الشاحنات بدون سائق.. ثورة في السوق العالمي لنقل البضائع

لسنوات عديدة، كان الاستخدام المحتمل الأكثر طموحا لتقنية القيادة الذاتية هو خدمات طلب سيارات الأجرة في المدن الكبرى.
وتخوض شركتا تسلا ووايمو منافسة شرسة مع منافسين صينيين مثل بي واي دي وبايدو على الإطلاق الشامل لسيارات الأجرة الآلية.
ولكن خلف هذا السباق البارز، برزت شاحنات النقل الثقيل بهدوء كساحة معركة مهمة أخرى لتقنية القيادة الذاتية.
وفي أبريل/نيسان، تخطط شركة "أورورا إنوفيشن" الأمريكية، بالشراكة مع فولفو وأوبر وفيديكس، لنشر ما يصل إلى 10 شاحنات ذاتية القيادة تجاريًا لنقل البضائع بين دالاس وهيوستن.
وقد تحدث تقنية القيادة الذاتية اضطرابا هائلا في سوق عالمية للشحن البري، تبلغ قيمتها 4.6 تريليون دولار، والتي تعاني من ضغوط ناجمة عن نقص سائقي الشاحنات، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الخدمات اللوجستية وحجم الطرود عبر الإنترنت.
كيف تعمل هذه التقنية؟
وتقول فايننشال تايمز، إن الشاحنات ذاتية القيادة يتم تجهيزها بمجموعة من أجهزة الاستشعار وأنظمة الرادار والكاميرات لتوفير رؤية شاملة للمحيط حول السيارة، للكشف عن المشاة والعوائق الأخرى، حتى في ظل الظروف الجوية الصعبة.
كما تدمج هذه الأجهزة مع نظام ذكاء اصطناعي يُحلل ملايين نقاط البيانات لتعلّم مسارات جديدة وتجاوز العوائق.
وتسعى الشركات الناشئة في هذا المجال - بما في ذلك أورورا وكودياك روبوتيكس وإينرايد - إلى تحقيق "المستوى الرابع" من الاستقلالية في القيادة الذاتية، والذي يتضمن قيادة المركبات ذاتية القيادة دون وجود أي شخص خلف عجلة القيادة في مناطق محدودة مسبقا.
وفي حين أن التقنيات المستخدمة تُشبه تلك المستخدمة في سيارات الأجرة الآلية، إلا أن مؤيدي الشاحنات ذاتية القيادة يقولون إنها أسهل في التطوير، نظرا لعدم تصميمها للاستخدام في المدن الحضرية المزدحمة حاليًا.
وستقضي هذه الشاحنات معظم وقتها على الطرق السريعة، ناقلةً البضائع من موقع إلى آخر باستخدام نفس المسارات في الغالب.
ما مدى تطور التكنولوجيا؟
في عام 2019، أصبحت شركة "إينرايد" السويدية الناشئة أول شركة عالمية تطلق شاحنة ذاتية القيادة بالكامل على طريق عام.
ويقول روبرت فالك، مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، إن الشركة تمتلك بالفعل قدرات تكنولوجية لنشر أنظمة ذاتية القيادة بالكامل على نطاق واسع، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى وضع عوامل أخرى - مثل اللوائح التنظيمية وجاهزية العملاء - قبل أن يتم تطبيقها على نطاق واسع.
وفي حين أن نظامها مستقل بالكامل بالفعل، إلا أن "إينرايد" لديها حاليًا عمال يراقبون الشاحنات عن بعد ويساعدون في حل أي مشاكل.
ويقول فالك، "إذا نظرت إلى المصانع والمستودعات، فنحن جميعًا نطبق النقل الذاتي، ورؤيتي وطموحي هو البدء في نشر ذلك خارج تلك البيئة وإنشاء نظام نقل كهربائي ذاتي القيادة يضاهي ما نقوم به بالفعل".
وتختلف اللوائح التنظيمية أيضًا باختلاف الأسواق، ففي الولايات المتحدة، تسمح 39 ولاية، صراحة أو ضمنا، بنشر الشاحنات ذاتية القيادة، وفقًا لأورورا، ولكن لا توجد لوائح اتحادية تنظم استخدام الشاحنات ذاتية القيادة.
ووضع الاتحاد الأوروبي أيضًا إطارًا قانونيًا للمركبات ذاتية القيادة بالكامل في عام 2022، إلا أن استخدام هذه المركبات يقتصر في الغالب على المسارات المعتمدة فرديًا والنقل بين المراكز.
وتختلف اللوائح أيضا باختلاف كل دولة، وصرح نيلز جاغار، رئيس شركة فولفو للحلول الذاتية، "سيكون من الأفضل بكثير وجود مجموعة قواعد واحدة".
من هم الرابحون والخاسرون؟
وتقدر شركة ماكينزي الاستشارية أن سوق الشاحنات الثقيلة ذاتية القيادة سيحقق إيرادات بقيمة 616 مليار دولار في عام 2035، منها 327 مليار دولار من الصين، و178 مليار دولار من الولايات المتحدة، و112 مليار دولار من أوروبا.
ويقول منتقدو المركبات ذاتية القيادة إنه سيتم استبدال السائقين البشر، بينما يقول المؤيدون إن الشاحنات ذاتية القيادة ستعالج نقصًا خطيرًا في العمالة في هذه الصناعة من خلال العمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وفي الولايات المتحدة، يعاني هذا القطاع من نقص يزيد عن 80 ألف سائق، وهو رقم من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030، وفقًا لجمعيات النقل بالشاحنات الأمريكية (ATA).
وفي أوروبا، هناك أكثر من 200 ألف وظيفة شاغرة لقيادة الشاحنات، ومن المرجح أن يرتفع هذا العدد إلى 745 ألف وظيفة بحلول عام 2028، وفقًا لماكينزي.
وترتفع تكاليف النقل أيضًا بسبب ارتفاع أجور السائقين وتكاليف الوقود، بينما من المرجح أن يستمر حجم الشحن في النمو.
aXA6IDE4LjIxOC4xNjguMzcg جزيرة ام اند امز