سوريا تمد غصن الزيتون لترامب.. صفقات وإشارات خضراء

وسط مساعي الحكومة السورية لفتح قنوات اتصال مع دونالد ترامب بتقديم «مغريات» تقفز فوق مطالب واشنطن، بدا الرئيس الأمريكي منفتحًا على إمكانية المضي قدما في إمكانية تخفيف العقوبات على دمشق، في إشارات تلقتها سوريا بترحاب.
فبينما وضعت وزارة الخزانة الأمريكية قرابة 12 شرطا لرفع العقوبات على سوريا؛ بينها استبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الجيش وطرد أكبر عدد ممكن منهم، تعمل دمشق على خطة، تتضمن العديد من المغريات لواشنطن، بينها: بناء برج ترامب في دمشق وتهدئة التوتر مع إسرائيل ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى النفط والغاز السوري، في محاولة من الرئيس السوري أحمد الشرع للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، بحسب مصادر مطلعة لوكالة رويترز.
إشارات خضراء
ورغم أن إمكانية عقد لقاء بين الشرع وترامب على هامش جولة الأخير إلى المنطقة مستبعد، إلا أن الرئيس الأمريكي ألمح إلى إمكان تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لتمكينها من تحقيق «انطلاقة جديدة»، في خطوة رحبت بها السلطات الانتقالية في دمشق.
وقال ترامب في البيت الأبيض: "علينا اتخاذ قرار بشأن العقوبات التي قد نقوم بتخفيفها. قد نرفعها عن سوريا لأننا نريد أن نمنحها بداية جديدة".
وأضاف أنه بحث الأمر مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ترتبط بلاده بعلاقات وثيقة مع السلطة الجديدة.
ورحبت دمشق بتصريحات الرئيس الأمريكي الذي يبدأ الثلاثاء جولة خليجية تشمل السعودية وقطر ودولة الإمارات.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان إن دمشق ترحب بتصريحات ترامب "بشأن إمكانية رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وتعتبرها خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري".
وتابع البيان "رغم أن هذه العقوبات فرضت سابقا على نظام الأسد الدكتاتوري السابق وأسهمت في إنهائه، إلا أنها اليوم تستهدف الشعب السوري مباشرة، وتعرقل مسار التعافي وإعادة الإعمار".
هل يمكن عقد لقاء؟
يحاول جوناثان باس، وهو ناشط أمريكي مؤيد لترامب التقى مع الشرع في 30 أبريل/نيسان لمدة أربع ساعات في دمشق، إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية ترتيب لقاء تاريخي -وإن كان مستبعدا للغاية- بين الرئيسين هذا الأسبوع على هامش زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.
وتكافح سوريا لتنفيذ الشروط التي وضعتها واشنطن لتخفيف العقوبات الأمريكية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية.
ويأمل أنصار توسيع التواصل الأمريكي مع سوريا في أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الرئيس الجمهوري وإدارته تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل.
ويرتكز جزء من هذه الرهانات على سجل ترامب في كسر المحظورات التقليدية للسياسة الخارجية الأمريكية، مثل لقائه بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين عام 2019.
وقال باس: "الشرع يريد صفقة تجارية لمستقبل بلاده"، مشيرا إلى أن هذه الصفقة قد تشمل استغلال الطاقة والتعاون في مواجهة إيران والتعامل مع إسرائيل.
وأضاف "لقد أخبرني (الشرع) بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".
وأشار باس إلى أن الشرع تحدث أيضا عما يراه رابطا شخصيا بينه وبين ترامب: كلاهما تعرّض لمحاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة.
وذكرت الرئاسة السورية أن الشرع تحدث إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الأحد.
وقال مصدر مقرب من الشرع إن لقاء ترامب والشرع لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الشرع تلقى دعوة. وأضاف المصدر "لن نعرف ما إذا كان هذا الاجتماع سيعقد أم لا حتى اللحظة الأخيرة".
من الواضح أن عقد لقاء بين ترامب والشرع خلال زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة أمر غير مرجح على نطاق واسع، نظرا لجدول أعمال ترامب المزدحم وأولوياته والافتقار إلى التوافق داخل فريق ترامب حول كيفية التعامل مع سوريا.
وقال مصدر مطلع على الجهود الجارية إن اجتماعا سوريا أمريكيا رفيع المستوى من المقرر أن يعقد في المنطقة خلال الأسبوع الذي سيزورها فيه ترامب، لكنه لن يكون بين ترامب والشرع.
تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط قال "هناك بالتأكيد مساع جارية"، مضيفا: "الفكرة هي أن الوصول إلى ترامب بشكل مباشر هو أفضل طريق لأن هناك الكثير من أصحاب الأيدولوجيات داخل الإدارة لدرجة يصعب تجاوزهم".
غصن الزيتون
أحد الأهداف الرئيسية لمبادرات سوريا تجاه واشنطن هو توصيل رسالة مفادها أنها لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، التي صعدت من هجماتها الجوية في سوريا مؤخرا.
وأكد الشرع الأسبوع الماضي وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بهدف تهدئة التوترات. وفي مسعى منفصل، قال باس إن الشرع طلب منه نقل رسائل بين سوريا وإسرائيل ربما أدت إلى لقاء مباشر بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين.
لكن إسرائيل استأنفت الضربات سريعا، بما في ذلك ضربة بالقرب من القصر الرئاسي، والتي اعتبرتها رسالة إلى حكام سوريا لحماية الأقلية الدرزية في البلاد وسط اشتباكات مع المسلحين السنة.
وأضاف باس أن "الشرع أرسل غصن زيتون للإسرائيليين، وأرسلت إسرائيل الصواريخ".
وقال "نريد من ترامب المساعدة في ترتيب هذه العلاقة".