النفط والغاز.. من يوقظ "فتنة" الأسعار الهادئة؟
على الرغم من تراجع أسعار النفط والغاز عالميا إلى مستويات 2021، فإن مخاوف تحوم بالأسوق تعززها قرارات أوكرانية قد توقظ فتنة أسعار فجأة.
مرد هذه المخاوف هو ارتفاع كلفة التحول إلى الطاقة النظيفة، وحاجة الدول الصناعية إلى مزيد من الوقت لضخ استثمارات متسارعة في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، في وقت تشهد فيه هذه الدول ارتفاعا في الإنفاق الذاهب لإعانة الأسر والشركات على التضخم.
المسألة الأخرى المهمة، أن روسيا -إحدى أكبر منتجي الغاز الطبيعي والنفط الخام في العالم- بدأت تحويل استثماراتها نحو الشرق، إلى أسواق آسيا وبالتحديد الهند والصين على وجه الخصوص.
التوافق الصيني الروسي
من شأن التوافق الصيني الروسي أن يساعد في تعويض خسارة روسيا للسوق الأوروبية لصالح التنين الروسي، وهنا يمكن القول إن تجارة الطاقة ستستمر في النمو.
بإمكان روسيا إنتاج 11 مليون برميل من النفط الخام يوميا، وأكثر من 640 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي، بينما الصين أكبر مستورد للخام بمتوسط يومي 11 مليون برميل.
كذلك، تخشى الأسواق العالمية من ردة فعل حادة من جانب موسكو، تتمثل في فرضية خفض إنتاج النفط بمقدار الثلث "3.6 مليون" يوميا، في محاولة لتحقيق زيادة في الأسعار عبر خفض المعروض عالميا.
في السياق، يبلغ الإنفاق السنوي على الطاقة النظيفة حوالي ثلث مبلغ 3.5 تريليون دولار اللازم لتسريع التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري، لتلبية أهداف المناخ العالمية بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز.
نتيجة لذلك، يستمر الطلب العالمي على الوقود الأحفوري في الارتفاع على الرغم من تراجع الاستثمار في إمدادات النفط والغاز الجديدة، إلى المستوى المتصور في بعض نماذج إزالة الكربون السريعة.
لكن خفض المعروض من النفط لا ينجح إلا إذا أدت الزيادة في البنية التحتية للطاقة النظيفة، إلى انخفاض الطلب على النفط في نفس الوقت، وهذا لا يحدث، ولا يمكن أن يحصل طالما لا تتوفر السيولة المطلوبة للتحول.
خلال الشهور الستة الماضية، كرر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، أن الاستثمارات الحالية في النفط والغاز. بحاجة إلى مزيد من السيولة، متوقعين ارتفاع الطلب وسط تباطؤ نمو المعروض.
مسألة أخرى، وهو أنه على الرغم من جهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتسريع نشر إمدادات الطاقة النظيفة، فإن الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية لصناعة المواد اللازمة لتوليد الطاقة المتجددة من جانب واشنطن وبروكسل كبير جداً، أي أنهما ستبقيان رهن بكين.
رسوم عبور النفط الروسي
ذكر تقرير صحفي أن أوكرانيا تعتزم مضاعفة رسوم عبور النفط الروسي عبر أراضيها من خلال خط أنابيب "دروجبا" إلى شرق أوروبا اعتبارا من الأول من أبريل/نيسان.
وبحسب وكالة "بلومبرغ" للأنباء، ذكرت صحيفة "كومرسانت" الروسية الصادرة اليوم السبت أن المقترح يقضي بزيادة الرسوم الجمركية إلى 27.20 يورو للطن (29.30 دولار) عبر الفرع الجنوبي لخط الأنابيب الذي ينقل النفط من روسيا إلى المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك.
وأشارت الصحيفة إلى أن شركة "أوكر ترانس نافتا"، القائمة على تشغيل شبكة أنابيب النفط الأوكرانية، ألقت باللوم في الزيادة على تكلفة إصلاح البنية التحتية التي قصفها الجيش الروسي.
وأوضحت أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن الزيادة، وأن المناقشات مستمرة.
ونقلت الصحيفة عن شركة "ترانسنفت بي جي إس سي" القائمة على تشغيل خط النفط الروسي القول إنها تدرك نية أوكرانيا زيادة الرسوم، ولكن ليس لديها علم بقيمة الزيادة، أو بأي جدول زمني محدد.
وستكون هذه المرة الثانية خلال هذا العام التي ترفع فيها أوكرانيا هذه الرسوم.
وزادت شركة "أوكر ترانس نافتا" الرسوم الجمركية بمقدار 2.10 يورو للطن إلى 13.60 يورو في الأول من يناير/كانون الثاني الماضي.
النفط استثمار مجدٍ
بالنظر إلى بيانات شركات الطاقة، وبالتحديد النفطية خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، فإنها حققت في 2022 أرباحا قوية، وهي أرقام قد تزيد في حال استمرار الاستثمار في النفط والغاز متراجعا.
وحققت شركات النفط نتائج وافرة على جانبي المحيط الأطلسي؛ ومع ذلك، فقد اتسعت العلاوة التي تتداول بها الشركات الأمريكية مقارنة بنظيراتها في أوروبا؛ والسبب؟ أن الشركات الأوروبية عالقة في مسألة التحول الأخضر وبين العقوبات على روسيا.
شركات BP وShell وTotal وRepsol و Eni وEquinor، من بين آخرين، يتم تداولها الآن بمعدل 3.3 ضعف التدفق النقدي الآجل وفقًا لتحليل برنشتاين.
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية، إلى أن النتائج المالية للشركات الأوروبية تشهد تراجعات حادة في 2023، ليس بسبب احتمالية تراجع أسعار النفط، بل بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، وفقدانها مصدرا رئيسا للنفط والغاز.
aXA6IDE4LjE5MC4xNTMuNzcg جزيرة ام اند امز