ديرسم داغ.. أصغر برلمانية تركية تتحدى ديكتاتورية أردوغان
آمال واسعة، وأحلام طافحة تنضح من جميع تفاصيل الشابة الكردية (22 عاما) وهي تخطو بثبات نحو باحة البرلمان التركي
نالت ديرسم داغ ورقة العبور إلى البرلمان التركي عبر ترشحها عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي عن مدينة ديار بكر ، وخاضت معركة الحملة الانتخابية بدعم المرأة والشباب، مؤمنة بأنهما محرك الديمقراطية الحقيقية بوجه الدكتاتورية التي يصنعها الرئيس رجب طيب أردوغان.
- توابع انتخابات أردوغان.. حلم انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي يتبدد
- توقيف 192 عسكريا في حملة الاعتقالات الثانية بعد فوز أردوغان
ووفق ما رصدته "العين الإخبارية"، ألقت داغ خطابات حماسية نالت الاستحسان، وقدمت رؤية شبابية لمستقبل البلاد، فوصلت إلى البرلمان وهي في الـ22 من عمرها، لتكون بذلك أصغر نائبة في تاريخ تركيا الحديث.
الإرادة والتحدي
ولدت ديرسم عام 1996 في إحدى بلدات ولاية ديار بكر جنوب شرقي تركيا، من أبوين كرديين فقيرين، وهي واحدة من بين 12 أخاً وأختاً.
وقد عانت الاحتياج في طفولتها، فوالدها المزارع البسيط لم يكن قادرا على تحقيق احتياجات عائلته، خاصة وأن والدتها كانت ربة منزل، ما جعل جميع تلك الأفواه الصغيرة تنتظر كل يوم ما تجود به الأرض على والدهم .
وكغيرها من العديد من العائلات في تلك المناطق، قررت العائلة النزوح من بلدتها، ولم يكن سن ديرسم يتعدى الـ5 أشهر في ذلك الوقت حين استقرت أسرتها بحي شعبي بمنطقة "أسنلار" في إسطنبول، لتبدأ حياتها من الصفر.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" التي نشرت لها عدة صور ترصد مسيرتها، قالت ديرسم: "لم تكن طفولتي سهلة في بداية الأمر، ولم يكن لدي أصدقاء لأنني لم أكن أجيد اللغة التركية، ولكن حياتي تحسنت لاحقاً بعد أن قضيت عدة سنوات في المدرسة".
الوعي السياسي
ديرسم لفتت إلى أنها كانت تحلم بأن تصبح طبيبة نفسية أو صحفية، قبل أن تغير بوصلة اهتمامها وطموحها، بمجرد تشكل نواة الوعي الأولى لديها، حيث انخرطت في الحركة السياسية الكردية في سن مبكرة بالمرحلة الثانوية، وقررت أن تدرس أدب اللغة الكردية التي حُرمت من تعلمها في الصغر، رغم أنها من أبسط حقوق الإنسان في كافة المجتمعات، على حد قولها.
في يونيو/ حزيران الماضي، تخرجت الشابة من جامعة ماردين، قسم اللغة الكردية، قبل أن تفوز بعد أسابيع قليلة بمقعد في البرلمان عن مدينة ديار بكر.
صوت المضطهدين
ونهلت ديرسم من أدبيات حزب الشعوب الديمقراطي، وتشبعت بأفكاره، معتبرة أن هذا الحزب ليس صوت الأكراد فحسب، بل جميع الفئات المضهدة والمظلومة في تركيا.
وتقول: "نشأت في التسعينيات، وهي فترة التهجير وحرق القرى الكردية وملاحقة السياسيين. وكانت من أصعب السنوات التي مرت علينا كعائلة وكشعب يطالب الدولة بالاعتراف بحقوقه القومية".
ويرى المراقبون أن صوت شاب يصدح عاليا في سماء تركيا الملبدة بغيوم الدكتاتورية الأردوغانية، مما يجعلهم يخشون، على هذه الشابة الصاعدة والطموحة أن تلقى نفس مصير العديد من النواب الأكراد، ممن وجدوا أنفسهم معتقلين على خلفية مواقفهم وقناعاتهم، مسجونين بتهم ملفقة، من ذلك الرئيسان السابقان لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش وفيجن يوكسداج.
تلك المخاوف حسمتها الشابة بالقول: "لا أخاف أي إجراء قد أتعرض له كنائبة كردية، لأنني أؤمن بقضية شعبي، وصاحب الحق لا يخشى شيئاً، فكل ما نقوم به هو من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين في تركيا".