يوم التأسيس السعودي.. "الدرعية" العاصمة الأولى للمملكة تعزز التضامن الخليجي
كما كانت "الدرعية" منطلقا لتوحيد شبه الجزيرة العربية وتأسيس الدولة السعودية الأولى قبل 3 قرون، أسهمت حديثا في تعزيز التضامن الخليجي.
فكانت الدرعية أيضا شاهدة على التعاون السعودي الإماراتي في تعزيز مسيرة التعاون الخليجي.
وتحتفل السعودية، الثلاثاء، للمرة الأولى بيوم التأسيس، بعد صدور أمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن العزيز 27 يناير/كانون الثاني الماضي بأن يكون يوم (22 فبراير/شباط) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس) ويصبح إجازة رسمية.
ويوافق هذا اليوم ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى قبل نحو 3 قرون، مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية (العاصمة الأولى للدولة والتي تبعد عن مركز الرياض العاصمة حاليا 20 كيلومترًا ) منتصف عام 1139هـ (1727م).
وفيما تحتفل السعودية بتلك المناسبة التاريخية الهامة التي تعيد تسليط الضوء على "الدرعية" عاصمة الدولة السعودية الأولى، فإن شعوب دول الخليج تشاركهم الاحتفاء بتلك المناسبة التاريخية وهم يستذكرون بامتنان وتقدير الدور التي قامت بها "الدرعية" في العصر الحديث، في احتضان القمم الخليجية التي صدر عنها قرارات تاريخية أسهمت في تعزيز التضامن بين دول مجلس التعاون الخليجي.
واستضافت "الدرعية" كل القمم الخليجية التي استضافتها المملكة منذ عام 1999 وحتى القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، باستثناء قمة واحدة التي عقدت في العلا شمال غرب السعودية 5 يناير/كانون الثاني 2021.
وبين تأسيس الدولة السعودية الأولى وحتى القمة الخليجية الأخيرة رحلة عمرها 3 قرون، كانت خلالها الدرعية شاهدة على محطات تاريخية هامة في تاريخ المملكة والمنطقة قديما وحديثا، تستعرضها "العين الإخبارية" في التقرير التالي:
توحيد شبه الجزيرة العربية
إبان تلك الفترة، كانت شبه الجزيرة العربية تشهد فوضى سياسية وبلدانها وأقاليمها في فرقة وتشتت ودائمة الاقتتال والحروب فيما بينها.
ورغم صغر سنه إلا أنه كان لدى الإمام محمد بن سعود حس إداري ونظرة مستقبلية لإنشاء حضارة تزدهر عبر القرون، فرفع شعار الوحدة، وبدأ بمدينته "الدرعية" ووحَّد شطريها، وجعلها تحت حكم واحد، بعد أن كان الحكم متفرقًا بين مركزين لها.
وجرى في هذا العهد بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة.
ومع بداية عهده، بدأ مرحلة جديدة في شبه الجزيرة العربية، حيث وضع لبنة البناء والوحدة التي وحدت معظم أجزائها، وأصبحت الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف.
وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة ومنها: نشر الاستقرار والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها.
وخلال عهد الإمام محمد بن سعود الذي توفي عام 1765م ومن بعده من الأئمة، أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، ولقد هاجر إليها كثير من العلماء من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائدًا حينها مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ.
فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم والعلماء على مدار 91 عاما هي عمر الدولة السعودية الأولى ، واستمرت كذلك إلى أن اختار الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود مدينة الرياض المجاورة لها مقراً جديداً للحكم مع بداية تأسيسه الدولة السعودية الثانية عام 1240هـ (1824م).
توحيد الصف الخليجي
واستضافت الدرعية جميع اجتماعات المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقدت في الرياض، وآخرهم القمة الخليجية التي عقدت قبل شهرين.
وكان قصر الدرعية الذي أمر ببنائه الملك السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز مقرا لتلك القمم، منذ افتتاحه خلال القمة الخليجية العشرين التي استضافها القصر في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1999.
ويضم القصر مقرات ضيافة ملكية، ومجلس استقبال ملكي، وقاعة كُبرى للاجتماعات، قاعات جانبية، مكاتب إدارية.
وكانت أحدث القمم التي استضافها القصر، القمة الخليجية الأخيرة رقم 42 التي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي واختتمت، بإصدار بيان ختامي مطول من 72 بندا، وإعلان مقتضب حمل اسم "إعلان الرياض".
وكانت أول قمة خليجية تعقد بعد رأب الصدع الخليجي وطي صفحة الخلاف مع قطر خلال قمة العلا التي انعقدت في 5 يناير/كانون الثاني من العام الماضي.
وتضمن البيان الختامي المطول الصادر عن قمة الدرعية رؤية دول الخليج لتعزيز مسيرة التعاون في مختلف المجالات ومواقفها من مختلف القضايا العربية والدولية.
وتركزت بنود "إعلان الرياض" على تعزيز مسيرة التضامن الخليجي، ليكون بمثابة خارطة طريق شاملة لتحقيق التكامل وتوحيد صف دول المجلس.
وترأس القمة الخليجية الـ42 الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، نيابة عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
في البيان الختامي، تعلق أكثر من بند برؤية قادة الخليج لتعزيز التضامن الخليجي، حيث أكدوا حرصهم "على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، ورغبته في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين، ووقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس".
وشدد البيان أيضا على مضامين إعلان العُلا الصادر في 5 يناير 2021، والتنفيذ الكامل والدقيق والمستمر لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التي أقرتها القمة الخليجية 36 التي عقدت في قصر الدرعية بديسمبر2015 بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة( حيث كان قصر الدرعية شاهدا على ميلاد رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك خلال تلك الدورة).
ووجه قادة الخليج في القمة الخليجية الـ42 "بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات لتنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفق جدول زمني محدد ومتابعة دقيقة".
كما وجه قادة الخليج "بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد"، وباستكمال ما تبقى من خطوات لقيام الاتحاد الجمركي، والتنفيذ الكامل لمسارات السوق الخليجية المشتركة، وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية بين دول المجلس بحلول عام 2025، كما وافق قادة الخليج على إنشاء الهيئة الخليجية للسكك الحديدية."
السعودية والإمارات
وترأست الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي، وانعقدت قمة تلك الدورة في قصر الدرعية، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2019، لتبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية ووحدة المصير بين البلدين، وأهمية التعاون بينهما في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
وترأس القمة الخليجية الـ40 خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وشارك فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وصدر عن القمة الخليجية بيان ختامي مطول من 91 بندا تضمن رؤية دول الخليج لتعزيز العمل المشترك ومواقفهم من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وبدأ تأسيس الدولة السعودية الأولى مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية منتصف عام 1139هـ (22 فبراير 1727م)، وكان عمره آنذاك 30 عاما (ولد في الدرعية عام 1697 م).
وكما كانت "الدرعية" منطلقا لتوحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية وتأسيس الدولة السعودية الأولى قبل 3 قرون، كانت في العصر الحديث شاهدة على توحيد صفوف دول الخليج وجمع كلمتهم .
أيضا كانت الدرعية شاهدة على التعاون السعودي الإماراتي في دعم التعاون الخليجي، وتطوير العمل المشترك.