احتجاز آلاف في "حرب الفلبين على التسكع"
الشرطة الفلبينية تصدر الأوامر للأطفال الذين ينقبون في تلال النفايات بالعودة إلى بيوتهم وتنذر آباءهم بأن السجن مصيرهم.
تنتشر فرق من الشرطة الفلبينية كل ليلة، يتألف كل منها نحو 10 أفراد في أفقر أحياء العاصمة٬ وتحتجز سكان العشوائيات الذين يتسكعون في الشوارع أو المراهقين ممن يلعبون في محال بسيطة الحال لألعاب الكمبيوتر.
وتصدر الشرطة الأوامر للأطفال الذين ينقبون في تلال النفايات بالعودة إلى بيوتهم وتنذر آباءهم بأن السجن مصيرهم٬ إذا شوهد الصغار في الشوارع في ساعة متأخرة مرة أخرى.
أما الرجال الذين يتجولون بلا قمصان أو يدخنون ويتناولون المشروبات الكحولية في الخارج؛ تقتادهم الشرطة إلى مقرها في الحي، وتحذرهم وتسجل أسماءهم وعناوينهم.
تلك هي الحرب على التسكع التي أطلقها الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي، الذي اشتهر بحرب دموية على المخدرات وباستحواذ فكرة النظام الاجتماعي على تفكيره.
بدأ دوتيرتي هذه الحرب في 13 يونيو/حزيران خلال واحدة من الخطب التي يتنقل فيها بين موضوعات عديدة، وأصبحت علامة مميزة له عندما قال "يجب أن تصدر الأوامر للمتسكعين في الشوارع بالعودة لبيوتهم، وإنه سيتولى بنفسه تقييد أيديهم وإلقائهم في نهر إذا رفضوا ذلك".
واعتبرت شرطة مانيلا ذلك توجيها لها ونفذت الأمر كما يجب، وبلغ عدد المحتجزين نحو 59 ألفا.
وندد ناشطون وجماعات قانونية ونواب معارضون بهذه الحملة، وقالوا إنها لا تستند إلى أساس قانوني، لأنه تم شطب التشرد من قوائم الجرائم في 2012 ولأن دوتيرتي بذلك يضطهد فقراء مانيلا، الذين لا يزالون يعانون من أثر الحرب على المخدرات.
وقال النائب المعارض أنطونيو تينيو: "الأمر برمته يتعلق بفرض الرقابة على الفقراء باستخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة لترويعهم.. لم؟ النية هي منعهم من المقاومة ومن الرد".
غير أن دوتيرتي، الذي يصف الحملة على التسكع بأنها "حملة لمنع الجريمة"، لم يمسه شيء من هذا التنديد. فلا تزال شعبيته عالية إذ إنه بناها على سمعته كزعيم يسعى لتحقيق الانضباط، وينجز ما يهدف إليه، وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "بالس أسيا" الشهر الماضي موافقة 88% من الفلبينيين على أدائه كرئيس للبلاد.
شغل دوتيرتي منصب رئيس البلدية على مدى 20 عاما، وأسس مسار حياته السياسية على سمعته في محاربة الجريمة. وعندما رشح نفسه وعد بقتل الآلاف من تجار المخدرات.
وفي العامين اللذين قضاهما في الرئاسة أنجزت الشرطة هذا الوعد، فقتلت 4500 شخص على الأقل، تقول إنها تعتقد أنهم من تجار المخدرات الذين قاوموا اعتقالهم، وفي خطابه السنوي للشعب، الإثنين، وعد دوتيرتي بمواصلة الحرب على المخدرات بلا هوادة.
وشهدت الحملة على التسكع سقوط ضحية في أسبوعها الأول، ولفظ جينيسس أرجونسيلو (25 عاما) أنفاسه الأخيرة لتعرضه للضرب على أيدي المحبوسين في زنزانته بعد القبض عليه لعدم ارتداء قميص.
ومنذ ذلك الحين٬ قل عدد من يتم احتجازهم خلال الليل أو لفترة أطول في الزنزانات التي تشتهر بازدحامها في مراكز الشرطة بمانيلا، ويتم تسجيل الأغلبية ثم إطلاق سراحهم وتغريم الثلث تقريبا، بينما توجه اتهامات للبعض بارتكاب مخالفات.
ويقول ليني روبريدو نائب الرئيس الذي فاز في انتخابات منفصلة عن انتخاب دوتيرتي إن "الشرطة لديها الآن رخصة لانتهاك الحقوق، وإن على المحامين توعية المجتمعات الفقيرة بحقوق أفرادها".
وشبه الاتحاد الوطني للمحامين الحملة بالأحكام العرفية التي كانت سارية في عهد فرديناند ماركوس من 1972 إلى 1981.
ولم يرد هاري روك، المتحدث باسم الرئاسة، على طلب للتعليق على هذا التشبيه، لكنه نفى أن الحملة تستهدف الفقراء، وقال إن الشرطة تستهدف فقط المخالفات لقوانين المدينة.
ونفى دوتيرتي أنه أمر باعتقال المتسكعين بل طلب تفتيشهم فقط.
ويقول دوتيرتي إن هذه الإجراءات قانونية لأن بوسعه الاستناد لمبدأ "أبوالشعب"، وطلب في الآونة الأخيرة من الشرطة اتباع الأوامر وتجاهل "الدستوريين المخبولين" الذين يشككون في قانونية الحملة.