بعد هجمة الدولار.. إلى أين يتجه الدينار التونسي؟
هبط الدينار التونسي إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار الأمريكي متجاوزا ثلاثة دنانير (3.003)، وذلك وفق بيانات البنك المركزي التونسي.
ويؤثر هبوط الدينار على شح احتياطات البلاد من العملة الصعبة والنقد الأجنبي خاصة بعد تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع العجز التجاري وعجز البلاد على تعبئة موارد الموازنة العامة للدولة.
ومطلع 2011 قبل صعود إخوان تونس إلى الحكم، بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 1.26 دينار تونسي، بينما بلغ اليورو 1.81 دينار.
ويرى خبراء اقتصاديون بأن تقلص مخزون البلاد من العملة الصعبة تسبب في انهيار الدينار إضافة لتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وقال رابح بوراوي أستاذ الاقتصاد التونسي إن تراجع الدينار يعود لأسباب خارجية والتغيرات التي تمر بها جميع البلدان في العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح أن الطلب على الدولار شهد ارتفاعا كبيرا في السوق العالمية المالية بسبب هذه التغيرات.
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية " أن تداعيات هبوط سعر صرف الدينار مقابل الدولار ستؤثر على الميزان التجاري وستزيد في قيمة الديون ما يعني ارتفاع تكاليف القروض الخارجية التي ستقوم تونس بتسديدها قريبا وكذلك خدمة الدين والآجال السنوية.
وأشار إلى إمكانية مزيد هبوط سعر الدينار وارتفاع نسب التضخم في حال تأخر القرض المالي من صندوق النقد الدولي وعدم قدرة تونس على تعبئة موارد مالية كافية لسداد القروض الخارجية.
شح مصادر العملة الصعبة
بدوره، أرجع أنور المرداسي الخبير الاقتصادي أسباب انهيار الدينار مقابل الدولار إلى شح مصادر العملة الصعبة في تونس وتدني الاستثمار الداخلي والاستثمارات الخارجية، موضحا أن نسبة الاستثمار تراجعت إلى 13 في المئة من الناتج الوطني الإجمالي عام 2020.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن توقف الصناعات التصديرية وتوقف القطاع السياحي بسبب كورونا وتوقف إنتاج الفوسفات تسببوا أيضا في هذا الانهيار داعيا إلى ضرورة عودة الإنتاج كي تعود عجلة الاقتصاد التونسي إلى الدوران.
وتابع أن انهيار الدينار في السنوات الماضية أدى إلى ارتفاع التضخم، إذ أنهت تونس عام 2021 بنسبة 6.6 %، ما أثر مباشرة على مستوى الدين الخارجي نظرا إلى أن أكثر من 60% من الدين العام يتم سداده بالعملات الصعبة.
وتحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 12 مليار دينار لتمويل موازنة هذا العام، من بينها أكثر من 7.5 مليارات دينار (2.5 مليارات دولار)، ستخصص لسداد أقساط الديون المستحقة هذا العام.
ويستحوذ الدين العام لتونس بحسب قانون الموازنة على82.57% من إجمالي الناتج المحلي في 2022، ويبلغ الدين الخارجي نحو 72.9 مليار دينار (24.8 مليار دولار)، بينما يبلغ الدين الداخلي 41 مليار دينار.
واليوم الخميس، توقع البنك الدولي نموا بنسبة 3 % لاقتصاد تونس في مجمل عام 2022 أي أقل من توقعات سابقة له بنسبة 3.5%.
وأوضح البنك في تقرير له أن الاقتصاد التونسي سيستفيد من نمو الاقتصاد العالمي بعد جائحة كورونا، وسيحقق مكاسب لكنها تظل متواضعة على المدى المتوسط في ظل الصعوبات الهيكلية وانعكاسات عدم اليقين لحرب أوكرانيا.
وتوقع البنك الدولي أن تبلغ نسبة التضخم 5ر6 % في 2022 و 2023.
وقال البنك إن المخاوف المتصلة بسداد الديون لا تزال قوية بفعل عجز الميزانية والحاجيات المرتفعة للتمويل.
وأشار التقرير إلى "أن تونس باعتبارها موردا للطاقة والحبوب، تبقى هشة أمام ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الأولية بفعل انعكاسات الحرب الأوكرانية، وأن تسريع النمو وحماية التوازنات الاقتصادية الكبرى يتطلب تنفيذا سريعا للإصلاحات".
وتواجه تونس ضغوطا عبر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي حول برنامج إقراض جديد، للبدء بإصلاحات عاجلة تشمل أساسا خفض الإنفاق والدعم ومراجعة كتلة الأجور وخفض أعداد الموظفين في القطاع العام وإصلاح المؤسسات العمومية المتعثرة.
وأمس الأربعاء،أكد وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد أن الحكومة التونسية منذ تحملها المسؤولية وضعت برنامج إصلاح هيكلي يهدف إلى استعادة النمو واستقرار التوازنات المالية والمحافظة على المكاسب الاجتماعية وتعزيز عملية تطورها.
وقال وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي - خلال اجتماع يوم الثلاثاء، مع وفد من البرلمان الأوروبي بحضور سفير الاتحاد الأوروبي بتونس - إنه تم الشروع في وضع رؤية استراتيجية لتونس 2035 ومخططا للتنمية 2023- 2025، سيركز على جملة من التوجهات الكبرى والأولويات والمجالات، من بينها اقتصاد المعرفة والتنمية البشرية والإدماج الاجتماعي وتعزيز المبادرات الخاصة والاقتصاد الأخضر وغيرها.