خبراء لـ"العين الإخبارية": إصدار داعش في ليبيا يكشف إفلاسه
خبراء وباحثون أكدوا أن إصدار داعش الأخير في ليبيا يؤكد وجود خلافات داخلية فضلا عن تراجعه عسكريا
قال خبراء ومختصون في الجماعات الإرهابية إن الإصدار المرئي الأخير لتنظيم داعش في ليبيا يؤكد أنه يعاني انقسامات داخلية وتراجعا فعليا على الأرض، مما يشير إلى إفلاسه.
وكشف الخبراء لـ"العين الإخبارية" أن الإصدار الذي يفترض أن يرفع الروح المعنوية لإرهابيي داعش إلا أنه يقضي على معنوياتهم، من خلال دلالته على وجود خلافات داخلية وتراجع وجوده وكثرة هزائمه، والذي أطلق عليه "سنة الابتلاء".
بكائيات
وقال عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إن تنظيم داعش يسعى بقوة لرفع الروح المعنوية لعناصره، مع الخسائر التي يتكبدها على مدر الأشهر الماضية، سواء في سوريا أو العراق أو مصر أو ليبيا أو غيرها من المناطق التي فقد فيها الجغرافية السياسية.
وأشار فاروق، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن التنظيم الإرهابي من خلال إصداراته يسعى لإيصال رسالة لعناصره وأنصاره بأنه ما زال متحكما في المشهد، وأن لديه من القوة ما يجعله يمثل طرفا في معادلة الصراع وتهديدا للأنظمة العربية الحاكمة.
وأوضح فاروق أن إصرار داعش على نشر هذه الإصدارات يعود لشعور التنظيم بأنه خارج دائرة الضوء، وأنه قد انتهى فعليا، لكن هذا الشعور ربما يكون دافعا بشكل حقيقي لتنفيذ عدد من العمليات العشوائية في عدد من الدول العربية بهدف الترويج الإعلامي، خصوصا أنه يتجه حاليا لما يسمى بـ"حرب العصابات والمدن"، وهي معارك من شـأنها أن تكبد الجيوش النظامية خسائر فادحة لعشوائيتها في الاستهداف والتحرك.
وأضاف أن الإصدار معد للنشر قبل ظهور البغدادي في إصدار "في حضرة الخليفة"، الذي اضطر فيه للظهور بعد الانقسامات الواضحة التي شهدها التنظيم والدعوات لاختيار خليفة بديل للبغدادي، بعد انتشار شائعة وفاته، فتم التوجيه بضرورة مبايعة كل ولاية للبغدادي كنوع من التوظيف السياسي على تحكمه في مسار التنظيم.
انقسامات وتستُّر
ويرى محمد البلقاسي، مدير مرصد ضد التطرف والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، أن إصدار داعش يوحي بوجود انقسامات داخلية، وضعف في التنظيم يحاول التستر عليه ونفيه لرفع الروح المعنوية لعناصره.
وأكد البلقاسي، لـ"العين الإخبارية، أن هذه السلسلة تعتمد على عدد من الرسائل لأفراد التنظيم، للتأكيد على قوة انتشار وهمية بتعداد ما يطلق عليه ولايات.
وبخصوص حدود إمكانات التنظيم في ليبيا وقدرته على التحرك أو التنفيذ، يرى مدير مرصد ضد التطرف أن التنظيم لن يستطيع توجيه ضربات منظمة ضد الجنوب الليبي، لضعف الإمكانيات والتي وضحت في الإصدار الأخير.
وأشار البلقاسي إلى أن أقصى ما يستطيع داعش تنفيذه في الجنوب هي عمليات استنزاف لإظهار وجوده فقط، لكنها لن تحقق له مكاسب تذكر.
وشدد على أن استمرار العمليات العسكرية للجيش الليبي ضد الإرهاب ستقضي على أي فرصة لإحياء تنظيم داعش في الداخل الليبي.
البغدادي يدافع عن نفسه
ويتفق محمد يسري الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية مع التعليقين السابقين، مؤكدا أن الإصدار دليل على عكس ما يروج له تنظيم داعش من وحدته ووجوده على الأرض.
وأشار يسري، لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الإصدار قد يكون محاولة من البغدادي لإثبات سيطرته أمام معارضيه، وأن الولاء ما زال له أكثر من كونها رسالة موجهة لخارج التنظيم.
أما عن مسألة إعادة تمركز داعش في الجنوب الليبي فاستبعد حدوث هذا الأمر مع الاستنفار العام الذي تشهده ليبيا، مشيرا إلى أنه لا يمكن اعتبار العمليات الخاطفة التي ينفذها التنظيم في المناطق النائية سوى أنها محاولات أخرى لإثبات الوجود.
وحول وجود استراتيجية جديدة للتنظيم في ليبيا وأفريقيا عامة، قال يسري إنه لا يمكن التعويل على هذه السلسلة من الإصدارات التي خرجت من قلب أفريقيا في مالي وبوركينا فاسو لتبايع زعيم التنظيم "أبوبكر البغدادي"، في إثبات تغير جديد لخطط التنظيم المستقبلة، خاصة مع الانقسامات الداخلية في التنظيم.
ولفت إلى أنها مجرد محاولة لإثبات الوجود، والقدرة على الاستقطاب في المناطق الساخنة التي يلقى فيها مقاومة من أجهزة الأمن.
وكان تنظيم داعش الإرهابي نشر، السبت الماضي، إصدارا مرئيا جديدا لعناصره، توعد خلاله بمواصلة عملياته الإرهابية في ليبيا.
وظهر عناصر التنظيم الإرهابي (نحو 70 شخصا وبعدد 12 سيارة) في الإصدار الذي حمل عنوان (والعاقبة للمتقين)، وسط أرض صحراوية يرجح أنها في أحد مناطق الجنوب الليبي.
كما أوضح الإصدار تراجع تسليح الإرهابيين، إذ ظهرت أسلحة خفيفة ومتوسطة وسيارات دفع رباعي غير مسلحة وأخرى مسلحة، ورشاشات من نوع "الكلاشنكوف" وقاذف "آر بي جي" وواحد رشاش وواحد من عيار الـ"14.5".
وظهر خلال التسجيل شخص يدعى "أبومصعب الليبي" كمتحدث رئيسي، والذي من المرجح أن يكون الإرهابي "محمود مسعود البرعصي" زعيم التنظيم في ليبيا.
ولم يتضح بعد متى جرى تسجيل هذا الإصدار الجديد لداعش، إلا أنه يرجح أن يكون صوّر قبل إطلاق الجيش الوطني الليبي عملية تطهير الجنوب 15 يناير الماضي، خاصة أنهم يرتدون ملابس شتوية، ما يرجح أن التسجيل صور في وقت سابق وبث الآن لرفع الروح المعنوية للإرهابيين التي انهارت بعد نجاحات الجيش الليبي المتتالية في القضاء على الإرهاب.
ويشهد الجنوب الليبي في هذه الآونة حالة من زعزعة الاستقرار، ليس طرفها تنظيمات إرهابية وحسب، بل تنظيمات أخرى تقاتل على أساس عرقي توالي حكومة فايز السراج.
من بين مليشيات إرهاب الجنوب الليبي التي تتبع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج تلك المسماة "قوات حماية الجنوب"، وهي مليشيا قوامها الرئيسي مقاتلون من قبائل التبو الليبية ومرتزقة من تشاد ودول أفريقية أخرى مثل نيجيريا، تقاتل تحت إمرة حسن موسى التباوي، الذي ظهر مؤخرا تحت مسمى "أبوبكر السوقي".