تصعيد فوق موسكو ومبادرة في جدة.. أوكرانيا تختبر الخيارات

بتصعيد في سماء العاصمة الروسية موسكو، وبمبادرة لوقف إطلاق النار، تدخل أوكرانيا محادثات مع وفد أمريكي، في مدينة جدة السعودية، تأمل منها كييف أن تستعيد دعم البيت الأبيض.
وقبيل تلك المحادثات المقررة بين وفدين أوكراني وأمريكي بشأن الحرب في أوكرانيا، صعدت كييف من هجماتها بالطائرات المسيرة، مستهدفة العاصمة الروسية موسكو.
وقال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين إنّ «هجوما ضخما» بعشرات الطائرات الأوكرانية المسيّرة استهدف العاصمة الروسية.
وأوضح سوبيانين في منشور على تليغرام أنّه «تمّ حتى الآن اعتراض ما لا يقلّ عن 58 طائرة بدون طيار كانت متّجهة إلى العاصمة الروسية التي نادرا ما تمّ استهدافها بشكل مباشر منذ بدأ الجيش الروسي عمليته العسكرية بأوكرانيا قبل أكثر من ثلاث سنوات».
وأشار إلى إسقاط الطائرات المسيرة فوق منطقتي رامينسكوي ودوموديدوفو. وتبعد المنطقتان نحو 40 كيلومترا إلى الجنوب والجنوب الشرقي من الكرملين، مؤكدًا أنه «وفقا للمعلومات الأولية، لم تقع أضرار أو إصابات».
وأعلنت هيئة مراقبة الطيران تعليق الرحلات الجوية في مطاري جوكوفو ودوموديدوفو لضمان سلامة الطيران في أعقاب التقارير عن الهجمات.
وقف النار
يأتي ذلك، فيما تعرض أوكرانيا على الولايات المتحدة خلال محادثات تجري بين الطرفين في جدة الثلاثاء خطة لوقف إطلاق نار جزئي مع روسيا، في مبادرة تأمل منها كييف أن تستعيد دعم البيت الأبيض الذي يطالبها، منذ عاد إليه الرئيس دونالد ترامب، بتقديم تنازلات مريرة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وستكون المحادثات في السعودية اللقاء الأكثر أهمية منذ المشادة الكلامية الصادمة في البيت الأبيض في 28 فبراير/شباط، عندما وبّخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب ما اعتبره نكرانا للجميل الأمريكي.
وزيلينسكي، الذي أرسل -مذاك- رسالة اعتذار إلى ترامب، سافر إلى مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر للقاء وليّ عهد السعودية لكنه ترك المحادثات مع الأمريكيين لثلاثة من كبار مساعديه.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي سينضم إليه في المحادثات مستشار الأمن القومي لترامب مايك والتز، إن تعليق المساعدات «شيء آمل أن نتمكن من حلّه» في محادثات الثلاثاء.
وأضاف الوزير الأمريكي: «نأمل أن يكون لدينا اجتماع جيد وأخبار جيدة لنبلغكم بها».
ومنذ المشادة بين ترامب وزيلينسكي، علّقت واشنطن المساعدات العسكرية لأوكرانيا وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والوصول إلى صور الأقمار الصناعية في محاولة منها لإجبار كييف على الجلوس على طاولة المفاوضات.
ومذّاك، صعّدت موسكو من هجماتها وضربت بقوة البنية التحتية الأوكرانية واستعادت قرى في منطقة كورسك الروسية التي استولت عليها أوكرانيا في محاولة منها للحصول على ورقة مساومة في أي مفاوضات بين الطرفين.
وقال روبيو إن الولايات المتحدة لم تقطع المعلومات الاستخباراتية عن العمليات الدفاعية.
وغادر زيلينسكي البيت الأبيض دون التوقيع على اتفاق طالب به ترامب من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى قدر كبير من الثروة المعدنية في أوكرانيا كتعويض عن إمدادات الأسلحة السابقة.
وقال زيلينسكي إنه لا يزال على استعداد للتوقيع، رغم أن روبيو قال إنّ الأمر لن يكون محور محادثات الثلاثاء.
أجبر على التنازل
وفي الاجتماع الشهير في البيت الأبيض، رفض زيلينسكي أن يسكت أمام الانتقادات التي وجّهها إليه نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس، إذ تساءل الرئيس الأوكراني عن السبب الذي سيدفعه للوثوق بوعود روسيا. لكن بمواجهة ضغوط الولايات المتحدة، ستعلن أوكرانيا في محادثات جدة تأييدها وقف إطلاق نار محدودا.
وقال مسؤول أوكراني لـ«فرانس برس» طالبا عدم نشر اسمه: «لدينا اقتراح لوقف إطلاق النار في الجو ووقف إطلاق النار في البحر، لأنّ هذين هما خياران لوقف إطلاق النار يسهل تطبيقهما ومراقبتهما ومن الممكن البدء بهما».
من جهته، قال روبيو إنّ إدارة ترامب ستكون على الأرجح مسرورة بمثل هكذا اقتراح. وصرّح الوزير الأمريكي للصحافيين: «لا أقول إن هذا الأمر وحده يكفي، لكنه نوع من تنازل ضروري بهدف وضع حدّ للنزاع».
وتابع: «لن تحصل على وقف إطلاق النار ونهاية لهذه الحرب ما لم يقدم الجانبان تنازلات».
وقال روبيو: «من الواضح أنه سيكون من الصعب للغاية على أوكرانيا في أي فترة زمنية معقولة إجبار الروس على العودة إلى حيث كانوا في عام 2014».
العودة إلى روسيا
كما قال روبيو إنه لا يتوقع الجلوس في جدة مع الأوكرانيين بينما هم «يرسمون خطوطا على الخريطة» نحو اتفاق نهائي. لكنّ وزير الخارجية الأمريكية شدّد على أنه سينقل هذه الأفكار إلى روسيا.
والتقى روبيو ووالتز الشهر الماضي، أيضًا في السعودية، مع نظرائهم الروس، ما أنهى ثلاث سنوات من تجميد الاتصالات الرفيعة المستوى التي فرضها الرئيس السابق جو بايدن بعد أن تحدّت روسيا التحذيرات الغربية وشنّت عمليتها العسكرية بأوكرانيا.
كما هدّد ترامب الأسبوع الماضي بمزيد من العقوبات ضد روسيا لإجبارها على الجلوس على طاولة المفاوضات بينما نفذت ضربات على أوكرانيا. لكنّ التحول المفاجئ لترامب في السياسة الأمريكية أذهل العديد من الحلفاء.
aXA6IDMuMTQyLjE5NS41NSA= جزيرة ام اند امز