"دنب" بعد الخروج الأمريكي.. شبح فرماجو يهدد وحدة النخبة
مع مغادرة القوات الأمريكية من الصومال، تخشى وحدة "دنب" أن تصبح بيدقا سياسيا بيد حكومة وأجهزة الرئيس محمد عبدالله فرماجو.
وعلى مدى سنوات، استثمرت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لتدريب القوة القتالية الوحيدة غير السياسية في الحرب التي يخوضها الصومال ضد حركة "الشباب" الإرهابية.
ومنتصف الشهر الجاري، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب غالبية قوات بلاده من الصومال بحلول أوائل عام 2021، أي قبل رحيله عن السلطة مباشرة.
والآن، ومع خروج المئات من القوات الأمريكية التي درّبت تلك النخبة، يلف القلق عناصر "دنب" ممن هم على رأس عملهم أو السابقين، من أن ضعف الإشراف الأمريكي سيجعلهم عرضة للتدخل السياسي من قبل الحكومة الصومالية التي تمر بمشهد سياسي معقد هذه الأيام.
القوة الوحيدة غير السياسية
مخاوف طالعتها "العين الإخبارية" في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، لعدد من ضباط "دنب" في الصومال، مستذكرة تصريحات سابقة أدلى بها أحمد عبدالله شيخ، القائد الأعلى لـ"دنب" من 2016 إلى 2019: "إذا حاولت الحكومة يوما ما التدخل في القوة بسبب هراء سياسي، فإن الأمريكيين هم من سيقولون لها توقف عن ذلك".
وتجريد القوة من أي صفة سياسية كان شرطا أمريكيا، كما يذكر شيخ، مشيرا إلى أن "واشنطن وضعت شرطا عندما بدأت تدريبهم، بأن يكونوا غير سياسيين".
وأكد شيخ ومسؤولون آخرون أنه على الرغم من أن التدخل السياسي واسع النطاق مع القوة المكونة من 1150 فرد لم يحدث بعد فإن الظروف لإمكانية حصول هذا الأمر مواتية.
قلقٌ عبّر عنه أيضا، ضابط من "دنب" في مدينة جالكايو بوسط الصومال، قائلا إنه قلق على سمعة رفاقه غير السياسيين، منذ الإعلان عن مغادرة الأمريكيين.
وأضاف شريطة عدم الكشف عن اسمه خوفا من الانتقام: "خوفي الأكبر هو فقدان تلك السمعة، وذلك الزخم. الثقة التي يضعها الناس فينا، بأننا نقاتل من أجل بلدنا وليس من أجل سياسي، هذه الأمور هي أكبر نقاط قوتنا".
"الكارثة"
لكن ما إذا تحققت مخاوف هؤلاء، فإن "الخسارة لن تكون أقل من كارثة". كما يصفها الضابط السابق "أنا لا أثق في سياسيينا، تمامًا مثل معظم الناس في الصومال".
ولم يرد وزير الدفاع الصومالي حسن حسين حاجي على طلبات متكررة لواشنطن بوست من أجل التعليق على هذا الموضوع.
على الجانب الآخر، أكدت كريستينا جيبسون، المتحدثة باسم القيادة الأمريكية في أفريقيا، أن جيش بلادها "لن ينهي علاقته المهمة مع دنب، لكن خطط تدريب محددة لا تزال قيد التطوير والتنقيح".
وعلى الرغم من أن سكان الصومال متجانسون عرقيا إلا أنهم منقسمون بين عشائر تتنافس، في كثير من الأحيان بعنف على السلطة السياسية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات التي تم إرجاؤها إلى السابع من الشهر المقبل، نمت الخلافات واتُهم الرئيس محمد عبد الله محمد فرماجو باستبدال مسؤولين والإطاحة بهم بدءا من رئيس وزرائه إلى مديري الانتخابات لتعزيز فرصه في ولاية جديدة.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن قوات "دنب" كانت أكثر نجاحا من الوحدات العسكرية الصومالية الأخرى في قتال "الشباب" بسبب التدريب والمعدات المتفوقة جدا.
غير أن عدد مقاتلي حركة الشباب يفوق عدد قوات النخبة، حيث يعتقد خبراء أن لديها ما يصل إلى 10000 مسلح نشط، وشبكة أوسع بكثير من المخبرين والمؤيدين.
وبينما كثف الجيش الأمريكي حملة الطائرات بدون طيار في السنوات الأخيرة - والتي يؤكد استمرارها رغم "إعادة تموضع قواته في كينيا وجيبوتي، لا تزال حركة "الشباب" تشن هجماتها، وتسيطر على غالبية المناطق الريفية في الصومال.
ووفق تقرير للمفتش العام بوزارة الدفاع، صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني، فإن حركة الشباب ظلت قادرة على مواجهة العمليات الأمريكية، وأن الجيش الصومالي - باستثناء دنب - فشل في مواجهة عملياته بنشاط.
انسحاب "مروع"
ويرى مراقبون أن توقيت الانسحاب الأمريكي "مروع للغاية"، وهو ما وصفه حسين شيخ علي المستشار الأمني السابق للرئيس الصومالي ورئيس معهد Hiraal Institute للأبحاث.
وقال شيخ علي إن "الولايات المتحدة والصومال يمران بفترات انتقالية مماثلة مع انتخابات متنازع عليها واتهامات بعدم الشرعية على أعلى المستويات. في الحد الأدنى ، تخلق هذه الخطوة الفوضى - وكنا بالفعل في حالة من الفوضى".
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز