نزع سلاح «العمال الكردستاني».. أردوغان يعلن عن «صفحة جديدة» بتركيا

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، أن تسليم عناصر حزب العمال الكردستاني أول دفعة من أسلحتهم يمثل بداية «صفحة جديدة» لتركيا، داعيًا إلى دعم كامل من البرلمان والشعب لعملية نزع السلاح التي انطلقت رسميًا في شمال العراق.
وخلال كلمة له أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، قال أردوغان: «منذ أمس، دخلت آفة الإرهاب مرحلة الزوال. اليوم يوم جديد؛ صفحة جديدة فُتحت في التاريخ. اليوم، فُتحت أبواب تركيا العظيمة والقوية على مصراعيها»، مشددًا على أن الخطوات الأخيرة وحدت الأمة، ومشيرًا إلى أن البرلمان سيضطلع بدور أساسي في وضع إطار قانوني لإتمام هذه العملية.
آمال بتسوية تاريخية
وفي ختام كلمته، أعرب الرئيس أردوغان عن أمله بأن يتّحد البرلمان بكامل أطيافه لدعم هذه المبادرة، واصفًا إياها بأنها «فرصة حقيقية لإنهاء أحد أطول الصراعات في تاريخ الجمهورية». كما عبّر عن ثقته بأن المرحلة الجديدة ستعزز وحدة البلاد، وتُرسّخ العدالة السياسية والمساواة بين جميع المواطنين.
«نقطة تحوّل لا رجعة عنها»
وكان 30 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني قد أقدموا، مساء الجمعة، على إحراق أسلحتهم عند مدخل أحد الكهوف في شمال العراق، في مشهد رمزي لكنه بالغ الأهمية، اعتبرته أنقرة إيذانًا فعليًا بانتهاء عقود من التمرد المسلح ضد الدولة التركية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول تركي وصفه للتطورات الأخيرة بأنها «نقطة تحول لا رجوع عنها»، مضيفًا أن «الفرصة باتت سانحة لحماية أرواح الأبرياء وبناء مستقبل خالٍ من الإرهاب»، ومؤكدًا أن أنقرة ستدعم نزع السلاح والمصالحة والاستقرار في المنطقة.
من التمرد إلى السياسة
بموازاة هذه الخطوة، تمضي تركيا قُدمًا نحو تشكيل لجنة برلمانية للإشراف على آليات نزع السلاح وتحول الحزب الكردي المحظور إلى العمل السياسي الديمقراطي.
ويأتي ذلك في أعقاب إعلان الحزب في 12 مايو/أيار الماضي عن حلّ نفسه رسميًا، تلبية لدعوة زعيمه التاريخي عبد الله أوجلان، المسجون منذ عام 1999، والذي أكد في رسالة مصوّرة بثّت الأربعاء أن «الانتقال إلى السياسة الديمقراطية لا رجعة فيه».
وقال أوجلان، البالغ من العمر 76 عامًا، في التسجيل المؤرخ بـ19 يونيو/حزيران: «ينبغي إنشاء آلية لإلقاء السلاح تُسهم في تقدم العملية، وانتهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي»، مشيرًا إلى أن خطوات عملية سيتم اتخاذها بسرعة لتجسيد القرار.
جهود الوساطة.. من إيمرالي إلى البرلمان
وشكّلت وساطة حزب «المساواة وديمقراطية الشعوب»، ثالث أكبر فصيل في البرلمان التركي، أحد أبرز محاور العملية، حيث لعب دورًا في تسهيل التواصل غير المباشر بين الحكومة التركية وأوجلان، المحتجز في جزيرة إيمرالي. ويبدو أن تلك الوساطة أثمرت في تهيئة الأجواء لإطلاق المبادرة بعد سنوات من المحاولات الفاشلة لإحياء مسار السلام.
وقال أردوغان للصحفيين، في طريق عودته من قمة اقتصادية في أذربيجان، إن جهود السلام «ستتسارع أكثر عندما تبدأ المنظمة الإرهابية بتنفيذ قرارها بإلقاء السلاح»، مؤكدًا تفاؤله بأن العملية ستكتمل دون معوقات.
صراع دموي منذ 1984
ومنذ تأسيسه على يد عبد الله أوجلان أواخر سبعينيات القرن الماضي، خاض حزب العمال الكردستاني تمردًا مسلحًا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، مطالبًا بالحكم الذاتي في المناطق ذات الأغلبية الكردية. وأسفر هذا الصراع عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، فضلًا عن خسائر اقتصادية جسيمة وانقسامات مجتمعية وسياسية عميقة داخل تركيا.
وكان الحزب قد أعلن وقف إطلاق النار مطلع مارس/آذار الماضي، بعد دعوة علنية من زعيمه، تمهيدًا للدخول في مفاوضات ترتكز على تسوية شاملة لقضية الأكراد في تركيا.
وطوال السنوات الماضية، تمركز مقاتلو الحزب في مناطق جبلية وعرة شمالي العراق، حيث تحتفظ تركيا بوجود عسكري منذ أكثر من 25 عامًا، بهدف ملاحقة عناصر الحزب. وشنت أنقرة باستمرار عمليات عسكرية برية وجوية في تلك المناطق.
ويبدو أن مراسم تسليم السلاح التي جرت في أحد كهوف الشمال العراقي تمثل نقطة مفصلية تُنهي فعليًا الوجود المسلح للحزب خارج حدود تركيا، وتفتح الباب أمام تسوية سياسية تاريخية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز