هل ينجح صندوق "السوداني" في إنقاذ العراق من القحط الطارئ؟
مع بدايات الحكومة الجديدة التي يرأسها محمد شياع السوداني، يتحرك العراق لوضع مساندة عاجلة لتفعيل القطاعات الحيوية التي أصابها التعثر.
وتتمثل تلك المساعي في إعلام السوداني بإنشاء صندوقاً للتنمية يكون أشبه بمخرج طوارئ لإنقاذ العراق من أي أزمة مالية طارئة لارتباط اقتصاد البلاد الريعي الذي يعتمد على صادرات النفط من تقلبات السوق العالمية.
ورغم أن تفاصيل وحجم الأموال التي رصدت إلى ذلك وطبيعة المهام والمسؤوليات التي تقع على عاتق الصندوق في تنشيط بعض القطاعات لم تكشف بشكل نهائي، إلا أنه سيتغذى من الإيرادات العائدة من صادرات النفط الخام.
- العراق يلجأ لشركة تدقيق دولية بعد اختفاء 3 مليارات دولار
- العراق يسعى لزيادة حصته من إنتاج أوبك.. ويكشف تصوراته لسعر برميل النفط
وفي سبتمبر/ أيلول 2021، كان رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، كشف عن جهود لإنشاء أول صندوق ثروة سيادية يتم تمويله من فوائض الموازنات المالية بهدف بناء حاجز مالي متماسك يمنع الانهيار الاقتصادي، فضلا عن إمكانية استثمار هذه الأموال في إنعاش الاقتصاد المحلي، ومعالجة الأزمات التي قد تطرأ جراء هبوط أسعار النفط.
وصناديق الثروة السيادية هي صناديق تدير فوائض الدولة المالية من خلال أصول خارج حدود دول المنشأ، لكنها لا تكون تابعة لوزارات المالية أو البنوك المركزية، كما تختلف عن الاحتياطي الأجنبي النقدي.
إلا أن الخلافات بين فرقاء المشهد السياسي والأوساط النيابية أوقف صندوق السيادة عند مخططاته الأولية دون أن يبصر النور. وبعد 7 شهور وجراء أزمة اقتصادية ضربت العالم فجرتها الحرب الروسية الأوكرانية، تحرك العراق لتأسيس صندوق الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية.
وفي يونيو/حزيران 2022، صوت مجلس النواب العراقي على صندوق الدعم الطارئ بتمويل من واردات النفط بأكثر من 24 مليار دولار لتسيير شؤون البلاد في جوانب الغذاء والمشاريع الهامة والضرورية في ظل تعطل إقرار الموازنة.
ولاقى صندوق الدعم الطارئ جدلاً كبيراً بين العديد من الأطراف النيابية والنخب المختصة ممن وصفوه بأنه شرعنة للفساد ولكن بغطاء قانوني، مما جعل إقراره حبر على ورق دون تفعيل خزينته.
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، كشف قبل أيام البدء بإنشاء صندوق التنمية العراقي، فيما أشار إلى أن استعادة الأموال العراقية المنهوبة فقرة أساسية في علاقاتنا مع الدول الصديقة.
وقال السوداني خلال لقائه عددا من المحللين السياسيين، إنه "ثبتنا في قانون الموازنة تأسيس صندوق التنمية العراقي، سيتم تمويله من استقطاع نسبة من إيرادات النفط، ومنه تتفرع صناديق تخصصية للسكن والتربية والصحة وغيرها".
وأضاف السوداني، أن "هذا الصندوق يمثل فكراً جديداً في تعديل نظم إدارة الدولة، قائما على تفعيل القطاع الخاص وتنمية رأس المال وسيقضي على الفساد، ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل"، مبينا: "أدخلنا كل الفئات في قانون الضمان الاجتماعي، وهو يشجع على العمل بالقطاع الخاص بدلا من انتظار التعيين الحكومي، ويشمل جميع الفئات وكل الأعمال الخاصة مهما صغرت".
المستشار المالي لرئيس الحكومة السابق، مظهر صالح وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يشير إلى أنه "ستتم تخصيصاته الرأسمالية للصندوق من الموازنة العامة نفسها بأهداف موجهة إلى تنمية اقتصاد السوق ودور القطاع الخاص في تنويع مصادر الإنتاج والدخل في الاقتصاد الوطني" .
ويضيف صالح أن " جانباً مهماً من الوفرة المالية المحتمل تحققها في نهاية السنة المالية ٢٠٢٢ ستوجه بلا شك لتكون أساسا لدعم التراكم المالي في الأصول المنتجة في البلاد".
ويتوقع خبراء ومختصون أن تتجاوز الحسابات الختامية لموازنة البلاد لعام 2023 التي بصدد إقرارها، حاجز الـ120 مليار دولار، والتي سيأتي أغلبها من عائدات النفط الخام.
أسامة كريم، عضو اللجنة الاقتصادية النيابية، يقول إن "رئيس الوزراء ومن خلال برنامجه الحكومي قد تضمن فقرة تعنى بتأسيس الصندوق العراقي للتنمية من الإيرادات النفطية بأرقام معينة ستمول القطاع السكني والبيئة والكهرباء وغيرها".
ويضيف كريم لـ"العين الإخبارية"، أن "مشروع قانون صندوق التنمية ويعد الانتهاء من وضع الصيغة النهائية من قبل الحكومة سيرسل إلى مجلس النواب لغرض قراءته وطرح التعديلات أن استدعى الأمر، حيث أن الجهات المختصة عازمة على تدشين ذلك الأمر بطريقة رصينة ومدروسة على غرار ما هو موجود في الدول الأوربية والعربية بينها دولة الإمارات".
إلى ذلك يقول الخبير الاقتصادي، نبيل جبار، إن "صندوق التنمية يأتي كفكرة بديلة عن الصندوق السيادي بوضع استثمارات لا محدودة من المخاطر مثل السندات الأمريكية التي ستكون عبارة عن أموال مجمدة وغير متحركة بانتفاع كبير".
ويوضح جبار، لـ"العين الإخبارية"، أن "السوداني ومن خلال ذلك الطرح قد جنب البلاد رهائن السندات الأجنبية باعتبار أن الأموال تقرض من الداخل فضلاً عن كونه يسعى عبر ذلك المشروع إلى أبعاد يد المؤسسات الحكومية عن التعاقدات المباشرة بشأن الكثير من المشاريع والاستثمارات".