالحرب العالمية الثانية التي سبقتها وحرب فييتنام التي لحقتها، بالرغم من كونها أبرز أحداث القرن العشرين.
وبقي السلام ضرورة ملحة على الأرض التي تحارب أبناؤها لعقود، وأججت طموح نووي لدى بيونج يانج، الأمر الذي بات تهديدا خطيرا للأمن والسلم العالميين.
الأرض المحظورة
وتُعد المنطقة منزوعة السلاح بمثابة أرض محظورة تقع على بُعد 30 ميلاً إلى الشمال من سيؤول، وقد تأسست في اتفاقية الهدنة الحربية الكورية في 1953.
المنطقة منزوعة السلاح ليست فقط بمثابة مكان اجتماعي استراتيجي سياسي، بل تُعتبر أيضا منطقة جذب سياحي.
ورغم أنها قد تكون إحدى أكثر المناطق للوجود العسكري على الحدود في العالم، فإن المنطقة منزوعة السلاح التي أُنشئت في عام 1953، ترحب بأكثر من 1.2 مليون مسافر سنوياً، وفقا لمنظمة السياحة الكورية.
ويختلف جانب كوريا الشمالية عن الجنوبية، إذ تتضمن الجهة الشمالية، منتزه "ملاهي" خارج المنطقة منزوعة السلاح، ما يجعلها مختلفة فعلياً عن تاريخ المنطقة الهادئ والمظلم.
وعلى السياح الراغبين في زيارة المنطقة الحجز عبر شركة سياحية رسمية في الشمال أو في الجنوب.
وتتضمن المنطقة نقطتين أساسيتين: بانمونجوم ومركز المراقبة، الذي يطل على حاجز كوريا الجنوبية المضاد للدبابات، بينما تتضمن منطقة نزع السلاح في الجهة الجنوبية والمناطق المجاورة لها، بعض الحدائق، وأبراج المراقبة، والمتاحف.
وحظر على السياح الأمريكيين زيارة كوريا الشمالية منذ 1 سبتمبر/أيلول 2017، ما لا يسمح لهم بزيارة المكان إلا من الجهة الجنوبية.
ويفضل أغلب الذين يزورون المنطقة للمرة الأولى التوجه إليها والمنطقة الأمنية المشتركة على الطريق إلى مدينة سيؤول، إذ يكون لديهم القدرة على التكلم مع الهاربين من كوريا الشمالية، والتجول معهم لفهم الحياة عبر الحدود بطريقة أفضل.