هل أنهى اتفاق إسطنبول مخاوف اشتعال سوق القمح مجددا؟
هدأت مخاوف دول العالم احتمالية حيال عودة أسعار الحبوب وبالأخص القمح، للارتفاع مجددا، بعد سريان اتفاق إسطنبول.
وبينما تنتظر قرابة 26 سفينة أخرى، معظمها محملة بالقمح، الانطلاق إلى وجهاتها النهائية، إلا أن المخاوف من عودة اشتعال أسعار القمح لم تنته حتى لو انتهت الحرب الروسية الأوكرانية.
وتمثل أوكرانيا وروسيا ما يقرب من ربع صادرات القمح العالمية، وفقا لوزارة الزراعة الأمريكية؛ ما يظهر وزن البلدين معا في أمن الغذاء حول العالم، والذي يتجاوز أهمية موسكو في سوق الطاقة.
هذا الأسبوع، انخفض سعر القمح من ذروته بعد غزو روسيا لأوكرانيا، لكن الخبراء يقولون إن أحد أكثر الأطعمة استهلاكا على نطاق واسع في العالم، ما يزال يعاني من نقص، ويحذرون من أن أزمة الجوع العالمية ما تزال تلوح في الأفق.
تقول نيويورك تايمز في تحليل لسوق القمح العالمية، إن انخفاض أسعار القمح والذي نزل هذا الأسبوع عن 300 دولار، ليعود لمستويات ما قبل الحرب، لن يعالج المشاكل الموجودة مسبقا.
هذه المشاكل تفاقمت بسبب الحرب بين اثنين من أكبر المنتجين في العالم؛ إذ ما تزال أسعار الطاقة مرتفعة، مما يؤثر على تكلفة تشغيل المعدات الزراعية ونقل القمح إلى السوق، وكذلك تكلفة الأسمدة.
الأهم من ذلك، والذي يبدو هناك صعوبة بالغة في إدارته، هو أن الطقس الحار والجاف يقلص من كمية القمح المنتج في بقاع رئيسة حول العالم، في تأثير واضح للتغير المناخي على الأمن الغذائي العالمي.
وقال إحسان خومان، الذي يدير أبحاث الأسواق الناشئة والسلع في مجموعة Mitsubishi UFJ Financial Group اليابانية، لصحيفة نيويورك تايمز، إن "الصورة الأساسية لم تتغير حقًا.. هناك احتمال حيث يمكن أن تخرج أسعار المواد الغذائية عن السيطرة".
وتسببت الأزمة الأوكرانية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، حيث عطلت الحرب والعقوبات الإمدادات من اثنين من أكبر مصدري الزراعة والطاقة في العالم.
وتراجعت أسعار النفط قليلاً منذ بداية الحرب، على الرغم من أنها ما تزال تكلف أكثر بكثير مما كانت عليه في بداية العام بالنسبة للأمريكيين لملء سياراتهم بالبنزين، وللأوروبيين لتدفئة منازلهم بالغاز الطبيعي.
وبينما قد لا يصمد اتفاق إسطنبول في خضم القتال الدائر حاليا للشهر السادس على التوالي، وحتى إذا تم ذلك، يقول الخبراء إنه ربما لن يكون كافياً لمعالجة قضايا أخرى معلقة في سوق القمح العالمية.
قالت تريسي ألين، محلل استراتيجي للسلع الزراعية في جيه بي مورجان تشيس: "لقد تم تعزيز هذه الاتفاقية كشيء من أنه سيكون حلاً لنقص الغذاء في العالم ، وهو ليس كذلك".
يمكن لعوامل أخرى أكثر رسوخا في سوق القمح قد تكون ذات تأثر كبير على مستقبل الأسعار، بدءا من أسعار الطاقة والأسمدة إلى تغير المناخ، وهي عوامل ستلعب دورا أكبر في تحديد تكلفة وتوافر رغيف الخبز حول العالم.
وفي جزئية تغير المناخ، فبينما شهدت بعض المناطق مثل الأرجنتين محاصيل وفيرة، ومن المتوقع أن تحقق روسيا محصولا ضخما هذا الصيف.
في كندا، ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية جديدة في نهاية يوليو 2021، إذ تم تصنيف حوالي ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية في البلاد على أنها جافة بشكل غير طبيعي.
وانخفض إنتاج القمح في كندا بنحو 40% من عام 2020، مما تسبب في انخفاض صادراتها إلى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بأكثر من 3 ملايين طن، وفقا لوزارة الزراعة الأمريكية.
كذلك، تحدد أسعار النفط إلى حد كبير تكلفة تشغيل المعدات الزراعية ونقل الحبوب المحصودة؛ كما تعتبر أسعار الغاز الطبيعي أكثر أهمية للمزارعين لأن النيتروجين المستخدم في إنتاج الأسمدة مثل الأمونيا واليوريا ينتج من الغاز الطبيعي.
قال لويز إدواردو بيكسوتو، الخبير الاقتصادي المتخصص في الأسواق الناشئة لدى بي إن بي باريبا: "الأمر لا يتعلق فقط بأسعار الحبوب.. إنها تكاليف الشحن وأسعار الوقود وأسعار الأسمدة وما إلى ذلك".
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjI0NiA= جزيرة ام اند امز