بحار سوداء بالجنوب الليبي.. ألغام السياسة تفجر البنية التحتية
أمام الأوضاع السياسية المتأزمة بليبيا، شقت البنية التحتية للخدمات بالجنوب، طريقها للانهيار تاركة خلفها مشاهد مرعبة لـ"البحار السوداء".
ورغم أنها دولة نفطية غنية بالموارد الطبيعية، إلا أن الجنوب الليبي يعاني ويلات انتشار الأمراض والحشرات الزاحفة بسبب "طفح المجاري ومستنقعات مياه الصرف الصحي" التي تحولت لبحار سوداء.
ولغياب الرقابة على مسؤولي البلديات، نتيجة الأزمة السياسية القائمة بالبلاد، تسيطر حالة من الاستياء الشديد على سكان المنطقة الجنوبية في ليبيا؛ حيث تتكرر مشاهد "انفجار مواسير الصرف الصحي في أغلب المناطق"، ما يعني صعوبة التنقل داخل الأحياء السكنية.
وباتت مناطق مثل محلة (الهاشمية) بمدينة براك الشاطئ و(حي الثانوية) في مدينة سبها ومحلة (مرحبا) في وادي عتبة، غارقة في بحار من مياه الصرف السوداء التي اقتحمت المنازل بعد الطرقات لانهيار جزء كبير من الطريق العام الذي يربط المناطق ببعضها، لتبدأ موجات هجرة للعائلات فرارا من الروائح الكريهة والأمراض الجلدية والمعوية.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية، تعهدت ببرنامج تنموي اسمته "عودة الحياة" لم ينجز فيه في جنوب البلاد أي مشروع ينهض بالبنية التحتية للبلاد.
وبحسب المكتب الإعلامي لمشروع عودة الحياة إن التنمية ستشمل كامل البلاد بتنوع جغرافيتها، ولكن كل تلك الوعود ظلت حبرا على ورق ولم تشهد المنطقة الوسطى ولا الجنوبية منها شيئًا.
أزمات اقتصادية وبيئية متلاحقة يقف خلفها الانقسام السياسي بين حكومتين أولاهما منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة وثانيهما مكلفة من البرلمان بقيادة فتحي باشاغا، وبينهما تتوه خدمات الليبيين.
كارثة على الأبواب
ويرى مواطنون ليبيون أن هذه المآسي وغيرها الكثير يعانيها الجنوب الليبي بسبب تقصير الجهات المخولة من الدولة في مجال البنية التحتية وفي طليعتها المجالس البلدية والشركة العامة للمياه والصرف الصحي.
هنا يقول رئيس مفوضية المجتمع المدني براك الشاطئ مراد جلغم، إن منطقتهم على أعتاب كارثة صحية حقيقية بسبب النهر الجاري من المياه السوداء الذي يغطي أجزاءً واسعة من براك الشاطئ.
وأضاف جلغم لـ"العين الإخبارية"، أن منطقتهم تسمع وعودا شفهية من المجلس البلدي وشركة المياه والصرف الصحي لإصلاح هذه الأعطال لكنها لم تشهد أي تحسن في البنية التحتية لهذا القطاع والذي بدأت آثاره السلبية تظهر على كل جوانب المجتمع.
وأكد أن الجنوب الليبي لم يستفد إطلاقا من برامج الحكومات السابقة، مشيراً إلى أن جميع قراراتها ظلت حبرا على ورق ولم تنفذ في البلاد أي برامج صيانة أو تجديد للشبكات المتهالكة.
ونوه رئيس مفوضية المجتمع المدني بأن الأمم المتحدة أرسلت بعض المعدات للمساعدة للحد من توسع المياه السوداء في مدينة براك الشاطئ إلا أن مجلسها البلدي أخفاها في ليلة غير مقمرة.
واختتم تحذيراته بالتأكيد على أن الوضع المنهار للبنية التحتية في كامل الجنوب الليبي يوضح الفشل الذريع للحكومات الانتقالية المصدرة من الخارج والتي تعبث في المال العام دون وجه حق, وللمجالس البلدية المختلسة التي تقتات على حقوق المواطنين في أغلب المناطق وعلى رأسها براك الشاطئ.
تهرب من المسؤولية
بدوره، رفض وكيل بلدية براك الشاطئ، عبدالله سعيد، الإدلاء بأي تصريح يوضح من خلاله أسباب التباطؤ في إنجاز جميع المشروعات المتوقفة في البلدية والتي تسببت في زيادة الازدحام بوسط المدينة بسبب تجريف أغلب الطرقات مما يزيد على عام دون إعادة تدشينها.
وتحجج سعيد بأن هذه الأعمال هي اختصاص أصيل لجهاز المشروعات والذي يتبع البلدية في الأساس، دون إضافات أخرى تذكر.
ومن جانبه، قال سالم عبدالرحيم، أحد الليبيين المتضررين من انهيار البنية التحتية في حي الثانوية بمدينة سبها، إن المياه السوداء اجتاحت العديد من المنازل مما أجبر قاطنيها على المغادرة بحثًا عن بيئة أفضل.
وأضاف عبدالرحيم لـ"العين الإخبارية"، أن انهيار المجمع الرئيسي لشبكة مياه الصرف الصحي تجاوز 6 أشهر متتالية دون التفات من قبل الحكومة ولا المجلس البلدي التابع لها.
وأكد أن المباني المحيطة بتجمع المياه مهددة بالانهيار في أي لحظة بسبب التجمع الكبير للمياه فوق أساساتها السفلى.
واختتم عبدالرحيم حديثه بالتأكيد على أن الوضع في سبها تحديدًا أصبح لا يطاق نتيجة لهذا الوضع الكارثي والمتسبب بشكل رئيسي فيه بلدية سبها والتي لم تلتفت لمعاناة سكانها.
aXA6IDE4LjIyNi45My4xMzgg جزيرة ام اند امز