تجاهلت (خلايا عزمي) التي أعدت الفيلم أن محاولة الانقلاب كانت عملاً قطرياً أصيلاً (غير مجنّس)
لا أرى سبباً واضحاً يدعونا لنفي المغالطات والأكاذيب التي وردت في الجزء الأول من فيلم قناة الجزيرة (ما خفي أعظم)، بل على العكس من ذلك أرى أنه متى ما وجد المجال لإيهام قطر ومرتزقتها بأن ما ورد في الفيلم صحيح فإن ذلك سيكون مفيداً جداً لنا!، الأفضل أن يكون الرد على هذا الفيلم الخيالي وفق منطق (ما ظهر أبسط) فما دامت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين) بهذه البشاعة، فلماذا تتسول قطر في كل عواصم الأرض كي تعيد العلاقات معها؟!، فالمقاطعة في مثل هذه الحالة من صالح قطر واستمرار إغلاق الحدود لعشرة أو عشرين عاماً قادمة يجب أن تكون مطلباً وطنياً قطرياً كي تتخلص من الأذى المزعوم للدول الأربع.
الفيلم بالذات موجه بالأساس للشعب القطري بعد المأزق الكبير الذي وضعتهم حكومتهم فيه، فالحكومة القطرية هنا تريد أن تقول للقطريين إنها كانت مضطرة للقيام بالأفعال المشينة التي قامت بها تجاه الدول الأربع؛ لأن هذه الدول هي التي بدأت الأعمال العدائية وبالتالي فإن كل ما قامت به بعد ذلك هو من قبيل ردة الفعل
لقد حاول الفيلم أن يتجاوز بأن من قام بمحاولة الانقلاب أو (استعادة الحكم) هو أمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد، وأن من أشرف على تنفيذه هو شيخ من أسرة آل ثاني، ومن شارك فيه هم مجموعة كبيرة من الضباط في الجيش والشرطة والاستخبارات ينتمون إلى أعرق العائلات والقبائل القطرية، حيث تجاهلت (خلايا عزمي) التي أعدت الفيلم أن محاولة الانقلاب كانت عملاً قطرياً أصيلاً (غير مجنّس)، وركزت على ما يمكن أن نسميهم بـ(المتعاطفين) أو (المؤيدين) للشيخ خليفة بن حمد وأنصاره من القطريين، كما حاول الفيلم أن يتجاوز ما يمكن أن نسميه بـ(الخصوصية التاريخية القطرية)، فحمد بن خليفة انقلب على أبيه والشيخ خليفة نفسه انقلب على الحاكم الذي قبله، والحاكم الذي قبل الشيخ خليفة خلع الذي قبله، وهكذا إلى ما لا نهاية، فالانقلابات في قطر ليست عملاً سياسياً عدائياً بل هي عادات وتقاليد!.. والأسرة الحاكمة في قطر مع كامل تقديرنا لتاريخها ومكانتها معتادة على مثل هذه الأحداث الدراماتيكية المؤسفة؛ ولا تحتاج تحريضاً من الخارج كي تقوم بمثل هذه الأعمال التي تقوم بها بصورة مستمرة والعودة إلى تاريخ قطر وكيف انتهى عهد كل حاكم كفيلة بإنهاء الجدل حول هذا الموضوع.
في اعتقادي أن هذا الفيلم بالذات موجه بالأساس للشعب القطري بعد المأزق الكبير الذي وضعتهم حكومتهم فيه، فالحكومة القطرية هنا تريد أن تقول للقطريين إنها كانت مضطرة للقيام بالأفعال المشينة التي قامت بها تجاه الدول الأربع؛ لأن هذه الدول هي التي بدأت الأعمال العدائية، وبالتالي فإن كل ما قامت به بعد ذلك هو من قبيل ردة الفعل والدفاع عن النفس، وهذا المنطق حتى لو كان غير صحيح ويعتمد على خلط الأوراق والأكاذيب؛ إلا أنه يخفف من حدة اللوم الصامت الذي يخفيه القطريون داخل نفوسهم، لأن واجبهم يحتّم عليهم الوقوف مع وطنهم دون أن يسألوا (لماذا حدث لنا ذلك؟)، فحاولت السلطة القطرية صناعة إجابة مراوغة لسؤال مواطنيها المؤلم من خلال الادعاء بأن الدول الأربع هي من بدأت بالأذى ما اضطر الحكومة القطرية للتصرف بهذه العدائية طوال السنوات الماضية.
ونعود لنقول ما دامت الأمور بهذه البشاعة التي وردت في الفيلم، فإن زيادة الأقفال على الأبواب المغلقة هو الحل المريح لكل الأطراف وأولها قطر.
نقلاً عن " عكاظ "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة