التغير المناخي يحول مقاعد الدراسة في إيطاليا إلى أفران

مع حلول شهر سبتمبر/أيلول، عادت المدارس الإيطالية لفتح أبوابها بين 8 و16 من الشهر تبعًا للمناطق، غير أن هذه العودة لم تكن سهلة.
تزامنت بداية العام الدراسي مع موجات حر خانقة جعلت مقاعد الدراسة أقرب إلى أفران مغلقة، وسط بنية تحتية متداعية لا تتكيف مع الواقع المناخي الجديد.
ورغم أن الأطفال استمتعوا بثلاثة أشهر من العطلة الصيفية الأطول في أوروبا، إلا أن الحر المستمر جعل كثيرين يطالبون بتأجيل موعد العودة، خصوصا أن درجات الحرارة في مدن مثل باري وبولونيا ونابولي وفلورنسا ما تزال تقارب 30 درجة مئوية. لكن المفارقة أن 6% فقط من مدارس البلاد مزودة بمكيفات، فيما نصفها بُني بين خمسينيات القرن الماضي وتسعينياته، دون أي تجهيزات لمواجهة المناخ المتطرف.
في باليرمو بصقلية، يصف مدير مدرسة أنتونينو رينالدو الوضع قائلًا: "الفصول تتحول إلى غرف احتباس حراري بدرجات حرارة لا تُطاق"، في حين يحذر رئيس نقابة المعلمين مارتشيلو باسيفيكو من أن التقويم الدراسي "لم يعد يتماشى مع عصر تغيّر المناخ"، مشيرًا إلى أن الطلاب يعانون أيضًا في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران خلال فترة الامتحانات.
الحرارة لا تضغط فقط على التلاميذ، بل تهدد أيضًا المعلّمين، حيث إن 55% منهم تجاوزوا سن الخمسين، ما يزيد من المخاطر الصحية.
وفي بعض مدارس صقلية، اتُخذ قرار بالإغلاق عند الظهر لتخفيف الأعباء، فيما دعا باسيفيكو إلى حوار أوروبي شامل حول تأثير المناخ على التعليم، مستشهدًا بتجربة فرنسا التي أغلقت نحو 1900 مدرسة في يوليو/تموز الماضي بسبب الحر.
العالمة فرانشيسكا غولييلمو من معهد "كوبرنيكوس" تشرح الظاهرة قائلة: "الصيف يبدأ أبكر وينتهي متأخرًا، مما يجعل المدارس عالقة في فصول ممتدة من الحرارة القاسية".
لكن أولياء الأمور الإيطاليين يرفضون فكرة تأجيل العام الدراسي، إذ يجدون صعوبة في رعاية أطفالهم في سبتمبر/أيلول.
على العكس، يفضل كثيرون تقصير العطلة الصيفية البالغة 97 يومًا، مقارنة بـ77 يومًا في إسبانيا و56 في فرنسا و44 يومًا في ألمانيا. عريضة بهذا الشأن حصدت أكثر من 76 ألف توقيع.
المشكلة لا تقتصر على المناخ وحده، بل على بنية تعليمية متقادمة. تقول المعلّمة نونزيا كاباسو من فراتاماجوري قرب نابولي إن المدارس "حارة جدًا صيفًا وباردة جدًا شتاءً"، ومع ذلك تؤدي دورًا اجتماعيًا أساسيًا في "إبعاد الأطفال عن الشوارع"، خصوصًا في المناطق الفقيرة.
وتؤكد أن الحل يكمن في استثمارات جادة بالبنية التحتية لضمان أن تظل المدارس قادرة على استقبال الطلاب طوال العام.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز