تسليم مليشيات الردع مقارا بطرابلس.. تصفية حسابات أم هروب من العقوبات؟
بعد مرور أكثر من شهر على اشتباكات "دامية" أثارت غضبًا دوليًا ونكأت جراح الليبيين، بدأت مليشيا طرابلس سيناريو جديدًا لتصفية الحسابات.
ذلك السيناريو وإن لم يتخذ العنف طريقًا لتمريره، إلا أنه اعتمد في ظاهره على "إعادة الحقوق لأصحابها"، فيما كانت الحقيقة التي في الصدور تكمن في 3 سيناريوهات.
فماذا حدث؟
للمرة الخامسة على التوالي، كررت المليشيات المسلحة غربي ليبيا ما وصفه مراقبون بـ"مسرحية تبادل الأدوار"، والتي ينص السيناريو الخاص بها على استلام مليشيات مقار أخرى.
تلك المسرحية أعلنت عنها اليوم الثلاثاء مليشيات "الردع" في العاصمة طرابلس التي قالت في بيان لها إنها "أخلت مقر أحد التشكيلات المسلحة الواقع في وسط العاصمة طرابلس والذي تعود ملكيته إلى مصلحة أملاك الدولة (حكومية)".
وفيما سلمت مصلحة الأملاك العامة المقر إلى مكتب مشروعات طرابلس بجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية لتنفيذ مشروع موقف سيارات وفضاء عام، قالت مليشيات الردع إنها سلمت عمارة سكنية بمنطقة الدهماني لورثة عائلة الغدامسي بعد أكثر من عشر سنوات "استغلال" المبنى من قبل تشكيلات مسلحة بالمنطقة".
يأتي تسليم المقار بعد أكثر من شهر على اشتباكات مسلحة شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، بين مليشيات متقاتلة على السلطة والنفوذ ما خلف 32 قتيلا وعشرات الجرحى.
ومليشيات "الردع" التي تعد إحدى أبرز وأقوى المليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، شنت في يوليو/تموز الماضي اشتباكات مع مليشيات ثوار طرابلس بإمرة المليشياوي أيوب بوراس، انتهت بسيطرتها على مقرات مكافحة المخدرات في منطقة السبعة والأمن الخارجي والداخلي والهجرة غير الشرعية.
3 سيناريوهات
تسليم المقار والذي زعمت مليشيات الردع بأنه يأتي في إطار "حملة استرداد حقوق المواطنين وإرجاع الممتلكات للدولة"، أرجعه مراقبون إلى واحد من سيناريوهات ثلاثة.
وقال عبد السلام القناشي الكاتب الليبي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن السيناريو الأول يتمثل في "إطار عملية تدوير المليشيات وتغيير مواقعها"، مشيرًا إلى أن مليشيات تسلم مقرًا وتتخذ من آخر مكانًا لها إلى حين تهدأ الأمور، ضمن اتفاقات مسبقة بينها.
أما ثاني السيناريوهات، فقال القناشي، إنه يتمثل في "التصفية السياسية، وخاصة بعد أن شهدت العاصمة طرابلس عدة اشتباكات دامية بين المليشيات تابعة ومؤيدة لكلتا الحكومتين الليبيتين المتنافستين، اصطفت بعضها مع حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية في حين اصطفت الأخرى مع حكومة فتحي باشاغا"، مشيرًا إلى أن المليشيات المنتصرة أجرت عمليات تصفية لمنافستها الخاسرة في تلك الاشتباكات.
وأوضح الكاتب الليبي، أن ثالث السيناريوهات ذلك الذي وصفه بـ"مسرحية تبادل الأدوار"، قائلا: "تقديم مليشيات لمليشيات أخرى كبش فداء، بعد الغضب الدولي من المليشيات بشكل عام في غرب ليبيا".
وأضاف، أن "بعض المليشيات القوية في طرابلس تتخذ الآن مبدأ التقية من عقوبات المجتمع الدولي، الذي اعتبرها معرقلا لحل الأزمة الليبية"، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يدرس توقيع عقوبات على المليشيات الليبية كونها معرقلا للحل".